مأساة مسلمي ميانمار
25 صفر 1438
خالد مصطفى

حالة من الأسى والوجع تهز المسلمين في شتى أنحاء العالم كلما سمعوا عن ميانمار وما يجري فيها من قتل واغتصاب وتهجير وتجويع للمسلمين..

 

ورغم أن الحالة ممتدة منذ سنوات طويلة إلا أنها كانت خفت قليلا بعد انتخاب حكومة جديدة مدنية في البلاد حيث كانت عمليات الإبادة تتم بشكل متباعد وخفي ووسط تعتيم واسع في محاولة من الحكومة الجديدة لإعطاء صورة مختلفة لكسب تعاطف العالم الذي كان يقف موقفا حادا من الحكومة العسكرية لأمور بعيدة في حقيقتها عن مأساة المسلمين واضطهادهم والدليل على ذلك أن الغرب رفع العقوبات عن ميانمار وطبّع العلاقات معها دون أن يتم تحقيق تقدم حقيقي في ملف المسلمين..

 

الآلاف من مسلمي ميانمار هجروا ديارهم وتجهوا إلى بلاد مجاورة مثل بنجلاديش وتايلاند وماليزيا والكثير منهم غرق في البحر جراء الأمواج العاتية ومن وصل إلى هذه الدول تعرض لمعاملة سيئة وتم وضعه في مخيمات تفتقد لأبسط مقومات الحياة الكريمة...

 

وقد حاول الناشطون من مسلمي ميانمار في الخارج أن ينقلوا ما جرى للعالم إلا أن الاستجابة كانت غاية في الضعف وظل الحال كما هو حتى تفجرت منذ أشهر موجة عاتية أخرى من الذبح والتعذيب والتنكيل ضد مسلمي الروهينغيا وقادت الحملة هذه المرة بشكل علني قوات من الجيش والشرطة بعد أن كانت في السابق تكتفي هذه القوات بحماية العصابات البوذية المتطرفة حتى تزعم أن ما يجري هو اشتباكات طائفية وتبرئ نفسها من جرائم الإبادة..

 

وقد ادعت قوات الجيش والشرطة في ميانمار أنها قامت بحملتها العسكرية في مناطق المسلمين لمطاردة مسلحين من المسلمين قتلوار رجالا من الشرطة في وقت سابق وإذا صحت هذه المزاعم فما ذنب المدنيين الأبرياء والنساء والاطفال فيما فعله بعض المسلحين؟! ولماذا لم تقم قوات الجبش والشرطة بحملة مماثلة على مناطق البوذيين بعد أن قتلت وهجرت عصابات متطرفة الآلاف من المسلمين في وقت سابق؟!..

 

لقد فضحت صورا تم التقاطها بالأقمار الصناعية جرائم حكومة ميانمار ضد المسلمين العزل حيث ظهرت مشاهد مروعة لحرائق طالت منازل المسلمين كما بث نشطاء صورا للقتلى المدنيين من المسلمين ونقلت وكالات الأنباء العالمية شهادات مروعة لنساء تحدثن عن تعرضهن للتحرش الجنسي والاغتصاب من قبل جنود في الجيش..لقد استيقظت أخيرا المؤسسات الدولية وأصدرت تقاريرا تكشف حجم ما يشهده المسلمون من ظلم على أيدي الحكومة وأكد مسؤول بارز في الأمم المتحدة بشكل صريح لأول مرة على أن ميانمار تسعى إلى إجراء تطهير عرقي والتخلص من أقلية الروهينغا المسلمة على أراضيها...

 

وقال جون ماكيسيك، الذي يعمل في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن القوات المسلحة تقتل الروهينغا في ولاية راخين وتجبر الكثيرين على الفرار إلى بنغلاديش المجاورة.

 

وأضاف ماكيسيك، رئيس مفوضية اللاجئين في بلدة كوكس بازار الحدودية البنغلاديشية، إن جيش ميانمار وشرطة حرس الحدود "يشاركون في عقاب جماعي لأقلية الروهينغا "..وتابع ماكيسيك أن قوات الأمن "قتلت رجالا بالرصاص وذبحت أطفالا واغتصبت نساء وأحرقت المنازل ونهبتها وأجبرت هؤلاء على عبور النهر" إلى بنغلاديش....

 

بعد هذه الشهادة الدولية على ما يجري في ميانمار ماذا تنتظر الأمم المتحدة حتى تقوم بفرض عقوبات على حكومة ميانمار وإرسال قوات لحماية المسلمين فيها؟ أم أن هذه القرارات الحاسمة والسريعة تقتصر فقط على حماية "المسيحيين" ؟! ..

 

لقد خرجت مظاهرات في عدة دول إسلامية تندد بما يجري في ميانمار وبالموقف المتخاذل للمجتمع الدولي تجاه الأحداث التي تجري هناك وطالبت حكام المسلمين باتخاذ مواقف رادعة لحماية مسلمي ميانمار.. وحتى هذه اللحظة لم نر أي قرارات إيجابية بهذا الصدد والسؤال الذي يتردد على الألسنة إلى متى يظل المسلمون يذبحون في كل مكان دون رادع للجناة؟!