كلمة مختصرة حول مهرجان الجنادرية
7 جمادى الثانية 1434
ناصر بن سعيد السيف

     انطلق مهرجان الجنادرية قبل ثمانٍ وعشرين سنة - تقريباً – ومازالت المخالفات الشرعية والتجاوزات النظامية تزداد كل عام ابتداءً من الفعاليات الثقافية وانتهاءً بالتضييق على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر مروراً بفعاليات الرقص والغناء تحت غطاء حفظ التراث الشعبي.

 

     ولا يخفى على الجميع تلك المخالفات الشرعية والتجاوزات النظامية في الفعاليات الثقافية باستقطاب بعض المحاضرين المعروفين بالانحراف العقدي والفكري في اللقاءات الثقافية والفكرية لاستهداف بعض النخب الإعلامية والثقافية وزائري المهرجان , وقد ظهر صوت الناصحين المشفقين والمحتسبين الحكماء والمفكرين الإسلاميين المتخصصين في مثل هذه اللقاءات , وأثمرت جهودهم الاحتسابية وتم التغيير الإيجابي بفضل الله – تعالى -.

 

     ومن الفعاليات التي باتت باباً من أبواب تغريب المجتمع والدعوة إلى المجاهرة بالمعاصي والمنكرات تلك الفعاليات التي تقام في ساحات الأجنحة المشاركة كالمناطق الداخلية والدول الخليجية والعربية وتنقل عبر وسائل الإعلام بصورة حفظ التراث الشعبي عن طريق الرقص والغناء بصوت المغنين والمغنيات , ويتراقص الحضور من النساء والرجال في منظر يألفه الكثير ممن يزور المهرجان , وتشاهد الأحداث عبر وسائل الإعلام.

 

     وفي تجاوز واضح للشرع والنظام ماحدث قبل أيام من ظهور مغنية في جناح دولة الإمارات كاشفة الوجه حاسرة الرأس تطل من مكان عالٍ على الحضور المختلط من الرجال والنساء في ساحة العرض للجناح وهي تغني وتتمايل فيصفق لها الحضور ويتراقصون وتضيء فلاشات التصوير ؛ مما دعا أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الإنكار بالطريقة الصحيحة والمطالبة بإزالة المنكر بحسب الدوافع الشرعية وما تقتضيه المواد النظامية في الدولة , وفي أثناء عمله قبض عليه جنود الحرس الوطني , وسُحِب الرجل أمام الملأ ودُفِع به خارج ساحة الرقص والغناء مع هتافات وتصفيق من الحاضرين والحاضرات , الذين ارتفعت أصواتهم بالضحك والكلمات البذيئة كما شاهد ذلك الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعية في منظر يجعل القلب يتقطع كمداً والعين تدمع حزناً أن يحدث هذا الأمر الجلل على أرض الحرمين.

 

     وقد أثار هذا الحدث العظيم غضب العلماء وطلبة العلم والدعاة والغيورين وعامة الناس فاستنكروا بالبرقيات إلى ولاة الأمر , وبزيارة المنظمين للمهرجان - كل واحد منهم على قدر استطاعته - لأن الأمر يعتبر تطوراً خطيراً من المجاهرة بالمعاصي والمنكرات على أرض الجنادرية إلى محاربة المصلحين والناصحين وصدهم عن تنفيذ ما أمرهم الله – تعالى - , وهذا الحدث في الحقيقة من أسباب غضب الجبار – سبحانه – ومؤذن بنزول العقوبة على البلاد والعباد.

 

     وهذا الحدث يستوجب على المسئولين أن يردوا الاعتبار لمن أخطأ في حقه , وأن يحاسبوا المُقصِّر والمُخطئ , وأن يردوا الاعتبار إلى جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وأن يعطوه زيادة من الصلاحيات والكوادر المؤهلة ويدعموا عمله في المهرجان وغيره , ويستوجب أيضاً على المنظمين للمهرجان إزالة المعاصي والمنكرات طاعةً لله - تبارك وتعالى - ثم عملاً بفتاوى علماء البلاد والعمل على تطبيق نظام الدولة وعدم مصادمة ثقافة المجتمع.
     أسأله سبحانه وتعالى أن يحفظ علينا ديننا , وأن يعيننا على شكر النِّعم , وأن يدفع عنَّا النقم , وأن يوفق ولاة الأمر لكل خير , وأن يجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين , والحمد لله رب العلمين.