بينما فرض الغرب البغيض حصاراً شاملاً على العمل الخيري والإغاثي الإسلامي، منذ هجمات 11 سبتمبر 2001م، وأقام نظاماً مصرفياً جائراً شمل العالم كله-باستثناء الأموال المجوسية البينية-، فإن الراعي الأول لتجفيف العمل الإنساني بين المسلمين-الولايات المتحدة الأمريكية- تمكنت من خرق هذه القيود الشرسة، وحوَّلت مبالغ طائلة لتمويل المحاولة الانقلابية الأخيرة، التي وقعت في تركيا يوم الجمعة 15 يوليو/تموز الجاري!!
وهذا يذكِّر بمثل شعبي سوري يقول: ما من أحد بيده القلم ويكتب اسمه بين الأشقياء، فواشنطن هي الخصم والحّكَم، وهي التي تدير العمل المصرفي الدولي تحت راية محاربة الإرهاب، وتراقب عباد الله وتمنع عليهم مساعدة إخوانهم المحتاجين في مختلف أنحاء الأرض، ولذلك استطاعت تحويل الأموال اللازمة لصناعة الانقلاب على رجب طيب أردوغان، الذي سئمت من عناده.
فقد كشفت صحيفة yeni şafak"" التركية، عن أن الجنرال الأمريكي المتقاعد "جون كامبل"، كان واحدًا ممن أداروا المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا على الديقراطية، وأنه لعب دور الوسيط بين وكالة المخابرات الأمريكية CIA وبين ضباط الجيش التركي الذين دبروا الانقلاب.
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري، ، تأكيده وجود تنسيق بين الضباط الأتراك والجنرال الأمريكي، الذي قام بنقل الأموال إلى حسابات الانقلابيين من بنك "UBA" في نيجيريا، كما نقل المصدر نفسه للصحيفة معلومات عن وسائل التواصل بين الانقلابيين.وأضافت الصحيفة أنَّه تم نقل تلك الأموال عبر البنك النيجيري إلى تركيا بصور مختلفة على مدار ستة أشهر.
وقالت الصحيفة: "إن الجنرال كامبلي الذي شغل منصب قائد قوات التحالف في أفغانستان منذ عام 2014 حتى شهر مايو/أيار الماضي، قام بزيارة تركيا مرتين سرًا، وذهب إلى قاعدة "إنجيرليك" الجوية، وأجرى عدة لقاءات سرية، ووعد الانقلابيين في الجيش التركي بأنه سيعود إلى تركيا عند نجاح انقلابهم"!!
وأضاف المصدر، أن البنك النيجيري أصبح في الفترة التي سبقت المحاولة الانقلابية مركزًا لنقل الأموال للانقلابيين من نيجيريا عن طريق فريق أقامته وكالة المخابرات الأمريكية، وتم تحويل مبالغ مالية إلى 80 حسابًا خاصًّا، وقامت الفرق الأمريكية بسحب تلك النقود وتقديمها باليد إلى الانقلابيين.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن أن الجنرال الأمريكي كامبل، نفيه كل الاتهامات بضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
ووفقا للصحيفة، فقد وصف كامبل، الذي قاد قوات التحالف في أفغانستان حتى مايو/أيار المقبل، ادعاءات جريدة "يني شفق" التركية بأنها "لا تستحق جواباً وهي مضحكة".
ولأن السارق عادة لا يتطوع بالاعتراف بـه سرق، إلا إذا ضُبِط متلبساً، أو رآه شهود عدول رأي العين وهو يسطو على المكان الذي سرقه؛فلا يمكن لعاقل أن يتوقع إقرار كامبل بجريمته، والتي يدرك أنها تعني توريط بلاده رسمياً بالمحاولة الانقلابية التركية، في خضم اتهامات متلاحقة صدرت عن ساسة وإعلاميين أتراك.
ويعتمد الجنرال المشتبه فيه على أن أنقرا لن تتهم إدارة أوباما بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل علانيةً، لأسباب وعوامل تتعلق بوضعها في حلف الناتو، بالإضافة إلى أن كامبل يعي أن عنجهية أمريكا جعلتها ترفض بشدة محاكمة أحد رعاياها أمام القضاء الوطني في أي بلد- فكيف بجنرال مهم حتى لو كان متقاعداً؟!- وهو مادفعها إلى عدم الانضمام إلى عضوية المحكمة الجنائية الدولية، بل إنها أبرمت اتفاقات ثنائية من كثير من الدول، لئلا تقوم تلك الدول بتسليم مواطن أمريكي إلى المحكمة الأممية، وفقاً لميثاق المحكمة والذي يُلْزم الدول الأعضاء بتسليم المحكمة أي شخص يُتشبه في ارتكابه جرائم إبادة جماعية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
ومن الواضح للعيان أن تركيا ليست في وارد ملاحقة كامبل ولا غيره من الأمريكيين والأوربيين، مهما كان مستوى مشاركته في الانقلاب الفاشل، فيكفيها إصرارها على أن تسلِّمها أمريكا فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا، والذي أقام خلال عشرات السنين كياناً موازياً تسلل أعضاؤه إلى الجيش والشرطة والقضاء والتعليم والإعلام، الأمر الذي رفع أعداد المعتقلين في تركيا بعد فشل الانقلاب الأمريكي عليها.