بيان الجيش التركي عن الانقلاب
23 جمادى الثانية 1437
خالد مصطفى

بصورة مفاجئة تماما أصدر الجيش التركي بيانا للرد على ما قال أنها معلومات وردت من خلال بعض وسائل الإعلام العالمية, وقالت هيئة أركان الجيش التركي في بيانها غير المعتاد: "الانضباط والطاعة غير المشروطة والخط القيادي الواحد هي أساس القوات المسلحة التركية".

 

وأضافت: "لا يمكن الحديث عن خطوة غير شرعية تأتي من خارج هيكلية القيادة أو تعرضها للخطر". ووعد الجيش بخطوات قضائية ضد أي معلومة "غير صحيحة"...

 

هذا البيان جاء قي أعقاب نشر صحيفة تركية مقالا قالت فيه، أن الولايات المتحدة ما زالت تدعم جماعة فتح الله غولن، الذي خطط  أكثر من مرة للانقلاب على الحكومة المنتخبة في تركيا....

 

وأشارت  صحيفة "ستار" التركية، الى أن كل المحاولات الإنقلابية التي خطط لها التنظيم الموازي داخل الدولة والتابع لفتح الله غولن المقيم في ولاية بنسيلفانيا الأمريكية قد فشلت.... وأوضحت الصحيفة أن بعض التسريبات التي ظهرت في مؤتمر دافوس الاقتصادي، تدل على أن بعض القوى العالمية ستعمل على تقويض الحكومة التركية عبر الملفات الإقتصادية....

 

ونقلت عن السيناتور الأمريكي ميشيل رويين قوله، إن جهات سياسية عليا فى أمريكا على استعداد للاعتراف بأى انقلاب يستطيع الإطاحة بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان، مهما كلف الأمر...ويمثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه حالة تثير القلق في أكثر من جهة, على رأسها جهة القوى الغربية التي لم تعتاد على رئيس تركي له توجه إسلامي واضح ويقود جيشا بحجم الجيش التركي الذي يعد الثاني من حيث العدد في حلف شمال الأطلسي..

 

الغرب لم ينس الدولة العثمانية القوية التي كانت تمتد في أوروبا وسيطرت على العالم في وقت كانت فيه أوروبا تعيش في عصور الظلمات وهي لا تخفي مخاوفها من عودة هذه الإمبراطورية الإسلامية الكبرى للبزوغ على يد أردوغان الذي استطاع أن يقفز ببلاده قفزة نوعية على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي واجتماعي رغم جميع الصعوبات التي تقابله والتي وضعت في طريقه عن عمد من اتجاهات عديدة..

 

الغرب لا يمكن أن يتعامل بسهولة مع دولة مسلمة في أوروبا قوية وذات رأي مستقل وتدافع عن الأقليات المسلمة التي تتعرض للاضطهاد حيث لا يكف أردوغان على توجيه نقد لاذع للممارسات العنصرية ضد المسلمين في الغرب كما لم يكف عن لوم الغرب على دعمه اللامحدود للكيان الصهيوني وتهاونه الكبير تجاه نظام الأسد الذي ظل يذبح شعبه لسنوات طويلة...

 

كما أن أردوغان لا يرضى عن طريقة التعامل الغربي مع إيران وأذرعها في المنطقة المتمثلة في المليشيات الشيعية وتوغلها هنا وهناك....كذلك يمثل أردوغان في ظل توثيق الصلات مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية محورا سنيا هاما في ظل الصراع الطائفي الذي تفرضه إيران على المنطقة والذي يميل الغرب حتى هذه اللحظة للانحناء له لاعتبارات عديدة...

 

في نفس الوقت يمثل أردوعان حجر عثرة لبعض الدول في المنطقة التي تتبنى أنظمة علمانية استبدادية وتخشى من التجربة التركية الناجحة وعلى رأس هذه الأنظمة نظام الأسد ومن يدعمه في إيران وروسيا حيث دخل أردوغان في صراع مفتوح مع هذه الدول وبعض الدول الأخرى القريبة من هذا المحور...العجيب أن بعض الأقلام العربية التي تتشدق بالديمقراطية تحتفي بالأخبار التي تروج لاحتمال تدخل الجيش التركي ضد أردوغان المنتخب بشكل نزيه بسبب توجهه الإسلامي وتأييده للتيار الإسلامي في المنطقة....

 

لكن المؤكد أن الجيش التركي المسؤول عن ثلاثة انقلابات عام 1960 و1971 و1980، سيفكر عشرات المرات قبل أن يتدخل ضد أردوغان وحزبه لسبب بسيط وهو أن الشعب التركي يؤيده بشدة بعد الطفرة الاقتصادية التي حققها عقب سنوات طويلة من الأزمات وشبح الإفلاس الذي كان يهدد البلاد على أيدي حكومات ما بعد الانقلابات العسكرية..كما أن عصر الانقلابات في الغرب أصبح من الماضي ولم يعد مقبولا على الأقل أمام الرأي العام وإن كانت بعض حكومات الدول الكبرى تؤيده إذا كان في صالحها بشكل سري.