تونس ما بعد الترويكة: انفجار الصراعات الداخلية وعودة العنف
3 جمادى الأول 1435
عبد الباقي خليفة

بات من المؤكد أن الارهاب الذي عرفته تونس بعد نجاح ثورتها في 14 يناير 2011 م له علاقة وثيقة بالنظام السابق، ومدعوم من العناصر التي كانت مستفيدة من العهد البوليسي، وقبلت بيع ذممها لمحاولات الانقلاب التي بدأت بقتل اليساري شكري بلعيد، وكانت هناك جهات سياسية واعلامية شاركت في التحريض على طرف سياسي، بسبب خلفيته الاسلامية قصد كتابة صك وفاته سياسيا والتخلص منه للأبد كما يزعمون. وقد شاركت أطراف من داخل الدولة والحكومة في ذلك الانقلاب الذي أريد له أن يتم في 7 فبراير2012 م ، أي بعد يوم واحد من اغتيال بلعيد، الأمر الذي فسره البعض بأن الحشد تم قبل الاغتيال ولا يمكن أن يكون عفويا.

 

وقد تم بعد مقتل بلعيد اغتيال ثان في 25 يوليو 2012 م ، ثم أحداث الشعانبي على الحدود الجزائرية حيث اتهم كثيرون الاستخبارات الجزائرية بالضلوع في تلك الأحداث التي أزهقت فيها أرواح عسكريين بطريقة بشعة جدا. وقد شارك وزير الدفاع الأسبق عبدالكريم الزبيدي في محاولات التأديد الاعلامي والشعبي لتنفيذ انقلاب على مؤسسات الدولة ومن ذلك حل التأسيسي، كما سلف في معالجات سابقة.

 

وقد عمل الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي على التخلص من وزير الدفاع الزبيدي، وأجرى تغييرات على قيادات الجيش، في حين اتهم مستشاره عدنان منصر نهاية شهر فبراير 2014 م أمنيين بالضلوع في محاولة انقلابية . وهناك من أكد على أن مقتل بلعيد خطط له رفاقه وشخوص من العهد البائد باستخدام عناصر كانت تمارس السحر في قصر المخلوع بن علي، وكانت تتارج بالمخدرات من بينهم الرويسي، الذي أصبح بقدرة قادر جهاديا يستقطب العناصر المتحمسة داخل التيار الاسلامي ومعظمهم من قليلي التعليم والخبرة وحديثي السن . وقد تم التخلص من المنفذ المدعو كمال القضقاضي وبعض المقربين منه بعد تخلي الترويكة عن الحكم واسدال الستار على قضية مقتل بلعيد. وقد لفت البعض الانتباه لطريقة حديث بعض المتوجس منهم أمنيا مثل بن تيشة ومرزوق والعكرمي الذين يتحدثون باستمرار عن الخطة أ و ب وسي. ويخشى البعض أن يفلت المجرمون من العقاب لا سيما وأن الفساد لا يزال مستشريا في مفاصل العديد من المؤسسات التي تعود إليها المحاسبة والعقاب بالنظر.

 

حلفاء الأمس خصوم اليوم: ما إن تولت حكومة مهدي جمعة مقاليد السلطة حتى بدأت جبهة المعارضة السابقة لحكومة الترويكة في التصدع . وأعلنت جمعيات تحالفت مع أحزاب سياسية معارضة للترويكة ولا سيما حزب حركة النهضة انشقاقها عما كان يوصف بجبهة الانقاذ،فقد أعلنت، جمعية النساء الديمقراطيات، خروجها من التحالف مع ما يسمى ب"جبهة الانقاد".ثم جاء الطلاق البين بين" حزب نداء تونس" و"الحزب الجمهوري" الي يترأسه نجيب الشابي، حيث وجه رئيس حزب النداء ، سبابا مقدعا في حق الشابي،ووصفه بصفات لا تليق. ورفعت شعارات من الحزبين "لا تحالف ولا حوار" والحقيقة أن النشطين في حزب نداء تونس هم من أزلام النظام البائد، وقد تعودوا على مدى ستين سنة أن لا يقاسمهم أحد السلطة . وهم لا يبحثون عن عمن يتقاسم معهم السلطة، وإنما عمن يوصلهم للسلطة ويساعدهم على الاحتفاظ بها . وهدا ما غاب عمن تحالفوا مع "نداء تونس" من أجل إخراج التحالف الثلاثي من السلطة تحت دريعة توفير مناخات سليمة لاجراء الانتخابات القادمة

 

