الهجوم المسعور على تركيا
27 صفر 1437
خالد مصطفى

تتعرض تركيا في الفترة الأخيرة لهجوم مسعور من جهات عديدة استغلت حادثة سقوط المقاتلة الروسية بواسطة سلاح الجو التركي لكي تكيل لها الاتهامات أو قل الافتراءات والأكاذيب..

 

بدأت الافتراءات من جانب روسيا التي اتهمت أنقرة بأنها تشتري النفط من تنظيم داعش بأسعار زهيدة وزعمت أنها رصدت عبر الأقمار الصناعية عدة مسارات لنفط داعش وهو في طريقه إلى تركيا ليلا فما كان من تركيا أن رفضت هذه الاتهامات وقامت بتفنيدها وأوضحت أن نظام الأسد يتعاون مع داعش ويشتري منه النفط وأن هذه الاتهامات مجرد تغطية على بشاعة جرائم نظام بشار الأسد, كما أن الأقمار الصناعية الروسية ليست بأكثر تطورا من الأقمار الأمريكية المنتشرة في المنطقة والتي ما كانت لتمرر هذا الأمر بأي حال..

 

وكانت الاتهامات موجهة تحديدا لنجل الرئيس التركي رجب أردوغان في محاولة للنيل من الرجل شخصيا في سلسلة من الاكاذيب المتعلقة بذمته المالية هو وعائلته وهي اتهامات لم تثبت بأي شكل من الاشكال بل تحداها الرجل قائلا أنه سيقدم استقالته فورا إذا ثبت أن بلاده تشتري نفط داعش مؤكدا ان مصادر النفط التي تستخدمها أنقرة معروفة للجميع, كما خرج نجله للواجهة للمرة الأولى لينفي الاتهامات ويشن هجوما عنيفا على داعش ...

 

الأمر لم يقتصر على القنص الروسي ولكنه تعدى ذلك لقنص عراقي بسبب ما قالت بغداد أنه تعدي على حدودها من قبل الجيش التركي الذي يدرب قوات عراقية على التصدي لتنظيم داعش مؤكدا أن هذا الأمر ليس بالجديد وأن بغداد على علم به منذ فترة..

 

ويبدو أن الحلف الروسي ـ الأسدي زاد عضوا بانضمام العبادي وحكومته الطائفية التي أعلنت أنها تسمح للطائرات الروسية باستخدام أجواءها في أي وقت بغير استئذان دون أن تعتبر ذلك مساسا بسيادتها! كما أنها لم تعتبر التوغل الإيراني في أراضيها عشرات المرات لمطاردة جماعات كردية ودعمها للمليشيات الشيعية مساسا بسيادتها! أما التدخل التركي فهو يؤذي مشاعر وسيادة العراق, الأمر لم يصل إلى هذا الحد فقط بل تجاوزه لدخول المليشيات الطائفية العراقية على الخط وهجومها على تركيا دون الحاجة لمعرفة لمصلحة من هذا الاعتزاز المفاجئ بالسيادة؟!..

 

إيران لم تكن بعيدة عن هذا المشهد الهزلي المتعلق بالهجمة المسعورة على تركيا وحكومتها وزعيمها فقد وجهت اتهامات لأنقرة بدعم ما أسمته بـ "الجماعات الإرهابية", في إشارة لجماعات المعارضة التي تكافح نظام الأسد النصيري ولأن الأتراك ليس لديهم ما يخفونه في هذا الملف فقد أكد الرئيس التركي أن بلاده لن تتوقف عن دعم الجماعات المعارضة السورية, وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن سياسات إيران الطائفية خطيرة، كما أن تركيا تختلف بشدة مع سياسة إيران في سوريا والعراق, و دعا طهران لأن تنأى بنفسها عن "المزاعم والافتراءات"..

 

الحلف الطائفي في المنطقة المكون من إيران والعراق ونظام الأسد يحاول أن يستفيد من الخلافات الروسية ـ التركية لكي يسدد سهامه للنظام التركي السني المعارض للتوغل الشيعي في المنطقة.. وفي وسط هذه الهجمة المسعورة لا نرى للأسف مواقف عربية واضحة في الوقوف إلى جانب أنقرة التي أصبحت أحد أهم خطوط الدفاع أمام المخططات الشيعية للسيطرة والتوغل وهو موقف يثير الدهشة حيث أن كثيرا من هذه الدول تقع تحت طائلة السهام الإيرانية فلماذا لا يتم استغلال الموقف المشرف لحكومة أردوغان لتقويته والوقوف خلفه كخط دفاع أول في حرب شرسة؟!