2 جمادى الثانية 1438

السؤال

أود أن أطرح مشكلتي وأخذ استشارتكم لأني أثق بكم.. أنا بنت عقد قراني على ابن عمي، عمري25 سنة، وذلك منذ ثمان سنوات ولا أدري والدته تريدني أو لا؛ حيث كان عمري 17 سنة وكنتُ سعيدة جدًّا بِهذا الشَّخص، ولكن بعد عدَّة أيَّام من خطبتي أحسستُ أني غير مرتاحة تمامًا مع خطيبي هذا، على الرَّغم من أنَّ هذا الشَّخص محترم وطيب القلب وعلى خلُق، ولكني أحس أني سأكون غير سعيدة.. وقد تأخرت في الدراسة بسبب الرسوب في المواد حيث إن لي 7 سنوات ولم أتخرج وهذه مشكلة أود طرحها فيما بعد.....

نشأت في أسره متوسطه الحال وزواجي بعد 6 شهور في عيد الفطر وأهلي وافقوا عليه مباشرةً؛ خوفا من أن يذهب أو أبقى عانسا أو لا يتقدم لي أحد، هكذا تفكير أهلي، وبسبب إلحاحهم وافقت وهو في الحقيقة كل بنت تتمناه، ولأنهم رأوا أن مثله لا يرد، بل فرحوا كثيراً لأنه طيب القلب، وقد يكون فعلاً يريدني، إلا أنني لا أرى منه شيئاً يجعلني أنجذب إليه، إلا أنه جميل وذو خلق وكل صفة جميلة فيه التي تتمناه أي فتاة وقد أعطيه عذراً كون مجتمعنا متديناً ومحافظين على العادات والتقاليد قليلا، لأنه لا يتصل بي أو يزورني مع إنه عندنا عادي أن من تملك يزور، ولكن المكالمات لا، والمشكلة أنني لا أشعر بميل عاطفي تجاه خطيبي؛ وأكون متضايقة جداً؛ لأنه لا يسأل عني ولكني أخاف في المستقبل من كوني لا أحبه، وأخاف أن تفشل حياتي معه، مع العلم أني أكره الفشل، وأخاف منه وأعرف أن الزواج نصيب، وقد تضرعت ولجأت إلى الله كثيراً وقمت بالاستخارة.. لا أعرف كيف يُفَكِّر؟ وكيف لا يعايدني في العيد! كلَّمتُ والدي ووالدتي في هذا الموضوع، يقولون لي: لا ينفع أن نترك شخصًا مثل هذا، محترم ولم يصدر منه أي شيء يجعلنا نتركه. أحيانًا لا أجده لفترات، يختفي فجأة، فلا يتكلم، ولا يسأل، ولا يرسل لي شيئًا، وعندما يظهر يقول: كنتُ مشغولاً، وإذا سألته عن السبب لا يبرر غيابه بشيء، ويكتفي بقول: كنتُ مشغولاً، أنا لا أريد أن يكلمني 24 ساعة، لكني أريد أن أشعر أنه معي في حياتي،.... أنا لا أحس بالحب اتجاهه هل يمكن أن أحبه بعد الزواج؟ أم أستخير ومن ثم أنفصل عنه؟ فزواجي قريب وأخاف إذا تركته أن أندم على ذلك خصوصاً أنه جميل وخلوق وألف بنت تتمناه... انصحوني أفيدوني جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
وليد قاسم

الجواب

 

أختي الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بداية نشكر لك اختيار موقع المسلم ونتمنى أن يكون دليلاً لك إلى كل خير...

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين..

 

قرأت مشكلتك، وظهر لي منها مدى استيائك النفسي من عدم تواصل واهتمام هذا الخطيب العاقد عليك والذي وصفتيه بأفضل الأوصاف..

 

وأخشى ألا تكون هناك مشكلة تشتكين منها بالأساس أختي الكريمة، وأن الأمر يقتصر على هواجس داخلية عندك ومشاعر نفسية متذبذبة غير قائمة على أساس واقعي.

