"حزب الله" وصفقة تحرير العسكريين
20 صفر 1437
خالد مصطفى

يتصرف تنظيم حزب الله الشيعي داخل لبنان بمنطق أنه فوق الدولة وأن من حقه أن يمارس كل ما يحلو له ولا يحق لأحد أن يسأله عن شيء..

 

فالحزب هو السبب الرئيسي في القتال الذي اندلع في عرسال بعد أن حرض الجيش اللبناني وشارك معه في قصف البلدة ذات الأغلبية السنية والتي يعيش فيها الآلاف من اللاجئين السوريين الذين فروا من قمع وقنابل النظام الأسدي الوحشي؛ وهو الأمر الذي جعل فصائل سورية تتدخل لحماية المدنيين وتأسر عددا  من العسكريين اللبنانيين لمقايضتهم بعدد من المعتقلين وعلى رأسهم نساء تم اعتقالهم تنفيذا لرغبة حزب الله للانتقام من أسر وقتل عناصره في سوريا...

 

حزب الله أراد أن يورط الدولة والشعب اللبناني بأكمله في مغامراته غير المحسوبة في سوريا والتي أثارت غضب معظم اللبنانيين بل والحكومة التي يشارك فيها الحزب والتي أعلنت أنها تنأى بنفسها عما يجري في سوريا بسبب حساسية الأوضاع الداخلية والتركيبة الطائفية المعقدة في البلاد..

 

لكن الحزب واصل غيه واستمر بالقتال متحديا الشعب والدولة وضغط على الحكومة لرفض جميع محاولات التوسط من أجل الإفراج عن العسكريين اللبنانيين المحتجزين بأيدي فصائل سورية, وكانت المفاوضات في أكثر من مرة قد اقتربت من النجاح ولكن الحزب يعطلها بشكل أو آخر ضاربا عرض الحائط بمشاعر عائلات العسكريين اللبنانيين الذين واصلوا الاحتجاج والتنديد بتجاهل مطالبهم...

 

وحتى قبيل إتمام الصفقة اليوم حاول الحزب تفجيرها عندما أصر على خلط الأوراق وطلب وضع 3 من أسراه تم القبض عليهم داخل سوريا مؤخرا ضمن الصفقة وهو أمر عجيبب لأن الوساطة منذ بداية الأزمة لم تشمل سوى العسكريين اللبنانيين الذين تم اختطافهم من داخل لبنان بعد معارك عرسال فلماذا الحزب يريد تصدير أزماته للدولة اللبنانية رغم عدم موافقتها على مغامرات الحزب في سوريا إلا إذا كانت هناك رغبة لإحراج الحكومة وإفساد الصفقة...

 

الحزب أظهر نواياه جيدا عندما شن هجوما على الصفقة بعد إتمامها بواسطة بعض مؤيديه الذيم وصفوا الصفقة "بأنها أكبر وصمة عار على جبين اللبنانيين" واتهم أنصار الحزب، العسكريين المفرج عنهم بـ"قلة الكرامة، والعز"، معتبرين قبولهم بالخروج في هذه الصفقة "جريمة، وعارا" وأطلقوا هاشتاغ أسموه "صفقة العار"، وشنوا هجوما عنيفا على العسكريين اللبنانيين الأسرى الذين أطلق سراحهم جراء الصفقة حتى قال بعضهم:"العسكري الحقيقي هو الذّي يُضحّي بنفسه من أجل الوطن، ولا يقبل أن يكون في صفقة العار للوطن من أجله"..

 

ولم يوضح هؤلاء ما هو العار في الصفقة رغم فشل حزب الله لمدة عام كامل في إطلاق سراحهم مع تزايد معاناة أهلهم وضغطهم الشديد على الحكومة وتنصل حزب الله من المسؤولية ليس فقط عن أسر العسكريين ولكن أيضا عن التفجيرات التي تشهدها البلاد بسبب ممارساته الوحشية ضد المدنيين في سوريا دفاعا عن نظام فاشي....

 

حزب الله من قبل نفذ عمليات تبادل مع الاحتلال الصهيوني في معزل عن الدولة اللبنانية غير مكترث بانتقادات أو تحفظات البعض أما عندما تتم صفقة تبادل بعيدا عنه وبواسطة قطر التي تعد من أعداء نظام الأسد فعندئذ يجب مهاجمتها ومحاولة تعطيلها...

 

حزب الله للمرة الألف يقف على الضفة الاخرى فبينما يشعر الشعب اللبناني بفرحة غامرة بعد الصفقة يبقى الحزب وحيدا منددا إن لم يكن بشكل رسمي فعن طريق أنصاره ومريديه.