9 جمادى الأول 1435
المسلم ـ الهيئة نت

أكّدت هيئة علماء المسلمين في العراق؛ أن مصادقة مجلس الوزراء الحالي على قانون الأحوال الشخصية الجعفري؛ ستعمل على إحداث الانقسام بين المجتمع العراقي، وستكون دافعًا لمصادرة هويته الجامعة وإلغائها، واستبدالها بهويات فرعية لا تنسجم مع طبيعة العراقيين.

 وقالت الهيئة في بيان أصدرته على خلفية مصادقة المجلس المذكور في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء (25/2/2014) على قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وقانون القضاء الشرعي الجعفري، وإحالتهما إلى مجلس النوّاب الحالي: "إن تمرير هذا القانون بعد صدور قرار سابق بترحيله إلى إشعار آخر؛ يخفي أهدافًا سياسية لمن يقف وراءه، تقوم غاياتها على تحفيز العامل الطائفي طمعًا في الحصول على أصوات انتخابية، ولو كان ذلك على حساب المجتمع العراقي وتدمير بناه".

واستعرضت هيئة علماء المسلمين في بيانها؛ جانبًا من تاريخ تشريع أول قانون للأحوال الشخصية في العراق، الذي كان يحمل رقم (188) وصدر عام 1959، مبينة أنه كان مستندًا إلى أحكام الشريعة الإسلامية، ومستمزجًا فقه المذاهب الإسلامية من دون تحيز، وقد طرأت عليه تعديلات كثيرة، كان أولها عام 1963، ثم توالت التعديلات في السبعينيات والثمانينيات وأضيفت بموجبها مبادئ جديدة اقتضتها ظروف طارئة.. مشيرة إلى أن أي شكوى ضد هذا القانون لم تبرز في السابق، كما لم يطرأ على المسامع اعتراض أي رجل قانون أو مرجع ديني على مادة بعينها، أو مطالبات أحد بتعديلها، بل كان القانون على الإجمال ينتظم الجميع، ومدعاة للحفاظ على وحدة المجتمع وتماسك نسيجه.

وفي هذا السياق أوضحت الهيئة أن المصادقة على قانون الأحوال الجعفري من قبل مجلس الوزراء الحالي، ستؤدي إلى إحداث مزيد من الانقسام في المجتمع العراقي، كما ستترتب عليه مصادرة الهوية العراقية الجامعة، ووضع أساس لإلغائها، واستبدالها بهويات فرعية لا تنسجم مع طبيعة الشعب العراقي الذي عرف بتلاحم أبنائه على مر التاريخ.. داعية تجار السياسة والطوائف أن يكفوا عن التلاعب بمصائر الشعب، ويتركوا هذه الوسائل الرديئة؛ لأن صبر العراقيين بدأ بالنفاد، وأن الشعب العراقي لن يغفر لكل من يسعى في تعريض وحدته للانقسام، وبنيته للتخريب والتدمير.

وفي ختام بيانها وأكّدت هيئة علماء المسلمين على وجود شبه إجماع بين رجال القانون على أن هذه الخطوة تدفع باتجاه تفتيت (الدولة) وتكريس الانقسام الطائفي باستحداث قوانين تتقاطع مع معايير الدولة الحديثة، وأن القانون ذا الرقم (188) مناسب لطبيعة الشعب العراقي، وتم عليه التشاور من قبل المختصين في الشريعة والقانون الذين يمثلون جميع مكونات الشعب العراقي، بيّنت أنه ومثلما جرت عليه تعديلات من قبل اقتضتها ظروف الحياة فإن فكرة الإضافة والتعديل تبقى قائمة ما دعت الحاجة إلى ذلك.

وفيما يلي نص البيان:

بيان رقم (976)المتعلق بمصادقة مجلس الوزراء الحالي على قانون الأحوال الشخصية الجعفري

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
    فقد صادق (مجلس الوزراء الحالي) في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء (25/2/2014) على قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وقانون القضاء الشرعي الجعفري، وأحالهما إلى البرلمان.
    وكان أول قانون للأحوال الشخصية في العراق ويحمل رقم (188) قد صدر عام 1959، مستنداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية، ومستمزجا فقه المذاهب الإسلامية من دون تحيز، وطرأت على هذا القانون تعديلات كثيرة، كان أولها عام 1963، ثم توالت التعديلات في السبعينيات والثمانينيات وأضيفت بموجبها مبادئ جديدة اقتضتها ظروف طارئة، ولم تبرز في السابق أي شكوى ضد هذا القانون، ولم نسمع باعتراض أي رجل قانون أو مرجع ديني على مادة بعينها، أو طلب بتعديلها. بل  كان القانون على الإجمال ينتظم الجميع، ومدعاة للحفاظ على وحدة المجتمع وتماسك نسيجه.
    إن مصادقة (مجلس الوزراء الحالي) على ذلك ستعمل من دون شك على إحداث المزيد من الانقسام في المجتمع العراقي، وسيكون دافعا لمصادرة الهوية العراقية الجامعة، ووضع أساس لإلغائها، واستبدالها بهويات فرعية لا تنسجم مع طبيعة الشعب العراقي الذي عرف بتلاحم أبنائه على مر التاريخ.
    وفي كل الأحوال فثمة شبه إجماع بين رجال القانون على أن هذه الخطوة تدفع باتجاه تفتيت (الدولة) وتكريس الانقسام الطائفي باستحداث قوانين تتقاطع مع معايير الدولة الحديثة، وأن القانون (188) مناسب لطبيعة الشعب العراقي، وتم عليه التشاور من قبل المختصين في الشريعة والقانون الذين يمثلون جميع مكونات الشعب العراقي، ومثلما جرت عليه تعديلات من قبل اقتضتها ظروف الحياة فإن فكرة الإضافة والتعديل تبقى قائمة ما دعت الحاجة إلى ذلك.
    إن هيئة علماء المسلمين ترى أن تمرير هذا القانون بعد صدور قرار سابق بترحيله إلى إشعار آخر؛ يخفي أهدافاً سياسية لمن يقف وراءه، تقوم غاياتها على تحفيز العامل الطائفي طمعا في الحصول على أصوات انتخابية، ولو كان ذلك على حساب المجتمع العراقي وتدمير بناه. وتدعو الهيئة تجار السياسة والطوائف أن يكفوا عن التلاعب بمصائر الشعب، ويتركوا هذه الوسائل الرديئة؛ حيث إن صبر العراقيين بدأ ينفد، وأن الشعب العراقي لن يغفر لكل من يسعى في تعريض وحدته للانقسام، وبنيته للتخريب والتدمير.
الأمانة العامة
9 جمادى الأولى/ 1435 هـ
10/3/2014 م