سوفييت الأمس روس اليوم، وأفغانستان الماضي شام الحاضر
30 محرم 1437
دـ أحمد موفق زيدان

هل التاريخ يكرر نفسه، أم أن اللاعبين يكررون أخطاءهم، المهم أن ما يجري في الشام اليوم هو تكرار لأخطاء ما جرى في أفغانستان، الخطأ الكبير الذي بدأ بالغزو السوفياتي فيها أواخر عام 1979، ومنذ ذلك التاريخ فرضت موسكو السوفييت لعبتها على العالم كله، ولا يزال العالم كله يعاني منها، اليوم تتكرر المأساة وتتكرر معه قدرة موسكو على خديعة العالم، إلا أن العالم في السبعينيات والثمانينيات كان أذكى منه على ما يبدو هذه الأيام، فلم يبتلع يومها الطعم الروسي، بل لفظه وقاومه حتى خروج آخر القوات السوفياتية من أفغانستان، اليوم تسعى روسيا إلى تسويق الكذبة والخديعة الكبرى بمقاومة ما تصفه الإرهاب في الشام  وهي تدافع عن أكبر طاغية في العصر، ووجوده كافياً لجذب داعش أس ألف كما يقال بالرياضيات ...

 

 

 

اللعبة الروسية والطائفية اتسعت أخيراً بما تتداوله أوساط غربية على إغراق أوربا باللاجئين السوريين، ووصلت الحالة إلى قيامهم بتزوير جوازات سفر نرويجية من أجل إغراق روسيا لأوربا باللاجئين لتدفعها إلى القبول بشروطها في تسوية الثورة السورية، ويُتردد على نطاق واسع أن ثمة أكثر من 17 ألف من عناصر الشبيحة على الحدود الروسية ويستعدون لدخول أوربا بجوازات سفر مزورة...

 

 

 

كنت شاهداً على تغطية الغزو السوفياتي في أفغانستان ورأيت المآسي والمجازر والمذابح والقتل العام واستخدام النابالم الروسي ضد المدنيين الأفغان وهو ما يتكرر اليوم بكل وضوح وتحت سمع العالم وبصره، ولكن العالم اليوم غير معني بالوقوف مع الحرية ولا مع الأحرار، فما يعنيه اليوم هو الحفاظ على طاغية مجرم، فالكل يخشى على انهيار نظام غربي سهروا عليه لقرون بحماية الأقليات ولذا فكلمة السر اليوم للجميع هي الحفاظ على الأقليات، وكأنها لا تأمن على نفسها إلا إذا كانت في السلطة والحكم وعاشت على جماجم الآخرين كما يحصل اليوم..

 

 

 

 

الملفت أكثر هو أن كثيرا من الدول العربية والإسلامية التزمت الصمت وبعضها أيد حتى الاحتلال والعدوان الروسيين على الشام، بينما كانت هذه الدول من أكثر الدول التي وقفت ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان البعيدة عنهم مقارنة بالشام، كل ذلك يعزز أن الخطأ سيتكرر ولكن هذه المرة بشكل مضاعف مما ستدفع المنطقة والبشرية بشكل عام ثمنه بأفدح الأشكال والتجليات..

 

 

 

 

الظاهر أن روسيا دولة تتقن بامتياز فن تحويل العالم ضدها، واستعداء البشر كلهم ضدها، وهذا ليس وليد اللحظة على ما يبدو فهو الحمض النووي للسياسة الخارجية قديما وحديثا، وعلى هذا ينبغي التعامل معها، وكل ما يروجه الروس عن محاربة ما ينعتونه بالإرهاب كذب، وقع ذلك بأفغانستان بينما كانت مصالحهم وسياستهم على الأرض تؤكد العكس من حرقهم الأخضر قبل اليابس، وتأمين مصالحهم الجيوسياسية، وهو ما تأكد أخيرا في سورية من تأمين قواعدهم البحرية والجوية ولذا كان قصفهم لتنظيم الدولة لا يتعدى الـ 10% من حجم غاراتها على مواقع الفصائل الأخرى كما قدرتها وكالة رويترز..