دروس البطولة الفلسطينية
4 محرم 1437
خالد مصطفى

يواصل الشعب الفلسطيني إعطاء الدرس تلو الدرس للعالم كله في البطولة والشرف والدفاع عن مقدساته وأرضه بأقل الإمكانيات دون أن يهدأ أو يمل رغم مرور أكثر من 60 عاما على الاحتلال ورغم التآمر الدولي الفج والحصار الذي يمنع عنه أبسط المتطلبات المعيشية...

 

الشعب الفلسطيني وهو يعيش شظف العيش ويفتقد للغذاء والدواء اللازمين للبقاء على قيد الحياة لا يستسلم للمعاناة ومحاولات قهره وإجباره على الأمر الواقع بل يبادر للدفاع عن المسجد الأقصى ويقف أمام قوة الاحتلال الغاشمة مرة بصدور عارية ومرة بحجارة من طين أرضه ومرة بسكين بسيط, وفي كل أحواله يبث الرعب في قلوب الصهاينة المدججين بالسلاح والعتاد...لقد نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تفضح الوهن والضعف والذعر الذي سيطر على المستوطنين المسلحين بأحدث أنواع الأسلحة من خناجر الفلسطينيين التي أصبحت تؤرق نومهم وتحرمهم من الراحة رغم بساطتها وقلة سعرها مقارنة بما يحمله جنود الاحتلال والمستوطنين من سلاح آلي ومدافع رشاشة تصدرها إليهم دول الغرب التي تتشدق بالدفاع عن الإنسان المظلوم والمضطهد أينما كان! والتي عندما تتكلم في الشأن الفلسطيني تساوي بين الجاني والمجني عليه وبين المعتدي وصاحب الأرض...

 

إن جميع المواثيق الدولية ناهيك عن العقائد الدينية السماوية جميعها يكفل حق المقاومة للدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات ورغم ذلك يقف العالم ليشاهد الاحتلال الصهيوني وهو يعتدي على المقدسات الفلسطينية دون أن يتخذ أي إجراء حياله بل يدين دفاع الفلسطينيين عن أرضهم  ويصفهم بـ "الإرهابيين" وينضم إليهم عدد من الأبواق العربية في إعلام الهزيمة والعار الذين يهونون من أي جهد لمقاومة الاحتلال ويتجاهلون الحالة المتدهورة التي يعيشها جنوده وحكومته خوفا من انتفاضة الفلسطينيين بالحجارة والسكاكين..إن الاحتلال يسعى بكل الطرق لكبح الانتفاضة ويرسل الرسائل تلو الرسائل للسلطة وللدول المجاورة لمساعدته في الخروج من المأزق بعد ان استدعى قوات الاحتياط واعلن التأهب العام دون نتيجة تذكر بل المقاومة في ازدياد رغم تنامي عدد الشهداء..

 

إن أصحاب الأيدولوجيات الأرضية والمنبطحين في قنواتنا الفضائية وصحفنا الصفراء لا يعرفون قيمة العقيدة وقوتها في مواجهة السلاح والرصاص والقاذفات, والعجيب أن الصهاينة بعد هذه السنوات أصبحوا يدركون ذلك جيدا أكثر من هؤلاء المرجفين الذين يهونون من المقاومة وتأثيرها...

 

إن هذه المقاومة رغم ضعف إمكانياتها هي التي حمت المسجد الأقصى من محاولات الابتلاع الصهيونية المتكررة منذ عقود رغم ضغوط المنظمات الصهيونية والمتطرفين ورغم جهود الحكومات اليمينية المتعاقبة في "إسرائيل"...

 

الرعب الذي يعيشه الاحتلال ليس من الناحية الأمنية فقط بل من الناحية الاقتصادية أيضا وهي التي تمثل هاجسا كبيرا لجميع الحكومات حيث ذكر موقع معاريف ، أن انتفاضة القدس من شأنها أن تكلف الاقتصاد الإسرائيلي نحو 10.5 مليارات شيقل ( الدولار يساوي 3.89 شيقلات)، وذلك وسط التباطؤ الاقتصادي، الذي تشهده "إسرائيل" على خلفية الوضع الأمني. وبحسب التقرير، الذي نشرته الصحيفة ، فإن "هذه الخسائر مكونة من المركبات التالية: نحو 4 مليارات شيقل سيتم تحويلها للجيش والشرطة، خسائر في الإنتاج القومي نحو 5 مليارات شيقل، وخسائر في مداخيل الدولة من الضرائب بنحو 1.5 مليار شيقل". وقال التقرير إن هذه التقديرات الاقتصادية يجري تداولها في الوزارات، والدوائر الحكومية الرسمية "الإسرائيلية"، وفي القطاع الخاص. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الركود الاقتصادي سيتفاقم بفعل الانتفاضة، مما سيفضي إلى خسارة نحو 5 مليارات شيقل، أي نحو نصف بالمائة من الناتج القومي "الإسرائيلي"، إلا أن الضربة الأشد ستكون تلك التي سيتلقاها قطاع السياحة ، والتجارة والاستثمارات الأجنبية الحساسة جداً للحالات الأمنية...

 

من كل ما سبق يظهر جليا أن الفلسطينيين رغم ضعفهم وظروفهم الصعبة يحملون عن العرب والمسلمين جميعا مسؤولية من اكبر المسؤوليات وهي حماية المسجد الأقصى المبارك وهم في ذلك يبلون بلاءً حسنا ويكبدون الاحتلال خسائر على جميع الأصعدة وليس أقل من الدعاء لهم ودعمهم ولو بكلمة تشجيع بدلا من تثبيطهم والنيل من عزيمتهم.