إهانة المسلمين في بلادهم
4 صفر 1438
خالد مصطفى

يتعرض المسلمون في البلاد التي يشكلون فيها أقلية مهما كانت هذه الأقلية كبيرة ومؤثرة لاضطهاد وإهانة بالغة ويحرمون من أبسط حقوقهم حتى الأسماء الإسلامية يتم تغييرها عمدا في بعض البلدان بحجة الحفاظ على الهوية القومية ناهيك عن منعهم من بناء مساجد ومدارس والتحدث بلغتهم الأم بل وصل الأمر لمنعهم من أداء فرائض دينهم كما هو الحال في تركستان الشرقية التي تحتلها الصين والتي حظرت صيام شهر رمضان..

 

ولعل القاصي والداني يعلم ما يتعرض له المسلمون في ميانمار على أيدي الحكومة والمتطرفين البوذيين من قتل واغتصاب وتهجير ومنع من الحصول على الجنسية حتى مع وصول حكومة تصف نفسها "بالليبرالية" بعد الحكومة العسكرية السابقة وسط تجاهل تام من المجتمع الدولي ومؤسساته الواهية التي لا تنتفض إلا إذا كان المظلوما نصرانيا أو يهوديا أو حتى من عابدي الأوثان أما إذا كان مسلما فهي تغض الطرف ولا تركز إلا على ما تصفه "بالتطرف الإسلامي" متجاهلة التطرف الصليبي والبوذي واليهودي والهندوسي الذي يروح ضحيته كل يوم العشرات بل المئات من المسلمين...

 

لكن الأدهي في الفترة الأخيرة هو أن إهانة المسلمين في دينهم وصلت إلى البلاد التي يشكلون فيها أغلبية بل أغلبية ساحقة لا تقبل الشك أو الريبة مثلما جرى في إندونيسيا عندما تجرأ حاكم جاكرتا النصراني على الإسلام في أكبر بلد إسلامية في العالم من حيث عدد السكان وأساء المدعو باسكوكي تاجاهاجا بورناما والملقب بـ"أهوك" للإسلام والقرآن حيث زعم أن منافسيه في انتخابات الحاكم المقررة العام المقبل استخدموا آية من القرآن لخداع الناخبين ومنعهم من التصويت له لولاية ثانية..فقد فجرت هذه التصريحات الاستفزازية غضب المسلمين الذين خرجوا بالآلاف في أكثر من تظاهرة للتعبير عن احتجاجهم وطالبوا بضرورة محاكمته وعزله من منصبه لردعه هو وأمثاله على التجاوز في حق الإسلام ومقدساته ولكن الحكومة العلمانية رفضت حتى الآن الانصياع لرغبة الجماهير واحترام هوية الشعب الإندونيسي المسلم وبدلا من اتخاذ إجراءات صارمة في هذا الشأن قامت بالتحذير من التظاهر ونشرت اللآف من رجال الشرطة للتصدي لأي مظاهرة تخرج وقامت بإغلاق 11 موقعا إخباريا على الإنترنت بحجة أنها تدعو للفتنة والتحريض!...

 

وكان الرئيس الإندونيسي قد تحدى مشاعر المسلمين في نوفمبر 2014 ونصب باسكوكي تاجاهاجا بورناما، حاكما لجاكرتا للمرة الأولى منذ 50 عامًا ما أدى لعاصفة في أوساط المسلمين...

 

 

وغير بعيد عن إندونيسيا جرت كذلك إهانة لمشاعر الملايين من المسلمين في بنجلاديش عندما نشر أحد الهندوس تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك سخر فيها من الإسلام.. وتظهر التدوينة التي أثارت الأزمة صورة للإله الهندوسي "شيفا" فوق المسجد الحرام في مكة المكرمة؛ الأمر الذي أثار غضب المسلمين...العجيب أن تصرفات السلطات العلمانية في كلا البلدين واحدة فبدلا من امتصاص غضب المسلمين الغاضبين واتخاذ إجراءات واضحة وحاسمة ضد المسيئين لدين الغالبية العظمى فإنها تكتفي بنشر الجنود وفرض إجراءات أمنية مشددة والتحذير من الفوضى..

 

هذه السلبية من الحكومات في عدة دول إسلامية جراء ما يوجه للإسلام من تجاوزات هي التي تؤدي إلى تطرف البعض وتجاوزه ومن باب أولى أن يتم تطبيق القانون والشريعة الإسلامية على المسيء منعا لإثارة الفتن وليس العكس بأن يتم ترك المسيء بدعوى حرية التعبير وهو ما يفجر المزيد من الغضب والاحتجاجات ويصعب وقتها ضبط الأمور ..

 

الأولى دائما هو الوقاية وليس العلاج بعد تفاقم الداء حيث تخرج الأمور عن السيطرة ونتكلم عندها عن "التطرف والإرهاب" وكيفية معالجتهما في حين أن البدء بالالتزام بالدين ومكافحة المسيئين له تقطع الطريق على أي محاولة لاستخدام العنف أو إثارة الفوضى .