لقد بات من الواضح أن "نداء تونس" ترواده أحلام العودة إلى العهد السابق، وقد أسفر عن وجهه الحقيقي في علاقته ببقية مونات المشهد السياسي من خلال السعي لاستعادة السيطرة على الدولة وأجهزتها وتهميش الحلفاء الدين أعادوه للحياة السياسية ، فإدا بهي فجزاهم جزاء سنمار

 

والحقيقة أنهم يستحقون ل ما جرى لهم وسيجري لهم ، فهم مسؤولون أمام التاريخ والأجيال عن احتمال عودة خطر الاستبداد . وقد برروا ما أقدموا عليه بالخوف من أسلمة تونس، أو ما يصفونه بالنمط المجتمعي

 

لقد تحالف اليسار مع الرأسمالي ضد الاسلامي، وتحالف الليبرالي واليساري وبقايا الاستبداد مع بعضهم البعض ضد ما يسمونه الدولة الاسلامية، إلا أن النظام القديم والدي لم يستطع النهوض لوحده دون مساعدة الآخرين من طيف التناقض السياسي والآيديولوجي تراجع عن تحالفاته بعد أن أصبح رقما صعبا في المعادلة السياسية، وأصبح باستطاعته اجراء حوارات سياسية مع حزب النهضة القوي دون وسائط . وبات الجميع يخشون تحالف الطرفين أو قل تقاسم السلطة بعد الانتخابات ، وإن نفى الطرفان دل حتى الآن

 

الحزب الجمهوري، فقد موقعه، في جبهة الانقاد، ولم يعد في الهيئة التأسيسية، وقد رد القيادي في الحزب عصام الشابي،على هدا الاجراء بالقول"نأسف لقرار جبهة جعل الحزب مجرد عضو وفقدان موقعنافي الهيئة التأسيسية" وتابع" لن يقبل الحزب الجمهوري، بأن يون عضوا من درجة ثانية ونحمل مونات جبهة الانقاد مسؤولية الخضوع وتقسيم المعارضة الديمقراطية من قبل حرة نداء تونس التي تمارس الاقصاء" وغاب عن الجميع أن نداء الباجي قايد السبسي، يحاول تقسيم جبهة الانقاد وتوظيفها لصالحه ما ان يفعل المخلوع تماما فهم يبحثون عن عملاء من داخل المعارضة وليس تقاسم السلطة. وقد بدأ الحديث من داخل المعارضة عن عدم أهلية  حزب نداء تونسلتحديد موقع الأحزاب في جبهة الانقاد،وأن المعارضة تعاني من  فوضى في علاقاتها الداخلية مما دفع بعض الاحزاب مثل الجمهوري لمقاطعة اجتماعاتها ، وساهمت هده الفوضى في إضعاف دور الجبهة في الحوار الوطني

 

الأحزاب والسلطة .

تستعد حرة النهضة للانتخابات القادمة التي ستجري نهاية العام الجاري، وقد استفادت من قيادييها الدين خرجوا من مواقع السلطة في حملتها الانتخابية ، وإن أخدت الحملة صورا مختلفة . وقد أوضح زعيم الحزب راشد الغنوشي، بأن النهضة وإن خسرت السلطة فإنها تنازلت من أجل تونس. وأنها تنازلت بعد أن لمست بأن وجودها في السلطة من شأنه أن يمنع وجود دستور لل التونسيين ومن شأنه أن يعطل مسار الانتقال السلمي للسلطة في تونس. وأشار إلى أن النهضة بصدد مراجعة وتقييم فترة وجودها في السلطة . مشددا على أن سيناريو الانقلاب لم ولن يحدث في تونس ،لأن الجيش التونسي محترف . وبين بأن الارهاب مرتبط بوضع اقليمي متوترويشهد تهريب الاسلحة ، وأدى لمقتل أمنيين وجنود وسياسيين

 

في دات الوقت بدأ استئناف الحوار الوطني في تونس بين مونات المشهد السياسي في تونس، ومن المتوقع أن يستمر الحوار حتى موعد اجراء الانتخابات. وتبرز خلافات قد تصبح حادة حول جملة من مطالب المعارضة ومن بينها، مراجعة التعيينات في الأدارة في عهد رئيس الوزراء علي العريض، وحل روابط حماية الثورة

 

الوضع في تونس سيشهد تغييرات مهمة في الأسابيع القليلة القادمة، لا سيما تحالف المنبثقين عن حزب التجمع ،وهي نداء تونس، والدستوريون الاحرار،وبعض الاحزاب التجمعية الأخرى، وهو ما يعني امانية تخلي نداء تونس عن حلفائه من الليبراليين واليساريين بعد أن خدم بهم أجندته وأخرجوه من الحصار والعتمة التي وجد نفسه فيها بعد الثورة .