الكتاب: الإسلام يتصدى للغرب الملحد
تأليف: د.محمد نبيل النشواتي
ط1
1431/2010م
الناشر: دار القلم بدمشق
*******
هذا الكتاب يعلن عن نفسه من عنوانه الصريح، فموضوعه هو المواجهة المديدة بين المسلمين والغرب، نتيجة حقد الأخير وتعصبه اللذين ازدادا شراسة منذ انهيار عدوه الإستراتيجي: الكتلة الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفياتي البائد في عام 1991م.
صحيح أن المؤلف اختار تشخيص الصراع بين الإسلام والغرب، وهو اختيار يقبل الأخذ والرد، لأن الصلة بين الإسلام والمسلمين هنا تقوم على الخصوص والعموم، فالمواجهة فعلياً تتم بين الغرب وأمة الإسلام، ولو يكن المسلمون أمة يؤمنون بدينهم وبأنه منهاج يحكم سائر شؤونهم، لما كان الغرب يُسَخِّر كل طاقاته لمحاربة دين يقبع في زوايا تعبدية محض.
والدليل جلي في السعي الغربي المحموم منذ أحداث سبتمبر 2001م – في الأقل-للقبول بإسلام مستكين متغرب بحسب بنود مؤسسة راند الأمريكية!!نقول هذا مع التسليم بأنه لا مشاحة في الاصطلاح.
بعد مقدمته الساخنة، يدخل بنا المؤلف في البحث في نشأة الإلحاد والمادية، ويشتمل على تعريف قارئه بالنظرية المادية "الذرية" منذ فلاسفة الإغريق الماديين، حتى الفلسفات الليبرالية الإلحادية الحديثة، مروراً بالثورة الفرنسية التي ناوأت الكنيسة بشدة بسبب الميراث البائس للعصور الوسطى التي سيطر فيها كهنة النصارى على الناس وفرضوا عليهم الخرافات ودعموا الطغاة ضد الشعوب.ثم يعرِّج على أكذوبة الخلق الذاتي التي شاعت باسم العلم زوراً وظلماً، وتعزز إلحادها بظهور نظرية النشوء والارتقاء الذاتي لداروين، وصولاً إلى الماسونية والصهيونية والشيوعية.
في الفصل الثاني المخصص للتغريب وتحديث الفكر الإسلامي يعرض النشواتي حروب الغرب المستمرة لإضعاف صلة المسلمين بإسلامهم، وهي حروب اتخذت وسائل وأساليب شتى، ضمت المتغربين بصنفيهم: المتغربين عن عمد بسبب كراهيتهم للإسلام، والآخرين المنبهرين التائهين.
وهو يخص المنصرين والمستشرقين بحديث خاص، بالنظر إلى دورهم الرئيسي في الحرب الغربية على الإسلام، ولا سيما أنهم قاموا بالتأثير على كثير من النخبة التي هيمنت على معظم البلاد الإسلامية سياسياً وفكرياً بالقوة.
لكنه مع ذلك يفرد فقرة مستقلة للتذكير بعدد من المستشرقين المنصفين، الذين قادتهم نزاهتهم وموضوعيتهم إلى الدخول في دين الله تعالى.ولا يفوته أن يبين أبرز الشبهات التي افتراها رجال الاستشراق على الإسلام عقيدةً وشريعةً وتاريخاً.
وهو يحاجج اليهود الصهاينة الذين زوروا حقائق ملتهم وتاريخ البشرية، عندما زعموا أن فلسطين هي أرض وعدهم بها الرب –تعالى الله عما يفتري الظالمون-، فيرد عليهم ببراهين سديدة وقوية، ثم يكر على جريمتهم بتحريفهم كتبهم "المقدسة" ويثبت وقوع تحريفها عمداً بأيديهم.
وبعد كلامه عن اغتصابهم لفسطين مؤكداً وجوب مقاومة الصهاينة بكل السبل الممكنة، يأتي عرضه لمحة وافية عن الماسونية وعلاقتها باليهود وأهم أفكارها وأبرز جرائمها وتآمرها للسيطرة على العالَم.
وفي مسألة العلمانية يتحدث الكتاب عن نشأتها وأسسها ثم عن المادية الجدلية"الديالكتيكية"التي دعا إليها ماركس وإنجلز، يلي ذلك بحث مستفيض عن الداروينية ينتهي بتفنيد موسع لأركانها الضالة المضلة.
في الفصل الثاني عشر يجزم الباحث بأن حضارة الغرب آيلة للسقوط، لتجردها من العوامل الروحية والإنسانية.
وفجأة نقف أمام الفصل الثالث عشر الذي عقده النشواتي لإثبات وجود الله تعالى بالأدلة العقلية والعلمية والمادية!! ثم حديث مفصل في فقرات عدة عن الإعجاز العلمي في تخلُّق الجنين، يليه عرضٌ لأحاديث نبوية فيها إعجاز علمي ثم يعود لبيان إعجازات علمية أخرى في كتاب الله عز وجل!!
ثم يحدثنا الكتاب عن إساءة الغرب لحرية التعبير –الرسوم الدانمركية المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وفقرة أخرى عن إقبال الغربيين على الدخول في الإسلام، ثم حديث مباغت جديد عن قصة الغرانيق...
وختاماً: فإن حماسة المؤلف في الذود عن دينه وأمته واضحة وقوية، نسأل المولى سبحانه أن يجزيه عنها خيراً. وفي الكتاب معلومات جيدة بلا شك. إلا أن ذلك كله لا ينفي الاضطراب الكبير في منهجية التأليف، فما سردناه عن أبرز محتويات الكتاب يعطي فكرة كافية عن افتقار الكتاب إلى التنظيم الموضوعي، وإلا فما موقع الحروب الصليبية عند الحديث عن التغريب وتحديث الفكر الإسلامي....
كما أن المؤلف الفاضل لم يقدم تعريفاً للإلحاد، ولعل هذا هو ما أوقعه في مغالطات علمية، فالصليبية والتنصير من أعداء الإسلام بلا شك لكن الصليبيين على شركهم ليسوا من الماديين المنكرين لوجود الله.