الفشل..خيار "جنيف 2" الوحيد
23 ربيع الأول 1435
خالد مصطفى

 انطلق مؤتمر جنيف 2 الذي "جاهدت" القوى الغربية من أجل أن يعقد بدعوى إيجاد حل للأزمة السورية, ومع مرور الوقت تسربت الأنباء تلو الأنباء عما هو متوقع حيث ظهرت علامات الفشل واضحة تماما على فعالياته..

 

لقد تم إلغاء لقاء بين وفد النظام الأسدي والمعارضة الذي كان مقررا له اليوم الجمعة ولم يظهر في الأأفق هل سيتم غدا أم لا؟ في وقت هدد وفد الأسد بمغادرة المؤتمر في حال لم يتم عقد لقاءات أكثر فعالية غدا السبت.. إن الفشل هو الخيار الوحيد لهذا المؤتمر منذ أن بدأ التحضير له قبل أشهر فلا توجد أرضية واحدة يمكن أن تقف عليها جميع الأطراف, كما أن هناك انقساما واضحا في جانب المعارضة لنظام الأسد حول مبدأ حضور المؤتمر نفسه فضلا عن الأهداف التي يمكن الوصول إليها من ورائه وهو ما أدى إلى انسحاب عدة أطراف من الائتلاف السوري وإعلان فصائل المجاهدين عدم اعترافها بنتائجه وعدم موافقتها على المشاركة فيه من الأساس...

 

قبل المؤتمر بدأت الضغوط الغربية على المعارضة السورية حيث تم إيقاف المساعدات الغير عسكرية وتم التهديد برفع "الشرعية" عنها ثم تم دعوة طهران رغم رفض المعارضة وعدد من الدول المشاركة في المؤتمر ولم تتراجع الدول الغربية إلا بعد أن أوشك المؤتمر على الفشل قبل انعقاده, في نفس الوقت ظهرت عنجهية الأسد وشعوره بالزهو بعد أن تمت الصفقة المشبوهة بين إيران الداعمة له وأمريكا والتي تحول على أثرها الموقف الغربي منه, وبدأت التصريحات المتعجرفة تخرج من جانبه بأنه باقٍ في السلطة ولا مفاوضات حول هذا الموضوع  ستتم في جنيف أو في غيرها وهو عكس التطمينات الغربية التي أرسلتها إلى المعارضة من أجل إقناعها بالحضور ورغم التراجع البسيط في هذه التصريحات بعد الحرج الغربي إلا أن نظام الأسد فاجأ الجميع بإطلاق نفس التصريحات من جنيف وهو أنه غير مستعد للتنازل عن السلطة أو حتى بحث تشكيل حكومة انتقالية.. فلماذا إذن أقيم المؤتمر وما الهدف من ورائه؟! هل هو تضييع وقت أم محاولة لتحسين صورة الأسد في عيون الرأي العام وتشويه صورة المعارضة وإظهارها في صورة المتعنت؟  ...

 

قبل ساعات من عقد المؤتمر تم الكشف عن صور مفزعة لجرائم ارتكبها نظام الأسد ضد آلاف المعتقلين السوريين وهو ما يكفي لإحالته لمحكمة جرائم الحرب وإجباره على التنازل عن السلطة كما حدث مع سفاح الصرب.. فلماذا إذن التهاون مع الأسد ومنحه فرصة التفاوض وإملاء شروطه؟!...

 

إن الأسد يريد جر المؤتمر إلى الحديث عن مكافحة "الإرهاب" وإدانة ما يسمى بـ " الإرهاب" يعني يريد إدانة جميع فصائل الثوار بتهمة سابقة التجهيز وهي  "الإرهاب" دون أي حديث عن انتقال للسلطة وكأن المشكلة في المعارضة وليست في نظامه القمعي الذي ظل الشعب يخرج ضده عدة أشهر في مظاهرات سلمية يجابهها بطلقات الرصاص والاعتقال والتعدي على الحرائر عن طريق مليشيات من الشبيحة الطائفيين....

 

إن الفشل الذريع ينتظر هذا المؤتمر لعدة أسباب أهمها أولا : إن كل طرف يسعى لهدف مختلف من ورائه , ثانيا: عدم اتفاق المعارضة السورية على أجندة للتفاوض وبالتالي أي اتفاق لن يلزم بقية الأطراف غير المشاركة وعلى رأسها كتائب المجاهدين؛ فإذا توصل المؤتمر مثلا لما تحاول بعض الأطراف  إنجازه من باب حفظ ماء الوجه, لاتفاق لوقف إطلاق النار لن يلتزم به الثوار  وبالتالي سيظل بلا فائدة هذا إذا التزم به من الأساس نظام الأسد..ثالثا: الأسد يشعر بالزهو لشعوره بأن الغرب يحتاجه من أجل مواجهة الإسلاميين ولشعوره بأن المجتمع الدولي لا يريد إسلاميون في حكم سوريا بأي ثمن حتى ولو كان بقاء الأسد في الحكم...