لم تكد تمر بضعة أيام على اغتيال قائد جيش الإسلام في سوريا، زهران علوش حتى سقطت رأس نمر النمر قصاصاً، ليس لمقتل الزعيم السوري، ولكن لجرائم ثابتة بالقضاء الشرعي السعودي اتهم فيها المارق الطائفي بإطلاق الرصاص على قوات الأمن السعودية والتحريض عليها، والتحريض على إثارة الشغب..
لا رابط جنائياً بين هذا وذاك، لكن من دون شك ثمة رابط في مخيال كل من شعر بضيم وظلم فرضته اليد الصفوية العابثة من خليجنا الغالي إلى محيطنا السامي، بل في كل حوض عالمنا الإسلامي الرحيب. كثيرون أبهجهم هذا القصاص الناجز، ليس لأنهم يعشقون الدم بل لأنهم يبغضونه؛ ففي القصاص حياة، وفي الترك تمادٍ وانتفاش للظلم والعدوان.
تبطش إيران هنا وهناك، تقتل مئات الآلاف من المسلمين في العراق وسوريا، وتعين عليهم في كل مكان يطاله سم أفعوانها الزعاف، حتى في قلب البلقان حين وقفت جوار الصرب ضد مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفا، ويصمت العالم كما القبور على كل جرائمها الدموية، ثم يتضامن مع كل مجرم طالته يد العدالة كهذا الطائفي الانفصالي نمر النمر الذي طالب مراراً بانفصال المنطقة الشرقية بالسعودية عن جسد المملكة.
تقف طهران ضد حريات الشعوب، فتقهر ملايين السوريين، وتغتال قادة تحريرهم، وتتدخل في كل دول الخليج، واحدة تلو الأخرى، وبدعوى الوحدة الإسلامية تطالب بالانفصال! كان د.عبدالله النفيسي يطالب بكونفيدرالية خليجية؛ فيما كان الإرهابي النمر يطالب بتقسيم بلاده لأجل عيون إيران (الامبراطورية الفارسية).. هذا النمر الورقي وغيره كانوا يكافحون من أجل انهيار بلدانهم وتمزيقها، لا يشعرون لها بولاء لا على الصعيد الإسلامي الفسيح، ولا الوطني المحدود.
"كرامتنا أغلى من وحدة تلك البلاد"، كان يصرخ نمر باقر النمر في إحدى خطبه قبل خمس سنوات، وكانت تلك جريمة خيانة عظمى بمقاييس القانون، كانت لتوجب الإعدام حتى لو يظهر بالصور بعدها بسنوات متهماً بمقاومة السلطات بإطلاق الرصاص عليها.
يجزع "الوطنيون" حينما يتحدث بعض الدعاة بحماسة عن الوحدة الإسلامية الكبرى، لكن بعضهم يستنكف أن يدين هذه النزعة الانفصالية الصريحة. السلوك الانتقائي ذاته ستشهده في العالم كله عندما ستجدونهم يدينون إعدام الإرهابي النمر في وقت يرحبون فيه بإعدام آخرين متهمين أيضاً بارتكاب أعمال إرهابية، فقط لأن النمر شيعي، والآخرين سنة!
انتقائية سنلمسها في الإعلام العالمي، وتوابعه من المنظمات الحقوقية، حين سيزعجه إعدام النمر، ويتجاهل تأييد المحكمة العليا في طهران إعدام الداعية الكردي السني شهرام أحمدي قبل أيام، مع أنه لم يحمل سلاحاً ضد بلاده بل ضد محتلي بلاده من الصفويين، ولم يحرض ضدهم بل فقط طالب بحقوق أبناء دينه المضطهدين، شأنه شأن إخوانه من الـ27 عالماً وشيخاً وداعية من السنة، صادقت المحكمة العليا الإيرانية قبل أسبوع على قرار أحكام الإعدام الصادرة بحقهم بتهمة مطاطة هي "الدعاية ضد النظام"! وسيتجاهل تحويل 42 من السنة من سجن رجائي هذا الشهر الماضي أيضاً إلى مكان آخر تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ليلحقوا بشهداء آخرين ضمن ما لا يقل عن 852 حالة إعدام، معظمهم من السنة المضطهدين، في الأشهر الـ15 الأخيرة، أحصتهم الأمم المتحدة وخنست عن التنديد بإعدامهم علناً.
سينسى العالم بليبراليه كل هؤلاء، وحتى من باب ذر الرماد في العيون لن يأتوا على ذكر زملاء النمر في الإعدام مؤخراً، لأن ليبرالية العالم تقضي بأن تفرق بين أبناء الوطن الواحد في المعاملة تحت ذريعة "حماية الأقليات"، وهي اللافتة التي رفعها "الاستعمار" منذ أكثر من قرنين من الزمان سواء في منطقتنا العربية أو في أملاك الدولة العثمانية الراحلة.
تم التنفيذ..
وفي إثره، تبرز تداعيات، وأكثرها سخونة سيكون رد الفعل الإيراني الذي سيؤكد تبعية النمر لأجندته ولن ينفيها، فحرقة النظام الإيراني الغاضب لإعدام "مواطن سعودي" يبرز بجلاء حجم ما توليه إيران من أهمية لأدواتها في الخليج، ومدى تبعيتهم لها، وقيامهم بدورهم المطلوب كطابور خامس إيراني في قلب أمتنا الإسلامية.
دقة بدقة.. بل دقة بدقات إيرانية كثيرة تطال عالمنا الإسلامي الجريح من طعناتكم.. دقة تعبر عن مغادرة الولايات المتحدة البطيء للمنطقة، وسجالها القادم على نار ساخنة..