أصبح التآمر الدولي على الشعب السوري ظاهرا للعيان بشكل واضح فإما أن يرضخ هذا الشعب لحكم الطاغية بشار الأسد ومليشياته ومرتزقته وتُترك البلاد نهبا لإيران وروسيا أو يقتل هذا الشعب وينكل به ويترك محاصرا مشردا في الصقيع لا يجد طعاما ولا شرابا ولا مأوى...
هذا هو الخيار الذي تصر القوى الكبرى والمؤسسات الدولية على طرحه على الشعب السوري في ظل أزمته المتصاعدة والتي أضحت حديث وسائل الإعلام المحلية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي حيث نسمع شهادات مروعة ونرى صورا وفيديوهات توثق مأساة شعب أراد له العالم أن يباد دون أن تُتخذ أي إجراءات لإنقاذه بذرائع واهية...
العجيب أن من يحكي لنا اليوم عن مآسي الشعب السوري ويسرد لنا تفاصيل معاناته هي أكبر منظمة دولية معنية بالدفاع عن المدنيين وتضم في عضويتها كافة دول العالم ومع ذلك تقف ساكنة تشكو دون أن تتدخل مثلها مثل الضحايا السوريين من النساء والأطفال تماما...
إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يشكو من صعوبة إيصال المساعدات للمحتاجين السوريين، بينما أكدت ممثلة منظمة اليونيسيف في سوريا أن عدد المشردين في حلب بلغ 31 ألفا...وتحدث بان كي مون خلال مؤتمر صحفي في فيينا عن وصول مشاهد "تنفطر لها القلوب من مدينة حلب"، لافتا إلى أنهم مستمرون في مساعي إيصال المساعدات من أجل إنقاذ الأرواح في المناطق المحاصرة، "لكن القيام بذلك صعب جدا في ظل أوضاع الحرب"....
من جانبها، وصفت ممثلة منظمة اليونيسيف في سوريا الوضع في شرق حلب بأنه متدهور للغاية، مضيفة أن حجم الدمار هائل وأن صوت القصف والانفجارات على أشده...
هذه مأساة السوريين بعيون الأمم المتحدة فما بالك بالواقع بعيون أصحابه حيث أكد رئيس المجلس المحلي في حلب أن أكثر من 800 شخص قتلوا وأصيب ما بين ثلاثة آلاف و3500 في شرق حلب المحاصر في الأيام الستة والعشرين الماضية بينما ينتظر باقي المدنيين المحاصرين حكما فعليا بالإعدام...وقال بريتا حاجي حسن "اليوم 150 ألف شخص مهددون بالإبادة. ندعو لوقف القصف وتوفير ضمانات بالمرور الآمن للجميع".. في الوقت نفسه شكا نازحون سوريون من عدة مناطق من الظروف الصعبة التي يعيشون فيها وعدم وجود المستلزمات الضرورية للحياة, وأكدوا أنهم فروا من القتل بالرصاص إلى القتل جراء البرد والصقيع والجوع...
حتى الآن لا يوجد قرار دولي لوقف هذا الدمار والقتل والإبادة ومجلس الأمن يخضع لرغبات روسيا والصين ويرفض فرض أي قرار لوقف إطلاق النار وإنقاذ المدنيين والأمم المتحدة مكتوفة الأيدي...ليس هذا فحسب فلقد كشفت صحيفة واشنطن بوست عن أن مجلس النواب الأميركي أقر مشروع قانون يتيح لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إرسال صواريخ أرض- جو مضادة للطائرات إلى فصائل المعارضة في سورية. وأضافت الصحيفة أن مشروع القرار يشكل تحولا ملحوظا عن القرارات السابقة، ولكن الخارجية الأميركية من جهتها, أكدت أنّ الولايات المتحدة لا تنوي توريد صواريخ مضادة للطيران تطلق من على الكتف لثوار سوريا. وقال نائب المتحدث باسم الوزارة مارك تونر "بغض النظر عما إذا تم تبني هذا القانون أم لا، فقد أعلنا بوضوح عدم نيتنا توريد أسلحة قاتلة للمعارضة في سوريا"، مشيراً إلى "أنّ الإدارة الأميركية أعلنت مراراً أن "أطرافاً معنية أخرى أعربت عن رغبتها في تسليح مقاتلي المعارضة أو قامت بتسليحهم".
وجدّد الدبلوماسي الأميركي تمسك واشنطن بالبحث عن تسوية الأزمة السورية بطرق سلمية سياسية, على حد قوله...
واشنطن ترى مليشيات الأسد مدعومة بالحرس الثوري الإيراني وروسيا يدكون المدنيين وترفض أن تمنح الثوار صواريخ تتصدى لطائرات العدوان الغاشم بحجة أنها تسعى لتسوية سياسية! أليس هذا هو العبث بعينه؟!..
كيف ستجبر الأسد وحلفاءه على التسوية السياسية وهم يشعرون أنهم في وضع قوي على الأرض؟! ألم يختبر المجتمع الدولي الأسد في جنيف 1 و2 من قبل دون فائدة؟!..
الواضح أن الدول الكبرى سلمت الشعب السوري لذابحيه واكتفت هي بالشكوى والأنين والبكاء في أجهزة الإعلام مع الترويج لشعارات جوفاء عن التسوية التي لن تحدث إلا على جثث بقية السوريين.