التحديات أمام القمة الخليجية
7 ربيع الأول 1438
خالد مصطفى

تنطلق اليوم الثلاثاء في العاصمة البحرينية المنامة القمة الـ 37 لدول التعاون الخليجي في ظل تحديات كبيرة تشهدها المنطقة ككل ودول الخليج بصفة خاصة..

 

وتعلم دول الخليج جيدا حجم هذه الظروف كما تعي أنها استثنائبة وغير مسبوقة في تاريخها وهو ما اتضح من التصريحات التي أدلى بها عدد من المسؤولين قبيل انطلاق القمة...

 

فقد أكد وزير الإعلام البحريني، علي بن محمد الرميحي، على أن قمة المنامة "تمثل لبنة إضافية في صرح المنظومة الخليجية القوية والمتماسكة على طريق الانتقال نحو الاتحاد الخليجي"...

 

وأضاف الرميحي، أن القمة ستناقش "تعزيز العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات السياسية والدفاعية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وتعميق المواطنة الخليجية، وتشكيل هيئة مشتركة لتفعيل التعاون في الملفات الاقتصادية والتنموية نحو مزيد من الإنجازات التكاملية والوحدوية"....ولفت إلى أن القمة "ستبرز المواقف الخليجية الموحدة إزاء القضايا الإقليمية والدولية، في سياق حرص دول المجلس على أمن واستقرار الدول العربية ووحدة وسلامة أراضيها، وتعزيز الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وتضافر الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، بجميع صوره وأشكاله، وتجفيف منابعه المالية والفكرية، باعتباره ظاهرة دولية خطيرة عابرة للحدود الوطنية، ولا دين لها"...

 

كما أفاد بأن"الأوضاع في اليمن والتدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية من البنود المحورية على أجندة القمة الخليجية، لارتباطها بالأمن القومي الخليجي".....

 

بالنظر إلى هذه التصريحات وغيرها يتضح بجلاء وجود عدة قضايا شائكة وصعبة أمام هذه القمة لا بصلح معها التأجيل, وعلى رأس هذه القضايا الأوضاع الاقتصادية التي لم تكن ذات أهمية كبرى في العديد من القمم السابقة ولكن مع تدهور أسعار النفط التي تعتمد عليه دول الخليج في اقتصادها والظروف المضطربة المحيطة بها أدى ذلك إلى أزمة حقيقة تحتاج إلى تعاون وتدارس للخروج منها خصوصا مع إعلان بعض دول الخليج عن اقتراضها من الخارج لأول مرة وإطلاق برامج تقشفية لسد العجز في الموازنات ومن هنا كانت أهمية طرح فكرة الوحدة الكاملة بشكل جدي بغض النظر عن تحفظ إحدى الدول...

 

ومن القضايا الرئيسية أيضا؛ الأمن الداخلي بهذه الدول ومكافحة المخططات التخريبية التي تقودها دول إقليمية لها أذرع متعددة تريد العبث باستقرار دول الخليج وبث الفتنة داخلها ونشر الطائفية البغيضة من أجل بسط سيطرتها وإعادة رسم خريطة القوى في المنطقة تبعا لمصالحها التوسعية, وهي في ذلك تجد دعما خفيا من دول كبرى ترى أن دول الخليج لم تعد تلبي لها ما تطمح إليه..لقد كشفت العديد من دول الخليج في الفترة الماضية عن خلايا إيرانية تخطط لهجمات بعضها حدث بالفعل والبعض الآخر كان في طريقه للحدوث وهو ما يشير إلى أن العدو واحد ومعروف ويحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون الكامل وتبادل المعلومات من اجل فضحه وإحباط مخططاته والقضاء على عملائه المتخفين والظاهرين...

 

كذلك تأتي القضايا الإقليمية وعلى رأسها ما يجري في سوريا واليمن على قائمة الأولويات فالموقف الخليجي في اليمن كان حاسما تماما وأجهض سقوط هذه الدولة في أيدي المليشيات الطائفية وهو ما كان قاب قوسين أو أدنى وساعتها كانت سياسة الأمر الواقع ستفرض نفسها كما حدث من قبل في فلسطين وكما تقف مؤسسات المجتمع المدني تشاهد ما يجري في فلسطين دون أن تحرك ساكنا كان سيحدث ذلك في اليمن.. الوضع الحالي في اليمن أصبح حرجا ويحتاج لمزيد من التوحد والحسم لأن الميل الدولي لكفة الحوثيين أصبح واضحا وهو ما يلقي بتبعات ضخام على دول الخليج التي ستكون أول المتأثرين بما ستؤول إليه الأوضاع في اليمن...

 

أما الملف السوري فلا شك أن ما يجري بحلب والأزمة التي تتعرض لها الثورة السورية جراء تكالب العديد من القوى الإقليمية والدولية ضدها يجعل هذا الملف في غاية الخطورة؛ فدول الخليج موقفها واضح من ضرورة إزاحة الأسد من سدة الحكم وكان هذه موقف معظم الدول الكبرى في البداية ولكن رويدا رويدا أصبحت هذه الدول تقدم ما يسمى "بمكافحة الإرهاب" على التصدي لنظام الأسد بل أعلنت صراحة أن الاسد قد يكون شريكا لها في هذه الحرب بما يعني أن الأسد تحول من عدو إلى صديق وهو ما يضع دول الخليج في مأزق بين التزاماتها في "مكافحة الإرهاب" وبين إصرارها على الإطاحة بنظام الأسد ودعم الثوار الذين يواجهون ظروفا صعبة لإجبارهم على الانسحاب والتسليم بشروط سلطة الأسد ومليشيات إيران وروسيا..

 

قد لا تكون هذه جميع الملفات الهامة أمام القمة ولكن تبقى هي الأهم والأخطر والتي تحتاج لقرارات حازمة وواقعية.