ماذا بعد الاعتذار "الإسرائيلي" لتركيا؟
28 جمادى الأول 1434
حمزة إسماعيل أبو شنب

قبل أن يغادر الرئيس الأمريكي دولة الاحتلال أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء التركي وبعدها ترك سماعة الهاتف لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" ليقدم الاعتذار لتركيا ويوافق على الشروط التركية الثلاث الاعتذار وتعويض الضحايا ورفع الحصار عن غزة وبذلك يكون أوباما نجح في حل الخلاف بين الدولتين في أول انجاز دبلوماسي له في الولاية الثانية .

 

خرج الاعتذار الإسرائيلي بعد أن نقاش الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" العديد من الملفات الأمنية التي بجعبتها ولعل الملف النووي الإيراني والكيماوي السوري والتحولات العربية نوقشت باستفاضة بين الجانبين وبرز جلياً بأن أوباما أعطي لإسرائيل كل ما تريد فتوافق الطرفيين على الملفات التي تشكل تهديد لأمن "إسرائيل" .

 

فعلى صعيد الملف الإيراني أجمعا على الخطر النووي الإيراني ووجوب التصدي لها سواء بالعقوبات الاقتصادية أو الحرب السرية المعلوماتية والتكنولوجيا بالرغم من فشل سلاح الحرب السرية في التأثير البرنامج النووي الإيراني ولم يستبعد الحرب الخاطفة باستهداف المنشات الإيرانية بالقصف الجوي .

 

أما الملف السوري وهو الأكثر تفاعلية في هذه الأيام في ظل تراجع النظام على الأرض وتقدم المعارضة تعلو الأحاديث عن السلاح الكيماوي وقد أقدمت الاحتلال قبل أسابيع بقصف موقعاً داخل الأراضي السورية فقد توافقا الأثينيين على منع وصول السلاح غير التقليدي وصواريخ بعيدة المدى لأيادي الجماعات الإسلامية داخل سورية  أو حزب الله اللبناني وذلك بكافة السبل الممكنة وهذا يعطي  الاحتلال الأذان بالدخول في الأزمة السورية في أي وقت شعر بالخطر على أمنه .

 

مشكلة الاحتلال في الأمني والمشكلة التي يعنيها من فقدان الكنز الاستراتجي المتمثل بالرئيس السابق محمد حسني مبارك لم تقل أهمية عن سابقتها من الملفات التي يعتبرها الاحتلال تشكل عليها خطراً لذلك طرح هذا الملف بقوي واتفقت الولايات المتحدة على حماية أمن الاحتلال من التحويلات العربية وإظهار بمظهر القوي أمام جيرانها في ظل العداء المتزايدة .

 

دولة الاحتلال قائمة في المنطقة على منطق القوي التي تخيف فيها جيرانها ومحيطها الإقليمي لذلك هي دائماً التفكير في الحرب والعدوان حتى لا تظهر بمظهر الضعف وبهذا المناخ الحالي يجعل الاحتلال أكثر تفكير في استعراض العضلات تكبح جماح أعدائها لذلك خلال زيارة أوباما نجح في ترويض القضية الفلسطينية من خلال الدعم المالي للسلطة الفلسطينية والضغط عليها بالعودة للمفاوضات دون شروط مسبقة هذا في جانب الضفة الغربية أما على صعيد قطاع غزة فالاعتذار لتركيا يكون الاحتلال قد نجح في إخراج قطاع غزة من دائرة الصراع بشكل ومؤقت وتحيد تركيا في حال وجه أي ضربة عسكرية لإيران أو حلفائها السوريين وحزب الله اللبانين.

 

الاعتذار "الإسرائيلي" لتركيا يشتم منه رائحة حرب خاطفة تكون غزة خارج حساباتها سيبحث الاحتلال عن الحلقة الأضعف ما بين سوريا وحزب الله وإيران فسوريا تعيش عزلة عربية رسمية وسط سخط شعبي كبير جداً في كافة البلاد العربية وهي مهلهلة من الداخل فستكون غير قادر على مواجهة أي هجوم جوي ضد أسلحتها الغير تقليدية أما إيران فستكون في مأزق حال سقط حلفيها السوري في هذا الحال سيكون حلفيها اللبناني هو الأخر يعني بعد أن دخل في صلب الأزمة السورية وسيكون أمام هجوم من الجماعات الإسلامية التي ستهاجر من سوريا إلى لبنان لقتال حزب الله وسيكون غير قادر على خوض حرب على جبهتين مما يسهل أي عمل جوي خاطف عليها بعد تقليم أظافرها في المنطقة العربية .

 

تفكير "إسرائيل" بالحرب هذا لا يعني بأنها ستخوضها خلال الأيام القادمة ولكن ستبقى تراقب وهي تحتاج إلى مثل هذه الاستعراضات وكذلك الولايات المتحدة والتي تراجع نفوذها في المنطقة بسبب الأزمة المالية الخانقة والانسحاب العسكري من العراق وافغستان ولكن في أي لحظة ممكن أن تقرر أن تهاجم أي أهداف في ظل حكومة جديدة هي مراهقة في السياسية تنقصها الخبرة والتاريخ .