(خيانة المثقفين) هو عنوان آخر كتاب للمفكر الأمريكي من أصل فلسطيني إدوارد سعيد، صاحب المؤلفات القيمة في تعرية الاستشراق الغربي غير الشريف. والكتاب عبارة عن تجميع نصوص لسعيد كانت مجهولة متناثرة في بطون الدوريات المختلفة.
بمجرد اطلاعي على القنبلة الوقحة التي ألقاها زياد الرحباني مؤخراً، تذكرت عنوان كتاب إدوارد سعيد المشار إليه.
الرحباني ادعى في مقابلة تلفزيونية قبل أيام، أن حسن نصر اللات والمطربة فيروز-والدة زياد-هما عنوانا لبنان!! ورمزاه اليتيمان.. وادعى أن فيروز تحب نصر اللات وتعتز بـ"مقاومته"!!
من يعرف تاريخ زياد الرحباني لا يتوقف عند تهريجه هذا، فهو يتباهى بإلحاده منذ سنوات، ويتكلم كلاماً يتعذر معه تخليص الخيوط فيه بين العبقرية والجنون!!
بالطبع لا نحتاج هنا إلى بيان موقفنا من الغناء وأهله فالأحكام الشرعية فيه واضحة ويعلمها المسلم العامي بفطرته وبمعلوماته المبدئية..
وعليه فلا تهمنا أم زياد ولا من تحبه ولا من تكرهه.. نحن نقف أمام زياد ذاته كنموذج للمثقف الذي يخون شرف الكلمة ببساطة مذهلة..
سيقال: ماذا تنتظرون من زنديق صفيق –وفي أقل أحواله سوءاً: نصراني يعبد الصليب؟-.. والحقيقة أنك إذا أردتَ إسقاط الفئة الساقطة من أمثال زياد، فلا بد من استخدام آليات عامة يقبلها الجميع، وبوساطتها يمكنك إيقاظ المسلمين الحمقى والمخدرين من جمهوره، فهؤلاء يفتقرون إلى أبجديات الحصانة الشرعية.
سنكتفي بشاهد واحد على بؤس الرحباني ودجله كذلك..
قبل 37 سنة غزا النصيري الهالك حافظ الأسد لبنان بجيشه الطائفي الهمجي، حيث فتك بألوف من اللبنانيين والفلسطينيين، دفاعاً عن عتاة الصليبيين من أمثال بيير الجميِّل وكميل شمعون... دخل الأسد الأب لبنان بضوء أخضر صهيوني/أمريكي لأن مهمته كانت محصورة في تحقيق ما عجز عنه اليهود بجيشهم الجرار، وهو طرد المقاومة الفلسطينية من لبنان!!
وأثبت الخائن بائع الجولان كفاءة منقطعة النظير، فقد أنهى وجود الفصائل الفلسطينية الفدائية، وقضى على حلفائها من القوى الوطنية اللبنانية، ثم قام بإنشاء حزب اللات بالتعاون مع خميني الهالك، وحصر امتلاك السلاح خارج الأطر الرسمية في الطائفة الرافضية!!
ولأن الأسد كان الأداة الرئيسية في وضع حجر الأساس لتحالف الأقليات لحماية الكيان الصهيوني، فقد اصطدم بزعامات المارونية السياسية، الذين صعقوا لتخلي الغرب عنه، بعد عقود من رهان الغرب على عمالتهم له..
لم يدرك هؤلاء ما ينفذه حافظ خدمة لسادته وسادتهم، ولذلك سمح الغرب له بضرب آل الجميل وشمعون ثم الجنرال الأرعن ميشيل عون قائد الجيش اللبناني حينئذ!!
المهم أن زياد الرحباني الذي يدعي الإلحاد، غاظه سلوك الأسد مع النصارى، فأنتج عملاً فنياً جريئاً، تحت عنوان: يا عسكر سوريا.. شو مخبرينكم!! يعني: يا جيش سوريا في لبنان: ما الذي أخبروكم إياه.. عن مهمتكم هنا..
يسخر الرحباني في شريطه سخرية مريرة من مزاعم المقاومة والممانعة التي عتاد نظام الأسد التخفي وراء شعاراتها منذ تأسيسه قبل 43 سنة، وهو الخائن الذي باع هضبة الجولان بلا قتال...
السؤال الذي يطرح نفسه على المنخدعين ببهوانيات زياد الرحباني: كيف يكتشف الرحباني دجل الأسد الأب قبل نحو أربعين سنة، ثم يصدق اليوم أكاذيب الأسد الولد؟ كيف كان الرحباني مبكراً في فضح عمالة حافظ الأسد في تلك الفترة التي كان اكتشاف عمالته فيها عملية لا يقدر عليها سوى قلة من الخبراء الحكماء، وكيف أصبح يروِّج للأسطورة الساقطة بعد أن أسقطت الثورة السورية قناعها أمام عامة الناس؟
هل كان الرحباني يشتم الأسد ويُعَرِّي مهمته القذرة في لبنان فقط لأنه ضرب مكامن القوة العسكرية للنصارى، وأصبح اليوم في خندق ابنه وريث الخيانة بعد أن أضحى تحالف الأقليات مفهوماً لدى سائر النصارى باستثناء قلة نادرة تقرأ التاريخ والجغرافيا جيداً، لكنها أقلية محاصرة وصوتها مكتوم لأن الكنيسة المحلية والعالمية-الفاتيكان-تمضي في التحالف الخبيث بكل طاقاتها؟