المرجع الشيعي حسين المؤيد.. من إصلاح مستحيل إلى الإصلاح الوحيد
9 ربيع الثاني 1434
منذر الأسعد

في الأسبوع الماضي أشرعنا نافذتنا الثقافية لكتاب من تأليف المرجع الشيعي الراحل أسد الله خرقاني، الذي اجترأ على كسر بعض من أهم أسس الضلالات الصفوية، قبل قرن من الزمان تقريباً، لكن قلمه لم يَنْجُ من رواسب غير يسيرة من موروثه الذي نشأ وترعرع في كنف سواده.

 

أما اليوم فنحن أمام تجربة جذرية طازجة، هي قصة المرجع الشيعي الاثني عشري حسين المؤيد، الذي بدأ بالدعوة إلى إصلاحات جزئية في المذهب الذي ينتمي إليه، ثم انتهى إلى نتيجة حاسمة وعظيمة الأهمية، هي استحالة الترميم في بناء كله خراب في خراب. إذ إن الترقيع قد يجدي في إصلاح ثوب يشكو من تمزقات طفيفة متناثرة، لكن الترقيع يصبح نوعاً من العبث غير المُجدي وغير المسؤول مع ثوب سابق تحول كله إلى قطع متنافرة ومبعثرة، بل إن تلك القطع الممزقة غير صالحة في ذاتها للاستخدام الآدمي!!

 

ومن الطريف أن الشيخ المؤيد الذي امتن الله تعالى عليه بأن شرح صدره لأنوار الحق، حرص على تدوين المرحلتين اللتين مر بهما عقدياً: مرحلة السعي إلى الترقيع الداخلي بالرغم من شجاعته فيها ودعوته إلى التقريب-ولعله الاستثناء اليتيم من أكذوبة التقريب فهو كان جاداً فيها وصادقاً بحسب ما يتبين من آرائه يومئذ-، ثم مرحلة الجزم بأن الإسلام الحق هو الإسلام المحفوظ في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وفقاً لفهم وتطبيق السلف الصالح وبخاصة الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

 

لم يتكلم الرجل عما عاناه في رحلته الشاقة ولا سيما منذ أن عرف الحق وصدع به بلا مواربة ولا تقية، وأعلن للناس كافة خلاصة يقينه الذي خلص إليه في خضم جهاده الفكري العميق، لكنه فعل ذلك بطريقة أخرى، فكتابه (إتحاف السائل) عبارة عن الفتاوى التي أصدرها في المرحلتين السابقة والراهنة على حد سواء.

 

يقول المؤلف في مقدمة كتابه: (... إلاّ أن ما يتعلق من الأجوبة بالموضوعات المذهبية على تنوعها، يمكن تصنيفه إلى صنفين:
الأول: ما يعبّر عن منحى إصلاحي للفكر الشيعي من داخل إطاره وفي ضوء قاعدته الفكرية.
الثاني: ما يجسّد المنهج الصحيح خارج إطار المنظومة الفكرية الشيعية.

 

إن الصنف الأول يمثِّل مرحلة هامة وحساسة في شوطي العلمي الطويل، حيث كانت قد تبلورت لديّ فكرة ضرورة إصلاح الفكر الشيعي الذي كنت أنتمي إليه، كضرورة في حد نفسها لحاجة الفكر الشيعي بالفعل إلى عملية إصلاح حقيقي من داخل إطاره، وكضرورة لتحقيق الوحدة الإسلامية التي هي حتمية شرعية وحتمية حضارية وحتمية سياسية....). ثم يضيف بكل جلاء: (وأما الصنف الثاني، فهو يمثل الاتجاه الفكري الذي ألتزم به عقيدة وفقهاً، وقد سجّلتُه بكل وضوح، وهو يقوم على الأسس التي أقيمت عليها مدرسة أهل السنة، والتي هي بمجملها تمثل ما أصطلِح عليه بثقافة الأمة الواحدة، وهي الثقافة التي بُنيت على أساسها الأمة الإسلامية، وهي الثقافة المستمدة من كتاب الله تعالى، وما انعقدت عليه علماً وعملاً سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي برأيي الأساس المتين للوحدة الإسلامية الصحيحة والحقيقية، لأن ماعدا هذه الثقافة وما لا ينتمي إليها فهو انشقاق عنها لا يمتلك رصيداً من الكتاب والسنة النبويّة، وإنما يعبّر عن نسج فكري خارج عن إطار ثقافة الأمة الواحدة.).

 

ولم يكن يخفى على المؤيد ما سوف يلاقيه من عنت رهطه السابقين المعروفين بعدوانيتهم وحقدهم على كل صوت حر يجترئ على المساس بأي من ضلالاتهم التي شيد أسلافهم فوقها هذا الدين المناقض للقرآن والسنة والمناوئ للعقل السليم والفطرة السوية.

 

ومن يتابع ردود أفعال القوم بعد "تسنن" الشيخ المؤيد، تهوله وقاحة هؤلاء الذين تتراوح مفترياتهم ما بين التشكيك في مكانته العلمية عندهم من قبل، إلى اتهامه ببيع نفسه للوهابية!!

 

إلى ما هنالك من سفه معتاد لديهم، الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة قصة إسلام الصحابي الجليل عبد الله بن سلام، الذي كان من كبار أحبار اليهود، ولذلك استأذن النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم في أن يسأل اليهود عن مكانته عندهم قبل أن يعلن إسلامه بينهم!!والقصة صحيحة ومعروفة.وهكذا شأن الرافضة: قوم بهت وكذب مردوا على النفاق والزور حتى بات بصمة لهم.