المنتخِبون والمنتحِبون.. و"آية الله الليبرالي"
15 صفر 1438
منذر الأسعد

من طرائف السياسة  الأمريكية التي لا تنتهي، واقعة حصلت قبل 74 سنة مع مواطن أصيب بلوثة عقلية دخل على إثرها مصحة للعلاج حيث شفاه الله من حالته بعد مدة.

 

فوجئت عائلة الرجل ومعارفه بترشحه لانتخابات الكونغرس،  وظنوا أن صحته العقلية انتكست مجدداً، إلا أنهم خجلوا من ظنونهم عندما أكد لهم العكس بالأدلة القاطعة، ومنها أنه صاغ دعاياته الانتخابية كالآتي:
انتخبوا "........"  المرشح الوحيد الذي لديه شهادة طبية بسلامته من الجنون!

 

والطريف أن الرجل نجح في الانتخابات وحقق أعلى نتيجة في ولايته!
***

 

وفي الأمثال الشعبية الدارجة عربياً: مجنون يحكي وعاقل يسمع..
ومحسوبكم  تطوع بدور المحدث المجنون إلى أن يأذن الله لي بشهادة طبية تماثل شهادة عضو الكونغرس المشار إليه من قبل..
***

 

تقول معجماتنا المعاصرة:
انتحب الشّخص: بكى بكاءً شديدًا :- وبَّخه أبوه فأخذ ينتحب - انتحبتِ الأمُّ على ولدها .
الاِنْتِحابٌ : البُكاءُ الشَّديدُ والْمُسْتَمِرُّ وَقْتاً طويلاً .
***

 

قد يستصعب بعض الناس أن يكون لنقطة واحدة مثل هذا التأثير الحاسم بين الذين ينتخبون والذين ينتحبون.. فينطبق عليهم مثل شعبي يقول: العرس لاثنين والمجانين 2000!! مع أن الفائز بالعرس الرئاسي الأمريكي واحد من اثنين.. والأمريكيون يختلفون عن البشر في كل شيء فكيف يتفقون معهم في هذه؟ ما زالت وحدات القياس والوزن عندهم شاذة عن العالم من الرطل إلى الميل ..

 

المهم أن عرس بلاد العم سام أمريكي 100% فليس لغير المواطنين أن يترشحوا ولا أن ينتخبوا،  لكن بعض المتطفلين غير المدعوِّين للعرس –بل لا يحق لهم المشاركة فيه- أصروا على دس أنوفهم في ما لا يعنيهم، وانقسموا فريقين متخاصمين بضراوة بين منحاز للمرشحة الحربائية هيلاري كينتون والمرشح الضبع دونالد ترامب.. وتراشق الفريقان الطفيليان بالشتائم المقذعة فلم يتركا شتيمة سوقية إلا استعملوها  في معركة لا ناقة لهم فيها ولا بعير.. حتى إنهم كانوا أشد إثارة للسخرية من الأحمق الذي كان يحضر سباقاً للخيل،  وكان كلما تقدم حصان محدد يقف ليرقص ويصرخ ابتهاجاً بتقدمه.. هذا السلوك استفز جاره الذي كان يراهن على حصان آخر،  فسأله: هل هذا الحصان المتقدم لك؟ قال: لا..قال:هل راهنت على فوزه بمبلغ كبير؟ قال:لا.. قال الرجل: عجباً لك كيف تفرح كل هذا الفرح مع أنك لا تملك الحصان ولم تراهن على فوزه..ما قصتك يا هذا؟ قال: لجام الحصان لي يا شاطر!!
***

 

كان من المتطفلين  العرب البوق : عبد الباري عطبان –الدولاري ما غيره- ، الذي رقص بعد فوز دونالد ترامب حقداً من عطبان على السعودية!! مع أن الساسة في تل أبيب أعلنوا على الفور أن انتصار ترامب دفن فكرة الدولة الفلسطينية إلى الأبد!! وعطبان يدير إحدى بقالات المماتعة  في هايبر ماركت  خامنئي فلا يستحيي أن يلتقي بمشاعره مع نتيناهو..لأنه مثل كل تجار المماتعة يهمهم بقاء متاجرهم تتكسب باسم القدس.

 

وهناك سعوديون التقوا مع نتنياهو وعطبان في الابتهاج بفوز ترامب،  والمضحك في هؤلاء "الترامبويين" أنهم يزعمون لأنفسهم الليبرالية  بينما حشد الليبراليون في أمريكا وأوربا صفوفهم لهزيمة ترامب..
فترامب عنصري وصليبي  ويدعو علانية للتمييز بين مواطنيه بحسب الدين ولون البشرة,,,,,,    فأي ليبرالية يؤمن بها هؤلاء؟

 

هل نُصَدِّقهم أم نُصَدِّق  الـمُخْرج الأمريكي الليبرالي الشهير مايكل مور الذي حنث بيمينه وانتخب هيلاري  فقط لأنه لا يمكن أن يأتي من هو أسوأ من ترامب!!

 

 

هل ننخدع بأدعياء الليبرالية وهم أعداؤها،  بينما يقول المفكر اليهودي  نعوم تشومسكي:إن الولايات المتحدة انحدرت من الديمقراطية إلى البلوتقراطية (حكم طبقة الأثرياء)،  مع ملحقات ديمقراطية؟

 

وكيف يكون ليبرالياً من يلتقي مع جماعة هندوسية متطرفة أعلنت فوز ترامب قبل أربعة أيام من إجراء الانتخابات؟ فعلى قرع الطبول ودوي مكبرات الصوت احتفلت جماعة “هندو سينا” أو “الجيش الهندي” في جانتار مانتار في نيودلهي  ليعلنوا  يوم الجمعة  أن ترامب “فاز بالفعل” في الانتخابات التي جرت يوم الثلاثاء اللاحق!! وسبب احتفالهم المعلن عداء ترامب للمسلمين!!

 

ومع أن النصرانية الحالية المحرفة "معلمنةٌ" بطبيعتها :(دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر) فإن كنيسة كاثوليكية في سان دييغو بولاية كاليفورنيا قالت لرعاياها إن الشيطان يعمل من خلال سياسيين مثل المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة هيلاري كلينتون!!.

 

وحذرت الكنيسة من أن التصويت للديمقراطيين قد يكون "خطيئة مهلكة"!

 

 

وأختم مع  المعمم علي الكوراني  وهو أحد أبواق طهران، وقد تحدث لقناة طائفية  عن فرح  خامنئي وحسن نصر الله بفوز ترامب،  قائلاً: “هو بالنسبة لنا أفضل من كلينتون،  من ناحية قضايا الوهابية ودول الخليج،  إضافة إلى انفتاحه على الشيعة ومواقفه تجاه سوريا متقاربة معنا”!

 

 

فهل يستيقظ الليبرالي السعودي من هوسه الذي جعله في خندق واحد مع المتطرفين الصهاينة والصليبيين والهندوس والصفويين ومرتزقتهم مثل عبد الباري الدولاري؟