فور إعلان فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو يُظهر مذيعة أمريكية "مصدومة" بالنتيجة.
وقالت مذيعة قناة "MSNBC" الأمريكية، عقب فوز ترامب: "أنتم مستيقظون بالمناسبة، وأنتم لا تحلمون حلماً شنيعاً جداً، وأيضا لستم أمواتا، ولم تذهبوا إلى الجحيم.. هذه هي حياتكم الآن، وهذه هي انتخاباتنا، وهؤلاء نحن، وهذا هو بلدنا.. هذا حقيقي".
هذا المقطع يلخص قصة انفصام الشخصية ( (Schizophrenia
الذي يعيشه الغرب كله وخاصة وسائل إعلامه الكبرى ذات التأثير العميق في تشكيل الرأي العام.
قد يتهمني متعجل بأنني منفصل عن الواقع،لأن الإعلام الأمريكي في مجمله كان في الانتخابات الأخيرة ضد ترامب بصورة جذرية، وسعى إلى تحطيم مجاديفه بتسليط الضوء مرة تلو مرة على فضائحه الغزيرة، بما في ذلك استدعاء صفحات كانت مطوية أو معتماً عليها منذ سنوات..
وهذا ليس غائباً عن أي متابع،لكن ما أعنيه في اتهامي للإعلام الغربي أنه يصنع نازيين وفاشيين جدداً،هو تهيئة المناخ العام لفوز هؤلاء في صناديق الاقتراع. فالرهاب من الإسلام Islamophobia لم ينشأ بين عشية وضحاها،ولم يصنع ترامب ذو الشخصية التهريجية الشعبوية، ولا أمثاله من غلاة العنصريين الصليبيين في القارة الأوربية، التي سقطت عنها أقنعة "الإنسانية" بسبب ثلاثة ملايين من اللاجئين المسلمين،والذين كان الغرب –وما زال- الشريك الرئيسي في صنع المآسي التي أدت إلى تشريدهم من ديارهم.
ولولا هذا الجو المشبع بالسموم والسعار العنصري ما كان مهرج من مستوى ترامب ليفوز بمقعد في الكونغرس فما بالنا بمنصب رئيس الجمهورية؟
ومن المفارقات أن الصدمة لم تكن من نصيب المذيعة الأمريكية المشار إليها ولا من حصة زملائها الذين عقدت الصدمة ألسنتهم عن التعليق؛فأوربا نفسها بزعاماتها السياسية ورموزها الفكرية والإعلامية أعربت عن دهشتها من صعود ترامب،بالرغم من أن جميع استطلاعات الرأي كانت ترجح فوز منافسته هيلاري كلينتون بكل سهولة!
ففي ألمانيا قالت وزيرة الدفاع أورسولا فون دير ليين إن فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب "صدمة كبرى" وطالبته بتأكيد التزامه تجاه حلف شمال الأطلسي.
وأضافت لتلفزيون "ايه.آر.دي" الألماني "أعتقد أن ترامب يعلم أن ذلك لم يكن تصويتا له بل كان (تصويتا) ضد واشنطن... ضد مؤسسة (الإدارة الأميركية)".
وأشارت الوزيرة إلى شعارات ترامب خلال حملته الانتخابية بأن يدفع الأوربيون ثمن حماية حلف الأطلسي لهم: لكننا كأعضاء فاعلين في الناتو أيضا نتساءل ما هو موقفك من هذا الحلف؟ هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إجابة.
وأما في فرنسا فقد تباينت ردود الفعل بين المواقف الرسمية التي مرتابة من صعود تر امب لرئاسة الولايات المتحدة، وبين مواقف اليمين الذي رحب بصعود الاخير إلى الحكم.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرو الأربعاء إن بلاده سيكون عليها أن توضح مع الولايات المتحدة مسائل رئيسية مثل الصراع في سوريا والصفقة النووية لإيران والتغير المناخي بعد انتصار المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية .
وعلى الساسة الأوربيين ألا ينشغلوا بصدمتهم من فوز الأرعن ترامب، لأن ذلك صار واقعاً لا مفر لهم من التعايش معه؛وإنما يجب عليهم –إن كانوا صادقين- أن يوقفوا زحف الحريق العنصري المتطرف الذي يهدد بتدمير بلدانهم نفسها، فهم يعلمون علم اليقين أن اليمين المتطرف يتهيأ للانقضاض على السلطة في معظم البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوربي.
أما نحن المسلمين فإن خير تعبير عن موقفنا من هذه المهزلة، يتمثل في تعليق قرأتُه على مواقع التواصل الاجتماعي يقول:أبو لهب انتصر على حمَّالة الحطب.. علماً بأن ترامب ذئب وقح في عدائه المعلن وكلينتون ثعلب يخفي عداءه تحت ثياب حَمَل وديع..
ولذلك لاحظنا السرور العظيم لدى أدعياء الليبرالية من المنتسبين إلى عائلات مسلمة بفوز ترامب،لأن عداءهم للإسلام وليس لتنظيمات كما يزعمون.. وفي ترامب بكل صفاقته "فضيلة" ليست لهم فهو يجاهر بعدائه للإسلام ولا ينافق فيزعم أن عدوه ينحصر في الجماعات أو الهيئات الإسلامية .