التدخل البري في اليمن بين الضرورة والخطورة
11 جمادى الثانية 1436
خالد مصطفى

تستمر المقاتلات التابعة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في قصف مواقع المليشيات الحوثية في اليمن والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في العمليات المسماة عاصفة الحزم...ورغم أن هذه الهجمات قد أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الحوثيين وقوات صالح خصوصا بالنسبة للعتاد والأسلحة إلا أن الحديث يدور بقوة حول أهمية التدخل البري مع أنباء عن تقدم الحوثيين إلى قرب عدن وتطويقها وتمكنهم من دخول قاعدة عسكرية قرب باب المندب..لا شك أن الضربة الجوية التي نفذتها قوات التحالف العربي حتى الآن أصابت الحوثيين ومن يدعمهم بارتباك شديد وأنها أعاقت تقدم الحوثيين وأحبطت العديد من الهجمات التي كانوا ينوون القيام بها لفرض المزيد من سيطرتهم على الأراضي اليمنية ولكن هل يعد هذا كافيا؟..

 

لقد دعا وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إلى تدخل بري عربي في اليمن “بأسرع وقت ممكن”, وقال ردا على سؤال حول ما إذا كان يطلب تدخلا بريا عربيا “نعم نحن نطلب ذلك وبأسرع وقت ممكن حتي يتم بالفعل انقاذ البنية التحتية، وانقاذ اليمنيين المحاصرين في الكثير من المدن” وهو ما يؤكد أن هذه الضربات الجوية رغم قوتها وتأثيرها إلا أنها ليست كافية وحدها في وقف خطر الحوثيين...

 

كان من الممكن الاكتفاء بهذه الضربات طالما كانت هناك قوة على الأرض تابعة للرئيس الشرعي للبلاد ومناهضة للانقلاب الحوثي تستطيع استغلالها وتتمكن من وقف الزحف الحوثي وتنفيذ ضربات رادعة ضد المليشيات الحوثية والقوات التابعة لها ولكن هذا الأمر لا يبدو صحيحا على كافة الجبهات فيبدو أن بعض الجبهات تتسم بالضعف في مواجهة الحوثيين نتيجة لعوامل عدة تشمل ضعف التدريب والتسليح وقلة الخبرة العسكرية بينما يمتاز الحوثيون بحصولهم طوال الفترة الماضية على جميع أنواع الاسلحة التي يحتاجونها من روسيا وإيران وانحياز العديد من قطاعات الجيش الموالية لصالح والمدربة جيدا لهم...

 

إن الأخطاء المتتالية للرئيس هادي وللدول العربية في مواجهة الخطر الحوثي قد يدفع إلى القول بأن التدخل البري في مرحلة ما قد يكون ضروريا مع العلم بأن الأمر لا يخلو من خطورة وهو ما يجعل دول التحالف تمتنع حتى الآن عن إبداء موافقة بشأنه وإن كان المتحدث الرسمي باسم عمليات التحالف لم يستبعد حدوثه عند الحاجة إليه...

 

لا شك أن التدخل المصري في عهد الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر في اليمن بريا والخسائر التي لحقت به تدعو إلى التردد في هذا الاتجاه ولكن هناك العديد من العوامل التي تقلل من حجم الخطر مقارنة بما جرى في العهد الناصري من أهمها: وجود تحالف عربي واسع هذه المرة وتأييد دولي كبير للعمليات كما أن الخطر الذي يأتي من اليمن هذه المرة واضح وتقف خلفه قوة شرسة تريد التهام المنطقة, كذلك التدخل البري سيحميه غطاء جوي واسع يسيطر على المجال الجوي اليمني بشكل كامل وهو ما سيمنح القوة البرية ميزة كبيرة...

 

ليس بالضرورة أن يكون التدخل البري واسعا وشاملا فقد يكون الأفضل أن يكون سريعا وخاطفا ومحددا بمناطق معينة عن طريق إنزال قوات كوماندوز لدعم قوات اللجان الشعبية والقوات الموالية للرئيس اليمني في المواقع الاستراتيجية التي تشهد كثافة في هجمات الحوثيين..

 

ما يجعل خيار التدخل البري ملحا هو أن عملية عاصفة الحزم لا تقبل القسمة على اثنين فإما النصر أو الهزيمة لا قدر الله لأنه من غير المرجح أن يستسلم الحوثيون ومن ورائهم بسهولة والرضوخ لحلول تفاوضية, رغم الدعوات التي أطلقها الملك السعودي لكافة المكونات السياسية في اليمن من أجل الحوار.