الطريق ليس هناك
6 محرم 1435
د. محمد العبدة

الطريق ليس الى جنيف 2 ولا الى جنيف 3 وإنما عند الأمة ، عند الشعب السوري الذي صمد حتى الآن رغم كل الأهوال التي انصبت عليه ، الحل ليس في دهاليز الفنادق حيث تبدأ التنازلات والمساومات ، وحيث يتسلل الذين يتقنون انتهاز الفرص ، ويتقنون النفاق ، هؤلاء يتنازلون عن أشياء كثيرة مقابل بعض الفتات ، وبعض هؤلاء يفرح إذا صافحه الوزير الفلاني أوالرئيس الفلاني ،لقد تخلى مايسمى المجتمع الدولي عن واجباته الأخلاقية والإنسانية وليس غريبا هذا الفعل منه ، وتخلى الأصدقاء ، فالإنقلاب في مصر جعل من مصر دولة هامشية في المنطقة لاتستطيع أن يكون لها دور في أحداث سورية ، هذا إن لم يكن لها موقف سلبي من الثورة السورية ابتداء ، وتركيا رغم موقفها الإيجابي بل والمشرف مقارنة بغيرها ولكنها بدأت تراجع حساباتها مع دول المنطقة ، ويجتمع وزير خارجيتها مع نظيره الايراني ، كيف تذهبون الى جنيف وليس معكم تفويض من الشعب ولا اتفاق وتفويض من الكتائب التي تقاتل على الأرض ، كيف تذهبون والمعارضة أصبحت معارضات ، معارضتان في الداخل تريدان الحضور ، هذا عدا عمن يدس أنفه ليحضر كمعارض ولوفرديا  ، وكيف تجلسون مع ايران الداعم الأكبر لقتل الشعب السوري ، إن من سياسات الغرب الثابتة ميله للتعامل مع الطوائف وليس مع الأكثرية ، فالمشاعر العرقية أو الطائفية هي التي يريد توطيدها ، ومن ثوابته أنه لايبرم عهدا إلا على نية نقضه عندما تحين الفرصة المناسبة ، كما قال تعالى ( وما وجدنا لأكثرهم من عهد ) ولذلك لا يوثق بأمريكا ووعودها ، وروسيا وايران عدوتان لدودتان للمسلمين في سورية ، فلم يبق إلا أن ترجعوا – وأعني المعارضة السياسية والإئتلاف خاصة – أن ترجعوا الى ضمير الشعب السوري وإلى معاناة الشعب السوري وترفضون الشروط المذلة التي يريدها منظمو جنيف وعلى رأسهم الإبراهيمي .

 

ألا يستحق هذا الشعب الذي يحمل ميراثا عريقا في الإسلام وحافظ على الفضائل الأخلاقية قرونا رغم كل ماعاناه من ويلات الإستبداد والإستعمار ومكر الغرب الذي حاول محو مقوماته بالتدرج والخفاء ، حارب الايمان بالإلحاد والوحدة بإثارة النعرات العنصرية والعربية بإحياء اللهجات الإقليمية ، ألا يستحق هذا الشعب التقدير وأن يسمع صوته وماذا يريد ؟أبعد كل هذا الدمار يبقى بشار على أرض الشام ؟ ماهذه الدول التي ترى كل يوم القتل لشعب يطالب بحريته ثم يختزلون القضية في تدمير الكيماوي الحل هو في التعاون والاتحاد والوحدة ، وحدة السلاح والمال ، وحدة التخطيط وغرفة العمليات الموحدة ، وعندئذ إذا كان لابد من الذهاب الى جنيف ستذهبون وانتم أقوياء ، تفرضون الشروط التي لابد منها ، الشروط التي لاتنازل عنها ، إن الخطأ في مثل هذه اللحظات يجر الى الكوارث ( وما اتفاقيات اوسلو عنكم ببعيد ) وفي التاريخ الحديث وفي مفاوضات المغرب مع فرنسا وبداية التنازلات علق الأمير محمد بن عبد الكريم : إن هذا خذلان لإخواننا في الجزائر، ونحن نقول : إن الذهاب لجنيف تحت شروط مذلة هو خذلان للشعب السوري . إنها لحظات مصيرية لايجوز النظر إليها بعين السهولة وأننا نقبل الآن أي شيء لتمرير هذه المرحلة .

 

في جنيف ستكون الضغوط والمساومات حتى تتبرأ امريكا  ويتبرأ الغرب ويقول لقد حاولنا وقمنا بواجبنا ولكن الأطراف أفشلوا المؤتمر . إذن من الآن نكون واضحين ، لانريد حلولا عرجاء ، حلولا لاطعم لها ولالون ، نريد حلولا يرجع فيه الحق لأصحابه ، ويعاقب المجرم على إجرامه ،  تذكروا يامن ستذهبون الى جنيف ماذا سيكتب التاريخ عنكم ، وماذا ستقول الأجيال عنكم ، والله غالب على أمره .