اليمن.. عاشقاها السل "صالح" والجرب "الحوثي"
9 رجب 1436
دـ أحمد موفق زيدان

لم يشدّ الشاعر اليمني الرائع عبد الله البردوني رحمه الله  وهو الأعمى جلساءه في أمسية من أمسيات مهرجان المربد الذي اعتاد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين  أن يقيمه سنوياً في بغداد، كان يجلس عمالقة الشعر العربي آنذاك  من الجواهري وأدونيس وغيرهما على مدرج المهرجان، لكنه حين وقف يلقي قصيدته الرائعة عن اليمن والتي ورد فيها:

ماذا أحدث عن صنعاء يا أبتي     مليحة عاشقاه السلّ والجرب

 

 

ما كان من الحاضرين إلا أن يقفوا إجلالاً لأعمى البصر مفتوح البصيرة، ويصفقوا لدقائق لشاعر اليمن السعيد الحزين ...فصورة البردوني لديهم قبل القصيدة..لم تعد هي ذاتها بعد تلك القصيدة الرائعة، لكن لحسن حظ البردوني أنه لم يعش لهذه اللحظة وهو يرى السل الحقيقي الذي يفتك ليس بالإنسان اليمني فقط كما هو العادة وإنما بالمجتمع اليمني ونسيجه، و من خانه سلّ علي عبد الله صالح، تلقاه جرب الحوثي الذي أثخن إجراماً وقتلاً وتنكيلاً بنسيج اجتماعي يمني كان مهد العرب العاربة..

 

 

ماذا سيحدث البردوني اليوم وهو يرى صنعاء بين سل علي صالح وجرب عبد الملك الحوثي.. ماذا سيحدث البردوني وهو يرى الفرس تعود إلى عرين العروبة ومسقط رأس العرب ليحيلوها إلى خراب ودمار وكأنهم ينتقمون من ذي قار والقادسية ونهاوند، ولم يشبعوا من دماء الشام ولبنان والعراق ووو..

 

 

سيحدثكم حينها البردوني عن جرائم علي عبد الله صالح الذي قال يوماً إنه يمارس مهنة حكم على رؤوس الأفاعي، ولكنه الحنش الأكبر والثعبان العظيم الذي نفث سمومه في اليمن، كانت بوصلته الوحيدة البقاء ولو على جثث اليمنيين الممزقة، وأشلاء يمن يفتته بيديه ، ولم يراع كل هذا الوفاء اليمني له بالقبول بحكمه لأكثر من ثلاثين عاماً، ففرّغ كل ما خزّنه من سلاح وذخيرة من قوت الشعب اليمني بقلوبهم وصدورهم، بعد أن نهب مقدراتهم التي تبلغ أكثر من ستين مليار دولار أميركي،  وتعاون مع عدوه الظاهري لعقود (الحوثي) ليفتكا بالشعب سوية ، وظهر أن القاسم المشترك الوحيد بينهما عداؤهما للشعب اليمني تشاطرهم إياه فارس الجديدة...

 

 

لكن ما تبين أيضاً هو أن المشترك الأكبر بين الثالوث إيران وصالح والحوثي عداؤهم المستميت للربيع العربي وثوراته، فكانت كلمة سرّ طهران في سياساتها لدول الربيع العربي هي التصدي لثورات الشعوب، والاصطفاف مع الاستبداد والثورات المضادة من أجل الإطاحة بحرية الشعوب التي تعي تماماً أنها ستدفع ثمنها من دمها وأرضها يوماً ما ، تجلّى ذلك في انتفاضة الشعب الأحوازي والبلوشي، وما يدرينا فلعل الأيام حبلى بكل عجيب من انتفاضة شعوب أخرى غاضبة وحانقة على الهيمنة الفارسية لا سيما بعد تشدق قادة ثورة الخميني في الدعوة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية والساسانية التي تصل إلى اليمن ..

 

 

لكن عاصفة الحزم الجوية المتواصلة في اليمن السعيد بالإضافة إلى المقاومة الشعبية المباركة في اليمن هي من سيقرر مصير اليمن، والتقدم الهائل على الأرض في تعز وعدن وقريباً صنعاء هو من سيحدد مستقبل اليمن، وليس اليمن الذي يشده إلى الخلف الحوثي وصالح، فالمقاومة هي الدواء الشافي والعلاج الكامل لما ألمّ باليمن لعقود على أيدي نظام استبدادي شمولي كاذب، لم يرعو من الوقوف مع الشيء ونقيضه ليبقى حاكماً متسلطاً على شعب وصف عبر التاريخ باليمن السعيد، ولكن أراده يمناً مريضاً بجذام الثنائي صالح السل، والحوثي الجرب، ولعل في تتالي الانتصارات في تعز وغيرها بلسماً للسل والجرب...

 

 

اللافت أن يأتي تعيين المبعوث الأممي الموريتاني ولد شيخ أحمد لليمن وهو الذي كان مبعوثاً سابقاً للمنظمة الأممية لمرض الأبيولا الخطير ..هل ثمة مشترك بين أبيولا في أفريقيا والسل والجرب اليمني  الذين تحدث عنهما البردوني..لننتظر ونر ولد شيخ هل سيزيد من جرعة المرض أم سيعالجه..