لا تفسير للتواطؤ الكوني الذي يجري على الشام والعراق واقتلاع شعبين من بلديهما إلا ما قاله المستشرق الصهيوني إيال زيسر في مقال له أخيراً من أن ثمة تواطئاً وتوافقاً أميركياً ـ روسياً ـ إيرانياً على تفريغ الكتلة السكانية السنية الحرجة من دجلة والفرات والتي أسفرت حتى الآن بحسب تقديراته إلى طرد واقتلاع أكثر من ستة عشر مليون سني من أصل عشرين مليون سني يسكنون هاتين المنطقتين، وجاء تقرير الزميل أحمد الزاويتي على قناة الجزيرة ليؤكد ذلك حين نقل عن مصادر كردية وحقوقية وأعد تقريره من عين المكان حرص طيران التحالف الدولي على دك وتدمير منطقة سنجار العراقية حتى مع عدم وجود قوات لتنظيم الدولة فيها، وذلك من أجل ضمان عدم عودة أهالي سنجار إلى مناطقهم المدمرة والتي وصلت نسبة التدمير فيها إلى الـ 90%.
لا تفسير أبداً لهذا الإجرام الروسي والإيراني، ولا تفسير لهذا التواطؤ والتوافق والتحالف الأميركي مع المليشيات الطائفية في العراق وتوفير الحماية الجوية لها، مع السماح للقوات الروسية والإيرانية والمليشيات الطائفية أن تتدفق على الشام من كل حدب وصوب إلا تفريغ المنطقة من أهلها وجعل الحياة مستحيلة فيها في ظل استهداف كل ما هو بنية تحتية، ويتشدقون ويتبجحون بالحفاظ على مؤسسات الدولة، حين يتم الحديث عن رحيل طاغية الشام، وكأن مؤسسات الدولة فقط مقتصرة على المناطق التي يعيش فيها الأقليات والموالون للطائفيين ..
حمص التي تم تفريغها من أهلها، ولم يبق فيها إلا الغربان والبوم الروسي والحزبلاتي يعشعش فيها، يقوم حزب اللات بكل وقاحة وصفاقة متحدياً العالم كله باستعراض عسكري وبدبابات أميركية في القصير، التي تم تهجير أهلها السنة منها، ولا أحد ينتقده أو يتحدث كيف وصلت هذه الأسلحة الأميركية إلى يديه، بينما تخشى الإدارة الأميركية من وصول أي سلاح نوعي إلى الثوار من وقوعه باليد الخطأ وكأن اليد الصح هو يد حزب اللات والطائفيين ما دام ضحيته أهل السنة في الشام والعراق..
وحين سُئل رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق اسحاق شامي عما يخافه من سوريا فلم يقل الجيش السوري طبعا بل قال المساحة الجغرافية الكبيرة مقارنة بإسرائيل، ولعل هذا ما يفسره أحداث اليوم..
الواضح أن الغرب والشرق لا مشكلة لديه من السماح لإيران بإقامة جسر بري على جثث وأشلاء العراقيين والشاميين لوصل تلعفر العراقية مع القصير السورية، وهو ما هدد به و بكل وقاحة وبجاحة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي وغيره من قيادات الحشد الشيعي العراقي قادمون يا حلب قادمون يا رقة قادمون يا يمن، لكن الواضح أن الاستراتيجية الإيرانية المنفذة عبر الحشد الشيعي ونحوه تهدف إلى الوصول إلى تركيا والخليج العربي والسعودية وما قصف السعودية قبل فترة بالصواريخ إلا دليلاً على ذلك ..
ما كان للقيصر بوتين أن يشن حرب الإبادة على حلب لولا تلك المكالمة الهاتفية مع الفائز الأميركي بالانتخابات دونالد ترمب حيث أغلق بوتين الهاتف وأغلق معه عقله إلا باتجاه الدمار والخراب الذي يتقنه منذ أيام غروزني،
المليشيات الطائفية في اليمن حين تتعرض للضغط العسكري من الشرعية اليمنية يهرع جون كيري ليقابل ناطقها الرسمي بينما يرسل نائبه ليقابل الرئيس اليمني، ويحرص كل الحرص على هدنة حين رأى الخطر يتهددها وما إن حصلت على صواريخ متطورة ورتبت صفوفها حتى عادت إلى عادتها بخرق الهدن التي طلبوها بأنفسهم، أما المليشيات الطائفية في سوريا فغطاؤها الجوي روسي، في حين المليشيات الطائفية في العراق فغطاؤها الجوي أميركي وغربي، وتستمر المحرقة بأهل السنة قتلاً وتشريداً ودماراً..فهذه المنطقة التي شهدت ميلاد حضارات وشهدت تحكمها بالعالم كله لقرون خلال الخلافة الأموية والعباسية لا يمكن أن يدعها العالم دون إبادة لضمان عدم استعادة دورها مجدداً فضلاً عن الانتقام منها بأثر رجعي..