عودة نجاد.. أي جزار يربح؟!
18 ذو الحجه 1437
أمير سعيد

ما من حاجة للقلق من الأنباء التي تتحدث عن احتمال عودة الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد للحكم في إيران، والذي عرف كـ"متشدد"، بعد أن بدأ ما يشبه الحملة الانتخابية لتلك المزمعة لرئاسة إيران بعد نحو أربعة أشهر من الآن؛ فمستوى الإرهاب والدمار والإرعاب الذي بلغته الطغمة الحاكمة في إيران، والذي تبدى في سوريا والعراق واليمن، وأودى بحياة مئات الآلاف من المسلمين لا يدع حظاً لتوقع ما هو أسوأ من هذا، كما لا يسمح بالدخول مجدداً في اللعبة الساذجة الرتيبة، لعبة المراوحة بين "المتشدد" و"المعتدل"، والذي تتقنها "إسرائيل" كإيران، وتفسح بها المجال لأذناب السياسة العربية للتذرع بالخنوع طمعاً فيما لدى "المعتدلين" من سياسات أقل ضرراً بدولهم، أو هكذا يزعمون.

 

وفي تسجيل صوتي مضت عليه سنين، وترجمه الكاتب القدير د.أحمد محمود عجاج من الإنجليزية، مختاراً مقتطفات منه، جرى بين أعضاء "لجنة الموت"، ونشره نجل منتظري على موقع والده، جاء فيه: " في عام ١٩٨٨ أمر الخميني بإنشاء لجنة لمحاكمة المعتقلين بتهمة معارضة النظام؛ اللجنة كان من بين اعضائها الرئيس الحالي حسن روحاني والمرشد خامئني. كان توجيه خميني التالي: " آمل أن تنالوا رضا الله بما تحملونه من كراهية وانتقام لأعداء الاسلام" وطالبهم ان ينفذوا بسرعة العدالة بحق محاربي الله. وبالفعل اعدمت اللجنة ما يزيد عن سبعمائة من المعتقلين الذين قضت المحاكم قبل ذلك بسجنهم. من بين هؤلاء في اللجنة كان علي منتظري الذي انتقد قتل المساجين بطريقة مروعة لدرجة ان اللجنة سماها الايرانيون لجنة الموت. قال منتظري لأعضاء اللجنة منتقدا: " دعوني ان اكون صريحا معكم؛ لقد ارتكبتم اكبر جريمة بحق الجمهورية الاسلامية؛ جريمة سيلعنكم التاريخ عليها، وسيُحكم عليكم بأنكم اكبر المجرمين في التاريخ". احد الاعضاء في اللجنة وهو نائب لرئيس المحمة العليا قال لمنتظري: "اؤكد لك لو ان احدا غيرنا في اللجنة لتضاعف عدد القتلى ثلاثة مرات".

 

يقول د.عجاج معلقاً: "أعضاء اللجنة هم الذين يحكمون الآن إيران فماذا تظنون أنهم فاعلون بكم؟" 

 

كلهم جزارون في النهاية، بل لعل الجرائم التي ارتكبت في عهد نجاد كانت أقل ظهوراً ووضوحاً مما هي عليها عند خلفه، غير أنه بلا ريب ثمة فروق في حكم "المحافظين" عمن يسمون بـالمعتدلين في إيران، ولعل من بينها، هو الاختلاف في الخطاب الجماهيري، وفي بعض ملفات العلاقات الإقليمية والدولية، فقد كان مناسباً أن يجري التقارب مع الولايات المتحدة في ظل إدارة إيرانية توصف بالاعتدال لدى الغرب، فكان الظرف يقتضي وجود روحاني، مثلما اقتضت مرحلة سابقة تشهد انفتاحاً إقليمياً وانتشاراً في جهود التشييع الخارجية، أن يكون خاتمي في الحكم، وقد كانا.. والآن أي ظرف يقتضي وجود نجاد أو غيره من "المتشددين" - إن نجحوا في الانتخابات القادمة - ؟!

 

كثيرون، وأنا منهم، لا نعتبر أن الانتخابات الرئاسية في إيران أو حتى الولايات المتحدة هي تعبير عن إرادة شعبية، وإنما عن إرادة استراتيجية للحكام الحقيقيين للبلاد، وهم في الحالة الإيرانية الملالي الذين يتقدمهم خامنئي (مؤسسة المرشد)، وقادة الحرس الثوري، وهما سيجلبان للرئاسة الأنسب للمرحلة؛ فإن كان نجاد أو من على شاكلته هو المقصود؛ فربما لأن هذه المرحلة تقتضي علاقات بالغة السوء مع المحيط الإقليمي، لأنها بكل بساطة هي مرحلة التقسيم والتفكيك، وهي تفرض وجود صقور في الحكم الإيراني.. ربما.