التحولات العربية تجاه الثورة السورية
5 رمضان 1435
خالد مصطفى

في الفترة الأخيرة وضح أن عدة دول عربية كانت تدعم بقوة الثورة السورية واللاجئين السوريين قد بدأت تاخذ موقفا مغايرا هي وأجهزة الإعلام التابعة لها ورأينا بعض المدح لنظام الأسد على قنوات فضائية كانت تعتبر الأسد سفاحا وقاتلا, كما رأينا عددا من المثقفين المحسوبين على نظام الأسد وقد سمح لهم بالحديث عن التآمر على سوريا عبر دعم الثوار بينما بدأت المساحة تضيق على المناهضين لنظام الأسد...

 

في نفس الوقت بدأ الهجوم يشتد على ثورات الربيع العربي واعتبارها من المؤامرات التي صنعتها الدول الغربية على الشعوب العربية لتقسيمها رغم أن الانظمة التي ثارت عليها الشعوب في الربيع العربي كانت صديقة ومنفذة عمياء لأوامر القوى الغربية وقامت بإجراء عمليات اعتقال وتعذيب لصالحها وكانت أكثر الدول حماية للكيان الصهيوني والحفاظ على أمنه عبر اتفاقات سرية وعلنية كشفت عنها وسائل الإعلام الغربية قبل العربية...

 

العجيب أن هذا الموقف هو نفسه موقف "إسرائيل" من الربيع العربي ومن ثوراته فـ "إسرائيل" تهاجم الربيع العربي وتعتبره خطرا داهما على أمنها واستقرارها وهي تعلم جيدا أن الشعوب العربية إذا وجدت من يطلق طاقاتها بشكل صحيح بعيدا عن القمع والاستبداد ستصبح من أعظم الشعوب وساعتها لن تجد "إسرائيل" ما تتباهى به أمام الغرب وما تروج له من أكاذيب عن حمايتها للديمقراطية والحريات وتبنيها للتقدم التكنولوجي والحضاري ضد "المنظومة المتخلفة" السائدة في العالم العربي, على حد وصفها...

 

إن الموقف تجاه الثورة السورية أصبح ملتبسا عند بعض الدول التي تعلم خطورة نظام الأسد ومن وراءه من دول وجماعات شيعية تسعى لابتلاع المنطقة ولكنها تخشى في نفس الوقت من قوة التيار الإسلامي داخل الثورة وتأثيره على ما يجري في المنطقة والحقيقة أن التيار المعتدل داخل الثورة السورية هو الأغلب وهو ما يجب الرهان عليه وليس المقصود بالتيار المعتدل هنا هو الوصف الغربي ولكن الوصف الذي يتبناه علماء السنة المشهود لهم بالعلم والتقوى والعمل, وبالتالي فإن دعمه بقوة سيؤدي إلى انتصار الثورة على نظام الأسد وانتصارها على التيارات التي تتبنى منهجا مخالفا لمنهج أهل السنة في سوريا, أما الركون للمنهج الغربي الذي استسلم لبقاء الأسد بعد صفقته مع إيران فإنه قد يصب في مصلحة الغرب ولكنه قطعا لا يصب في مصلحة الكثير من الدول العربية..

 

بعض الدول القمعية ترى في بقاء الأسد في سدة الحكم مهما كانت جرائمه نجاة لها لأنه لا يمكن أن يلتفت العالم لجرائمهم وهو الذي ترك الأسد يعيث في الأرض فسادا دون حساب أو عقاب..من هنا قد نفهم ما بدأ حاليا ينتشر من معلومات عن دعم معنوي ومادي وعسكري من بعض الدول العربية لنظام الأسد وهو ما يظهر أسباب التحول في الخطاب الإعلامي لصالح نظام الأسد وشن هجوم معاكس عنيف على المناوئين له..بقاء نظام الأسد حتى الآن ليس ناتجا عن قوته أو قوة إيران بقدر ما هو ناتج عن ضعف الحلف المناوئ له وقلة حيلته وانقسامه وعدم وضوح رؤيته واعتماده على المفاهيم والرؤية الغربية للاحداث وهي رؤية لا تصب في مصلحة دول المنطقة قطعا.