"انتصار العجزة"على جثث الأبرياء
18 ربيع الأول 1434
خالد مصطفى

يجلس الملايين من الشعب المصري بل والعربي أمام شاشات التليفزيون يعلوهم الألم والحزن وهم يشاهدون كيف يتم تدمير بلادهم على أيدي البلطجية وفلول النظام السابق وبعض المنتسبين زورا وبهتانا لثورة 25 يناير التي أدهشت العالم..

 

تحت غطاء سياسي لبعض المعارضين العلمانيين تقوم مجموعات من المسلحين المأجورين بمخطط لإسقاط الدولة فتقتل وتحرق وتخرب وتعبث بأمن الوطن ولا تجد فقط الغطاء السياسي ولكن تجد معه الدعم الإعلامي المكثف من مجموعة من الفضائيات والصحف المستقلة التي تنفق الملايين كأجور فقط على مذيعيها فمن أين لها هذه الأموال والاوضاع الاقتصادية في البلاد تشهد ترديا كبيرا؟كيف يغامر رجال أعمال بإنشاء مشاريع إعلامية ضخمة في هذه الاوضاع الصعبة إلا إذا كانت لهم مصالح واضحة من ورائها تتخطى الملايين التي تنفق؟ ..

 

لقد احتج صحفيون وإعلاميون على حصار مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل بعض أنصار التيار الإسلامي واصفين عملهم "بالحيادية والموضوعية" واتهموا الإسلاميين بإرهابهم رغم أنه لم يتم منع أحد من الدخول أو الخروج ولم يتم اقتحام أية قناة أو الاعتداء على أي إعلامي؛ فماذا فعل المخربون في ذكرى الثورة؟..

 

لقد اعتدوا على مقرات جماعة الإخوان وسرقوا محتوياتها كما اقتحموا منشآت عامة وحرقوا المباني وقتلوا الأبرياء واختفى من يقولون عن أنفسهم "ثوار" من المشهد ولم نسمع إدانة واحدة أو تصرف واحد حاسم مع الذين يسيرون بحانبهم ويقتلون ويحرقون في الميادين, وخرس البرادعي والصباحي وعندما تكلموا أدانوا النظام ووزارة الداخلية وحملوهم المسؤولية عن القتل في تبجح نادر..

 

لقد وضحت الاهداف الحقيقية من عمليات الشحن والتحريض فبعد الفشل السياسي في إقناع الشارع بمواقفهم لم يجدوا سوى التخريب لكي يجبروا النظام على الانصياع لرغباتهم..جبهة الخراب والدمار التي يتولى كبرها البرادعي والصباحي منتفخة تشعر بالانتصار على جثث الأبرياء فرحة بما يجري في الشارع معتبرة أن ما يحدث هو "ثورة على الإسلاميين" لا تعلم أنها أرست لعصر من الفوضى لن ينتهي ولن تجلس حكومة واحدة لعدة أشهر ولن يعيش رئيس واحد للبلاد في استقرار لأسابيع في ظل أوضاع متفاقمة ومتردية تحتاج لوقت وجهد واتحاد واستقرار...

 

ومع كل هذا الاحتقان يأبى زعماء الخراب الجلوس للتفاوض رغم أن العدل يقتضي تقديمهم للمحاكمة بتهمة التحريض على العنف والقتل فالذي يدعو للنزول إلى الشارع وهو يعلم أنه لا يستطيع السيطرة على ما يجري فيه, وعندما يشاهد الدماء تسيل فيصر على الاستمرار في النزول ولا يدين الجرائم ويبررها بارتكاب النظام لأخطاء هو مسؤول عن هذه الجرائم وينبغي أن يحاسب..إن الحل قبل الحوار مع المحرضين يتلخص في فرض هيبة الدولة باستخدام الحسم والقوة اللازمين لمنع انهيار الدولة فالأزمة إذا انتهت بدون ردع ستكون أشبه بالمسكنات وستتجدد مع أي خلاف سياسي قادم وستظل القوى السياسية تدير خلافاتها من الشارع في ظل غياب القانون وستتجدد أعمال العنف مع كل استحقاق قادم لا يتم صياغته على مزاج إحدى القوى السياسية..

 

ينبغي فرض هيبة الدولة الآن بالقبض على المجرمين والبلطجية الذين يعيثون في البلاد فسادا وتقديمهم لمحاكمات عاجلة وتوقيع عقوبات رادعة عليهم حتى تنتهي حالة الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد منذ سنتين ويستغلها البعض بفرض أجندته الخاصة وإذا لم يحدث ذلك الآن وسريعا فلا أمن ولا أمان ولا دولة..كيف تصبح الخطة الأمنية للشرطة هي الدفاع فقط عن نفسها دون القبض على المجرمين الذين يستخدمون السلاح الحي ضدها؟ أليس في ذلك تشجيع لهم ولغيرهم على العودة وبصورة أشد وأقسى؟! إن الحوار الذي يجري والمبادرات التي تتقاذفها أجهزة الإعلام من هنا وهناك لن تحل جذور الأزمة الحقيقية وهي عودة هيبة الدولة عن طريق تطبيق القانون وبحسم وعندما يحدث ذلك سيستجدي البرادعي والصباحي الحوار لأنه ببساطة سيكون الأكثر نفعا وسهولة لهما وهو ما يبحثان عنه دائما, أما الآن فلا أسهل من الضغط بالعنف والفوضى والاختباء في البيت لمشاهدة دماء الأبرياء وجثث القتلى ثم الانطلاق في السيارات الفارهة لحضور المؤتمرات الصحفية في القاعات المكيفة وغسل الأيادي الملوثة بإلقاء الاتهامات على الحكومة والنظام..