في عام 1422 صدرت الطبعة الأولى من كتاب (أصول وقواعد منهجية/قراءات في منهاج السنة النبوية) من تأليف الأستاذ أحمد بن عبد الرحمن الصويان، الذي أصدر طبعة جديدة من الكتاب، في ظروف سياسية وفكرية أكثر احتقاناً وتوتراً بين السُّنّة والشيعة-كما يقول في سطوره الأولى-.
لا يحتاج المرء هنا إلى التعريف بكتاب (منهاج السنة النبوية في الرد على الرافضة والقدرية) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فالكتاب مشهور شهرة مؤلفه نفسه، سواء بين محبي الشيخ أو في أوساط مبغضيه، فالفريق الأول يعرف للكتاب قدره كمرجع جوهري في نسف أباطيل الرفض، والفريق الآخر يكتوي بنيران الحق التي قذفها الشيخ على باطلهم، واستمرت حممها تنغص عيشهم والرجل قد قضى نحبه منذ مئات السنين.
المؤلف الفاضل يبحر مع الكتاب في سياحة منهجية معلنة ابتداء من عنوانه، وهو يربط العصور بين زمن منهاج السنة ووقتنا الحاضر، ولذلك يأخذ على بعض الناس إصرارهم على فصل العقدي عن السياسي في مواجهة مؤامرات القوم. بل إن بعض الباحثين يتهم بالطائفية كل باحث من أهل السنة تضطره الحقيقة الراسخة إلى بيان صلة الرافضة اليوم، بمستنقعاتهم الآسنة المستمرة. فإذا تحدث الإنسان عن مظالم أهل السنة في إيران الخمينية انبرى له هؤلاء مبررين للقوم ولائمين له، وإذا انتقد السياسة الشوفينية ضد عرب الأحواز هاجموه بذريعة أن هنالك أولويات... . .
حصر الأستاذ الصويان محتوى كتابه في بابين، يعنى أولهما ببيان المسافة الشاسعة بيننا وبين الرافضة في مصادر الاستدلال والتلقي، بدءاً من الأدلة القرآنية المتأثرة عندهم بموقفهم السيئ من كتاب الله عز وجل، ثم اعتمادهم على تفاسير المعتزلة والروايات الواهية... ويعرض أبرز قواعد الاستدلال عند أهل السنة، من تعظيم النص الشرعي والتزامه، وجمع النصوص في الباب الواحد ورد المتشابه إلى المُحْكَم... . وأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص سبب النزول، وأن العبادة مبناها الاتباع لا الابتداع...
وفي مبحث الأدلة من السيرة النبوية يسجل الباحث على الرافضة جهلهم بالسنة والسيرة النبويتين، وتعمدهم الكذب في النقل لتقرير مذهبهم الباطل بالباطل... وفي مبحث الأدلة العقلية يبين تلازم العقل والنقل ودر تعارضهما عند أهل الحق، ثم يفسر عوامل اضطراب المعتزلة في عقلياتهم لأن الرافضة ساروا وراءهم بلا بصيرة واعتمدوا على عقلياتهم بلا تمحيص.
وآخر مبحث في الباب عقدها المؤلف للموقف من آل البيت النبوي وناقش مسائل العصمة وما يتصل بها، فأجاد وأفاد بحيث يرى القارئ المنصف الفروق الجلية بين ضياء الشمس الساطع وظلمة الليل الحالكة.
عنوان الباب الثاني هو: قواعد في المنهج، ويضم ثلاثة مباحث، أولها: قواعد في دراسة أحوال الصحابة رضي الله عنهم ويشتمل على سبع عشرة قاعدة مؤصلة بالدليل الشرعي الناصع.
والمبحث الثاني: قواعد علمية في الرد على المبتدعة وفيه خمس قواعد أساسية في مجاله.
والمبحث الثالث-الأخير-: قواعد في التكفير وتحته خمس عشرة قاعدة تضبطه وتبين حدوده وسبله المشروعة...
إن هذا الكتاب حقاً قراءة موضوعية إبداعية في منهاج السنة النبوية، فكل ما تطرق إليه الباحث من مسائل أصلية وفرعية، استندت إلى ما جاء في منهاج السنة، وإن اثراها المؤلف بعلمه فأضاف إليها ما يعزز من قوتها من شواهد وأدلة ثابتة عن أهل العلم المعتبرين.
وواضح للمنصف أن الباحث كما تحدث عن نفسه قرأ المنهاج مرات قراءة واعية متدبرة، فهضمه ووعى قضاياه ولذلك استطاع أن يستخلص منه هذه الثمار الطيبة.