ذلكم هو عنوان الكتاب الذي قام بتأليفه الأستاذ أحمد عمر أبو شوفة،في نحو 240 صفحة،ويتناول المعجزة القرآنية ابتداء من تعريف المعجزة وشروطها وأنواعها،وهو يقسم المعجزات إلى نوعين:معجزات حسية ومعجزات عقلية.
ويربط المؤلف استمرار الإعجاز القرآني في أحد وجوهه بالتقدم العلمي في فهم الكون،ويضرب لذلك مثلاً بورود المشرق والمغرب بصيغة المفرد والمثنى والجمع،ويقارن بين تفسير المفسرين القدامى لتلك المفاهيم وتفسير المعاصرين بعد أن ثبت علمياً كل من كروية الأرض ودورانها حول نفسها وكذلك حول الشمس.
ثم يتحدث الباحث عن الإعجاز في رسم كلمات القرآن الكريم الذي يتشعب إلى رسم بالحذف وآخر بإبدال الألِف واواً ونوعاً ثالثاً :رسم الكلمات بحرفين مختلفين كالتاء المبسوطة والتاء المربوطة والرابع:رسم نون التوكيد أَلِفاً ،كما يتكلم الكتاب عما يسميه مؤلفه الإعجاز العددي،ويناقش قضية شغلت العلماء المسلمين في وقت مبكر وهي هل في كتاب الله كلمات غير عربية،أم لا؟
وفي حديثه عن علم المبهمات والحكمة منه،يبحث المؤلف سبب التصريح باسم مريم والدة عيسى بن مريم عليه السلام والصحابي زيد بن حارثة،ثم يتكلم عن نزول القرآن على سبعة أحرف،ثم عن افتتاح بعض السور بحروف مقطعة..ومع أنه ينقل تسعة اقوال في تعليل ورود هذه الفواتح،ويخلط بعضها بطرائف مفتعلة بين أهل السنة والشيعة،فإنه في النهاية يحصر القول بالتفسير العددي الذي يبدو أن يسيطر عليه.وهو ما يتجلى في الفقرة التي تحمل الرقم 14،حيث يسرد جملة من الأرقام التي يقول إنها وردت إليه!!وهذا نص ما قاله: (لقد أكرمنا بفضل الله ومنّه بخلاصة كافية عن الإعجاز العددي نثبتها كما وردتنا بالأرقام العجيبة، والتوافقات الغريبة التي تعتبر وجها من التوازن والتساوي، والتناسب في الإعجاز العددي في القرآن الكريم المشار إليه في قوله تعالى:اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ [الشورى: 17])!!ومن تفصيله في هذا الباب اعتماده على ورود موضوعات معينة مع عدد مرات ورودها: .... الخيانة والخبث/ 16// الكافرون والنار/ 154// الضالون والموتى/ 17// المسلمون والجهاد/ 41// الدين والمساجد/ 92// التلاوة والصالحات/ 62// الصلاة والمناجاة/ 67// الزكاة والبركات/ 32// الصيام والصبر والدرجات والشفقة/ 14// العقل والنور/ 49// اللّسان والموعظة/ 25// السّلام والطّيبات/ 50// الحرب والأسرى/ 6// الهدى والرحمة/ 79// المحبة والطاعة/ 83// البر والثواب/ 20// القنوت والركوع/ 13// الرغبة والرهبة/ 8// الجهر والعلانية/ 16// الغواية والخطأ والخطيئة/ 22// الفحشاء والبغي والإثم/ 24// الموضوعات/ أعدادها/ القليل والشكور/ 75/ الحرث والزراعة والفاكهة والعطاء/ 14/ الشجر والنبات/ 26/ النطفة والطين والشقاء/ 12/ الألباب والأفئدة/ 16/ الشدة والصبر/ 102/ المصير والأبد واليقين/ 28/ الناس والملائكة والعالمين/ 241/ الضلالة والآيات/ 191/ الآيات والإحسان والخيرات/ 194/ الرسل والأنبياء وأسمائهم/ 368/ القرآن والنور والحكمة والتنزيل/ 68/ القرآن والبينات ومبينات// وموعظة وشفاء/ 68/ محمد والشريعة/ 4/ الشهر تكرر بعدد شهور السنة/ 12/ اليوم تكرر بعدد أيام السنة/ 365/ الحساب/ 29/ العدل والقسط/ 29/ الجزاء/ 117/ المغفرة ضعف الجزاء/ 234 آيات الوعد: 1000، آيات الوعيد: 1000.
آيات الأمر: 1000، آيات النهي: 1000.
آيات الأخبار والقصص: 1000، آيات الأمثال والعبر: 1000. فلو سلمنا بأن الشواهد الثلاثة الأخيرة قد تعني دلالة معينة،فأين الدلالة على الإعجاز العددي في الشواهد التي سبقتها؟
وفي صفحات لاحقة يعقد المؤلف فصلاً لما سماه دور علم النحو في فهم معاني القرآن الكريم،فما صلة النحو هنا بالإعجاز؟ وهل عجز الصحابة وكفار العرب عن فهم معاني القرآن لأن علم النحو باتفاق الجميع ظهرت بواكيره في أواخر العهد الراشدي على أبعد تقدير؟
والأمر ذاته ينطبق على حشر أسباب النزول في الكتاب،مع أنه لا علاقة لها بالإعجاز، على الأقل لأن الكاتب لم يبين لنا تلك العلاقة إن كان يراها؟
وفي الختام يثبت المؤلف ملحقاً تضمن عدداً من القواعد الفقهية-مع أن عنوانه يوهم أنه استقصى تلك القواعد وهو:ملحق يتضمن القواعد الفقهية في الشريعة الإسلامية!!-.
وبعد:فنحن نتوقع حسن النية لدى المؤلف –والله أعلم بالسرائر- لكن الكتاب نموذج لاستسهال التجميع والتلصيق كحاطب ليل بلا منهج معقول.فلا الكتاب اقتصر على ما يسمى الإعجاز العددي،لعله يأتي بجديد،ولا هو تناول الإعجاز بين القدامى والمعاصرين، ناهيكم عن تجاهله الإعجاز البياني للقرآن الكريم،الذي هو أصل الإعجاز دائماً،حتى بعد ظهور وجوه إعجاز جديدة في العصر الحديث..
ينسب نصوصاً إلى بعض من كبار الصحابة رضوان الله عليهم كأبي بكر وعلي وابن مسعود من دون إسناد أو بيان مصادر يعزو إليها أو ينقل عنها.