"السيسي" وأحلام "البرادعي" المجهضة
6 رجب 1434
خالد مصطفى

جاءت تصريحات وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي القاطعة بشأن عدم تفكير الجيش بالتدخل في السياسة من جديد أو الانقضاض على "الشرعية المنتخبة"  لتلقي ماءً باردا على وجوه بعض المعارضين العلمانيين وعلى رأسهم الدكتور محمد البرادعي وجبهته التي ألمحت مرات عديدة بأن على الجيش أن يتدخل لـ "إنقاذ البلاد من أيدي جماعة الإخوان" ـ على حد قولهم ـ وكأن الجماعة مجموعة من المرتزقة جاءوا من خارج البلاد واحتلوها بالقوة العسكرية وليس بإرادة الشعب..

 

ومهما كان الخلاف مع طريقة الجماعة في إدارة البلاد فهي لا يمكن أن تبرر تدخل الجيش في الشأن السياسي وما سيترتب على ذلك من أزمات ضخمة وتوريط للجيش في الصدام مع فئات الشعب المختلفة وخفض مستوى كفاءته التي تتطلب منه التركيز للدفاع عن حدود البلاد من خطر العدوان خصوصا مع وجود الاحتلال الصهيوني متربصا على الحدود الشرقية..الغريب أن الأصوات التي تعلو الآن من أجل تدخل الجيش لإبعاد الإسلاميين عن الحكم بالقوة هي نفسها الأصوات التي هتفت منددة بحكم العسكر بعد إسقاط نظام مبارك وهي من قالت "يسقط يسقط حكم العسكر" وطالبت بمحاكمة قائد العسكر وقتها المشير طنطاوي ونائبه الفريق عنان بتهمة قتل وسحل المتظاهرين الذين كانوا يخرجون لسب الجيش وقذفه بالطوب والحجارة وعندما طالبهم الإسلاميون بالصبر حتى يؤول حكم البلاد للمدنيين بعد الانتخابات رفضوا واتهمومهم بالخيانة أما الآن فدعوة العسكر للحكم أصبحت دليلا على الوطنية!..

 

لقد فوتت تصريحات السيسي الفرصة على من أرادوا الصيد في الماء العكر وصنع أوهام حول العلاقة بين الرئيس مرسي وقيادة الجيش التي عينها هو بنفسه بعد توليه الرئاسة وما كان الفريق السيسي معروفا لأحد قبل أن يعينه الرئيس مرسي وهو أحد القادة الشباب الذين ما كانوا ليصلوا لهذا المنصب في هذا السن لولا الثورة...إجهاض حلم البرادعي في تنحية الإسلاميين بقوة الجيش تؤكد حقيقة فهم "الديمقراطية" عند هؤلاء العلمانيين فهم مثل أمريكا التي علمتهم "الديمقراطية" تماما بمعنى أن "الديمقراطية" عندهم هي مطية للوصول لأغراضهم فإذا كانت أغراضهم لا تسير مع مفاهيم "الديمقراطية" فإلى أقرب صندوق قمامة...

 

العجيب أن الإسلاميين الذين كانوا يتهمون دوما باستغلال "الديمقراطية" للوصول للحكم ثم إنكارها هم الذين يصرون الآن على إجراء الانتخابات والرجوع إلى الشعب بينما الآخرون يخافون ويرفضون ذلك ويقومون بألعاب صبيانية مثل جمع توقيعات في حملة التمرد التي أطلقوها من أجل عزل الرئيس المنتخب وهو أمر يثير الدهشة لان الباب مفتوح أمامهم لعزله بالانتخابات فلماذا يصرون على الألعاب الخفية التي لا تحكمها الضوابط القانونية؟! 

 

لقد فشل العلمانيون في تقليب الشعب على السلطة المنتخبة وترويج الشائعات عن إفلاس البلاد وضياع مستقبلها, كما فشلوا في تحريض الجيش ولم يبق أمامهم سوى الألعاب البهلوانية التي يتسلون بها لملأ وقت فراغهم بدلا من النزول إلى الشارع للالتحام بالشعب الذي يعاني أكثر ما يعاني من مخططاتهم في إشعال الشارع وتخويف الاستثمارات الأجنبية والوطنية بإشاعة عدم الاستقرار الأمني..لم يفكر هؤلاء لحظة في النزول الحقيقي للشارع لتقديم البديل عن المتاح لسبب بسيط أنهم لا يملكون أية حلول وإنما يملكون فقط إرادة التخريب...

 

لا أقول هذا الكلام مدحا في الاوضاع الحالية فهي غير مرضية ولكن الحقيقة أن السبب الرئيسي وراء ذلك  يكمن في أساليب التخويف والترويع واستغلال الضعف الامني من قبل المعارضة التي لن تعدم أساليب جديدة لإفشال أية مخططات لصالح الوطن وهو ما جعل شعبيتها تتهاوى بقوة باعتراف عدد من قياداتها.