الأسد لـ "إسرائيل": شكرًا لجهودكم
28 جمادى الثانية 1434
خالد مصطفى

جاءت الغارة الصهيونية التي شنها الاحتلال الصهيوني على دمشق كطوق نجاة لنظام أوشك على الانهيار, وهو ما يؤكد أن العلاقات بين الطرفين أكبر من كل ما قيل أو قد يقال..إن العلاقات السرية بين "إسرائيل" وعدد من دول المنطقة لا زال يحمل الكثير من الأسرار ولعل السنوات القادمة تكشف عن جوانب مهولة في هذا الجانب الذي أصبح لغزا محيرا حول العدو الإعلامي العلني والصديق الودود السري...

 

إن الأسد لو أراد أن ينفق كل ما يملك من دولارات ليلمع صورته التي تجاوزت في سوءها عالميا صورة هتلر وهولاكو ونيرون ما استطاع أن يفعل واحد على المائة مما فعلته "إسرائيل" له بهذه الغارة العنترية التي تضاربت الأقوال حول دوافعها حيث ذكرت "إسرائيل" أن الغرض هو الهجوم على شحنة صواريخ لحزب الله اللبناني بينما قيل بحسب مصادر أخرى أن الغرض كان استهداف أسلحة كيماوية للأسد, وهي تصريحات ضعيفة البنية يظهر منها محاولة التغطية على الأهداف الحقيقية للغارة لأن نقل شحنات صواريخ لحزب الله يتم منذ سنوات طويلة ونظام الأسد يحتاج لهذه لصواريخ الآن أكثر من حزب الله الذي نفض يده من الحرب مع "إسرائيل" تماما وتفرغ للحرب ضد اللبنانيين والسوريين حفاظا على مصالح ملالي طهران واتباعا لأوامرهم؛ لذا من المستبعد صحة هذه التصريحات,أما ما كشف الشيخ العكاري عن أن المقصود كان إحباط محاولة انقلاب ضد الأسد فهو أمر جدير بالوقوف عنده لأن عدد القتلى الذي نقلته بعض المصادر يؤكد أن الأمر يتعدى مهاجمة شحنة صواريخ ويؤكد على رغبة الكيان الصهيوني في الحفاظ على أحد أهم الأنظمة التي توفر حماية منقطعة النظير له بمنعها لأية حركات مقاومة في الجولان المحتلة..

 

أما ما قاله تلفزيون المنار، التابع لحزب الله، بأن الغارة استهدفت موقعاً مقابلاً لمركز البحوث العلمية في جمرايا، وهو موقع تابع للإدارة الإنتاجية في الجيش السوري لتربية الدواجن ومحاط بمصانع للإسمنت والشاي, وأن الحصيلة النهائية "استشهاد عدد من المدنيين والعسكرين و"نفوق الدجاج" فهو أمر يدعو للسخرية والتي خرجت لاذعة على لسان بعض السوريين الذين قالوا "توضحت المؤامرة تماماً.. الغارة الإسرائيلية استهدفت مزرعة دواجن.. حسب رواية النظام.. هذا و إن دلّ على شيء.. فإنما يدل على أن إسرائيل لا تريد لنا أن ننعم بوجبة "دجاج بالفرن .. ولا تريد لأجسامنا أن تتزود بالبروتينات المطلوبة"...

 

أما الهدف الأقرب ـ فيما أرى ـ فهو التغطية على جرائم الأسد المتتالية وإكسابه تعاطفا دوليا وإقليميا وتشويه سمعة المعارضة بالترويج أنها تتعاون مع "إسرائيل" لضرب نظام "الممانعة والرفض العربي" الذي يمثله بشار الأسد..لقد ذكرنا سابقا أن الغرب لا يريد لطرف في هذه الحرب الانتصار الحاسم والسريع وكلما وجد طرف ما أقرب للنتصار يسعى لدعم الطرف الآخر لأن المطلوب هو إنهاك الجميع وإضعاف سوريا وتقسيمها في المستقبل لدولتين واحدة علوية والأخرى سنية والغارة الصهيونية تصب في نفس الاتجاه حيث وجدت أن المعارضة مؤخرا حققت نجاحات مهمة وبدأت التساؤلات تزداد حول عدم الدعم الغربي لها بالشكل المناسب والتناقض بين التصريحات والأفعال فأرادت "إسرائيل" وبتنسيق تام مع أمريكا توجيه هذه الضربة التي استهدفت المعارضة قبل أن تستهدف الأسد ونظامه المتهاوي..

 

إن "إسرائيل" نفذت عدة ضربات سابقة ضد الأسد بشكل محدود ولكنها لم تعلن عنها في حينها أما هذه المرة فكان المقصود إعلامي بالدرجة الأولى لذا كانت الضربة ضخمة وعنيفة وهزت دمشق بأكملها, حتى ظن بعض السكان أن زلزالا عنيفا ضرب البلاد..قد تكون الضربة أصابت هدفا عسكريا ولكن لم يكن هذا أبدا هو المقصود.