صدر هذا الكتاب في مجلدين كبيرين، للباحث الأستاذ سيد حسين عفاني، صاحب المؤلفات الكثيرة في حقل الإسلاميات، ونشرت الكتاب دار ماجد عسيري بمدينة جدة.
عنوان الكتاب واضح الدلالة فهو يتناول طيفاً واسعاً من الرجال المشهورين، لكنهم أقزام في ميزان الإسلام، لأن أكثرهم مناوئون للدين الحق، وبعضهم رضخ لإملاءات الغزو الخارجي الذي افتتن به أصناف من المجتمعات المسلمة، فإذا بهؤلاء الرموز يسعون إلى تشويه الإسلام حتى يلائم الحملات الوافدة على مع جيوش الاحتلال وعتاة المنصرين وغلاة المستشرقين.
يقول المؤلف في مقدمته للتمييز بين الفريقين: (... لا نقطع لمعين من المسلمين بالنار إلا من حدده الشارع وأن هناك فرق كبير-والصواب: فرقاً كبيراً- بين كفر النوع وكفر العين، وأنه ليس من قصد الحق كمن تعمّد قصد الباطل- فمن بين هذه التراجم من يصدق عليهم القول {هم العدو فاحذرهم} وهناك منهم من دافعوا عن الإسلام في بعض الميادين وتصدوا لشانئيه ولكنهم في ميدان آخر شطوا فكان لا بد من بيان خطئهم كمحمد عبده، والعقاد، ومحمد عمارة، ومحمد إقبال.. وعسى أن يمتد العمر بالمرء فيضعهم كلهم في هذا الفصل "إسلاميون ولكن" فالله وحده يعلم في أي ظرف يخرج هذا الكتاب).
وكان في الإمكان جعل العنوان أكثر دقة لو كان: أعلام أقزام أو الأعلام الأقزام، لأن العنوان الحالي يوحي بأنه يحتوي على التعريف بأعلام يقابلهم أقزام!! والملاحَظُ على الكتاب إنه لا يسير وفق ترتيب معين، كالترتيب بحسب الحروف الهجائية لأسماء الشخصيات التي تناولها، أو بناء على سنوات ولادتهم أو أي اعتبار مماثل في كتب من هذا النوع، بالرغم مما يبدو في المجلد الأول من ترتيب شبه تأريخي لكنه غير منضبط.
نقول هذا مع تقديرنا الكبير للجهد الذي بذله الأستاذ عفاني وحرصه القوي على توثيق ما يتبناه من اتهامات خطيرة.
الشخصية الأولى في الكتاب هي شخصية محمد علي الذي يصفه المؤلف بأنه مؤسس العلمانية في مصر الحديثة، ويليه رفاعة رافع الطهطاوي، ثم عبد الرحمن الكواكبي، وأحمد عرابي الذي يأخذ عليه استضافة أول مؤتمر للتنصير بالمشرق الإسلامي في منزله!!
ومن الرموز التي عرضها عفاني: جمال الدين الأفغاني وتلميذه الشيخ محمد عبده وقاسم أمين حامل لواء إفساد الأسرة المسلمة من خلال دعوته الهدامة باسم تحرير المرأة، وسعد زغلول التغريبي وذي العلاقة المشبوهة بالإنجليز ومندوبهم "السامي" في مصر اللورد كرومر، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه لقب: أستاذ الجيل زوراً وبهتاناً، وإسماعيل مظهر عدو الحجاب وداعية السفور، والشاعر العراقي الملحد جميل صدقي الزهاوي وكان يهجو كل من يخالفه الرأي في تبنيه خرافة داروين عن التطور، وعلي عبد الرازق الشيخ الأزهري الذي افترى على الله الكذب وزعم أن لا علاقة للإسلام بالحكم والسياسة، وأحمد أمين الذي شكك في صحيحي البخاري ومسلم بالتشهي، وساطع الحصري فيلسوف القومية العربية الزائفة وصاحب مقولة: عرب نعم، إسلام لا، أنا لاييك (أي: لا ديني)، ودرية شفيق زعيمة حزب بنت النيل ورائدة إخراج المرأة المصرية عن عفتها، والتي شنت حملات ضارية على الإسلام امتلأت بالكذب واجتزاء الحقائق.
ومن الطريف ما كتبه المؤلف عن خالد محمد خالد الذي كان علمانياً متطرفاً ابتداء من كتابه الشهير: من هنا نبدأ، الذي رد عليه الشيخ محمد الغزالي في كتب: من هنا نعلم. والمفارقة في رأي المؤلف أن خالد محمد خالد رجع إلى الحق في ما بعد، بينما أصيب الغزالي بشيء من لوثة الانبهار بالغرب!!
ولا ينسى عفاني القبطي المتطرف لويس عوض والسنهوري واضع القانون المدني، ونوال السعداوي التي يصفها بأنها مؤسسة كاملة لإعلان الحرب على ثوابت الإسلام، وجبران خليل جبران رائد الإباحية الشهوانية وهي إحدى رزايا الأدب المهجري القائم كذلك على اللا أدرية والهجوم الشرس على مقومات المجتمعات المسلمة.
وممن تناولهم الكتاب حسين أحمد أمين الذي انتهب أساطير المستشرقين الكاذبة الخاطئة ونسبها إلى نفسه، وكلها أباطيل لا تترك ثابتاً من ثوابت الإسلام إلا وحاولت تشويهه وتحريفه والافتراء عليه.
ومن مفاجآت المؤلف كشفه الحقد الهندوكي المتخفي في شخصية غاندي وراء قناع اللا عنف وتقديمه كمناضل إنساني النزعة....