 

المشاعر والهواجس لا يمكن أن يقوم عليها عمل ولا قرار، خصوصاً تلك القرارات المهمة التي تصحبنا آثارها سنين طويلة.

نعم القبول شيء أساس في الارتباط، لكنك ذكرت أن القبول قد تم بينكما منذ فترة، فلم يعد هناك إشكال.

 

كثير من الفتيات يتأثرن بالظواهر، ويتصورن الحياة هكذا بحسب تصورهن، ولا يعرفن أن الحياة خبرات متراكمة ومعان متعاضدة، وأن المرء لا يقيم حياته بهكذا تقييم..

 

أختي الكريمة:

لا شك أن اختيار الزوج من الأمور ذات الأهمية البالغة لكل فتاة مقبلة على الزواج؛ حيث إن الاختيار الموفق سيجعل الأسرة سعيدة وسينشئ بيتاً مطمئناً تسوده المحبة والمودة والألفة والرحمة.

هذا البيت المطمئن السعيد سيكون لبنة صالحة من لبنات بناء المجتمع الصالح.

 

وقد بيَّن لنا نبينا صلى الله عليه وسلم معيار اختيار الزوج في قوله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير". رواه الترمذي.

 

وقد شهدت أنت أن هذا الشخص – وهو ابن عمك - محترم وطيب القلب وعلى خلُق.. فلماذا هذا الهاجس والتخوف من عدم نجاح الزواج أو أنه لن تكون هناك مودة ومحبة بينكما بعد الزواج..؟

 

فالمعاشرة بالمعروف بينكما في حياتكما تزيد الألفة والمحبة الحقيقية، وبها تقوى العلاقة وتزداد بإذن الله تعالى؛ فأبعدي عنك هذا الهاجس..

 

وكذلك ذكرت أن أهلك موافقون عليه.. فلا تغفلي رأيهم ومشورتهم خاصة أنهم أقرب الناس إليك وأحرص الناس على ما فيه مصلحتك؛ فلو كانوا يرون أنه غير صالح لك لما أقدموا على قبوله والموافقة عليه، وبالفعل قد تم عقد قرانكما فلا تفسدي فرحتكم التي قربت بسبب هذه الوساوس التي لا أساس لها من الصحة..

 

أما عن مشكلة عدم إكمالك لتعليمك وتأخرك في دراستك.. فكم من الفتيات تزوجن ولم يكملن دراستهن وأكملنها في بيوت أزواجهن، ويكون ذلك بالحكمة وبالتنسيق بين الدراسة ومتطلبات البيت بل أحياناً يكون دافعاً للتفوق.. فاستعيني بالله واسألي الله أن يوفقك في حياتك المقبلة..

 

وفيما يخص شكواك عن قلة تواصله معك؛ فهنا نود أن ننوه لأمر مهم وهو أنه إذا كان قد تم عقد زواجكما فلا إشكال في التواصل فيما بينكما، أما إن كانت مجرد خِطبة دون عقد؛ فمن الطبيعي عدم التواصل بينكما فما زلتِ أجنبية عنه.

 

وكم من تواصل بين الجنسين في فترة الخطبة وقبل العقد (المِلْكَة) كانت نتيجته سلبية وبالأخص إذا كان التواصل في الحب والعاطفة، بل ننصحك بألّا يكون هناك أي (تواصل غير شرعي) في تلك الفترة.

 

ولعلك – أختي الكريمة – تلتمسين له العذر لانشغاله كما ذكر لك، وكذلك بإمكانك أن تلمحي له بأسلوب لطيف عبر رسالة مثلاً أنك تريدين منه الاهتمام بك أكثر وأن يطمئن عليك بين فترة وأخرى..

 

وختاماً.. الجئي إلى الله وتضرعي بين يديه وألحي عليه في الدعاء أن يبارك لك في هذا الزواج وأن يشرح صدرك وقلبك لزوجك وأن يتمم لكما على خير وأن يوفقكما لما فيه خيري الدنيا والآخرة.

ولا يفوتنا أن ندعو الله بأن يبارك لكما ويبارك عليكما ويجمع بينكما في خير.