الأمن السعودي..محاولات الاختراق والتأمين
21 ذو الحجه 1433
خالد مصطفى

زادت في الفترة الأخيرة المخاطر التي يتعرض لها الأمن السعودي من عدة جهات لأسباب تصب معظمها في أن السعودية واحدة من أهم الدول العربية التي تحفظ التوازن في المنطقة وهي تمثل في نفس الوقت أحد خطوط الدفاع الرئيسية عن الشريعة الإسلامية ومذهب أهل السنة والجماعة ليس فقط في المنطقة العربية ولكن في العالم أجمع, ومن ذلك يمكن أن نفهم الحادثة التي وقعت اليوم الاثنين عندما قتل مسلحون اثنين من جنود حرس الحدود السعودي في كمين بأقصى جنوب السعودية قرب حدودها مع اليمن..

 

ورغم أن الجهات الامنية أشارت إلى أن منفذي العملية الذين تم القبض عليهم هم من التابعين لتنظيم القاعدة إلا أن هذه الحدود جاء منها في عام 2009 الحوثيون الشيعة الذين تحركهم طهران حيث قاموا بعدة عمليات عسكرية استهدفت جنودا سعوديين ومواطنين مدنيين قبل أن ينسحبوا بعد تزايد الضغط عليهم من داخل السعودية ومن الجيش اليمني, إلا أن هذا الخطر ما زال ماثلا مع تصاعد قوة الحوثيين في اليمن وتمددهم في عدة محافظات مستغلين في ذلك حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مع ورود معلومات عن محاولات مستمرة لحوثيين للسيطرة على ميناء استرتيجي على البحر الأحمر يتيح لهم الاتصال بحرية أكبر مع العالم الخارجي وتلقي الاسلحة من إيران في معزل عن الحكومة المركزية...

 

أضف إلى ذلك ورود معلومات عن تزايد النفوذ الإيراني في اليمن ليس فقط عن طريق الحوثيين ولكن عن طريق التعاون مع الانفصاليين في الجنوب وشراء بعض الصحف والإصدارات لتتحدث باسمها..

 

وليس خافيا موقف إيران الطائفي من السعودية ومن دول الخليج ككل وتصريحات مسؤوليها العدائية ضدها والاستخفاف بجيوشها واعتبار دولة مثل البحرين محافظة تابعة لها والإصرار على احتلال الجزر الإماراتية مع تقوية قواعدها العسكرية في الخليج وتنفيذ مناورات برية وبحرية مكثفة قرب حدود دول الخليج في رسالة تهديدية واضحة... في نفس الوقت عززت إيران من وجودها في العراق الذي تقوده حكومة شيعية تضطهد بشدة أهل السنة وتحرص على أبعادهم عن مواقع القيادة..ووسط هذه المخاطر الخارجية لا يمكن أن ننسى ما تشهده بعض المحافظات الشرقية السعودية التي يقطنها بعض الشيعة والأحداث التي شهدتها في الفترة الأخيرة من اعتداءات منظمة على قوى الأمن واستفزازها بالقول والفعل حتى وصل الأمر للتحريض على النظام من قبل مرجعيات شيعية بارزة, مستغلين في ذلك حالة الحراك السياسي في العالم العربي متناسين أن هذه الحالة مرتبطة بمطالب شعبية عامة وليست طائفية وقد نبعت من استفحال الظم والاستبداد وانتشار الفقر والفساد...

 

الموقف السعودي أيضا مما يحدث في سوريا وإدانتها الصريحة لمجازر نظام الأسد يثير فزع الموالين لهذا النظام الذي هدد من قبل دول الخليج بأن يفجر الاوضاع على أراضيها انتقاما من وقوفها إلى جوار الشعب السوري, ولقد رأينا كيف صدّر هذا النظام الوحشي أزمته إلى لبنان وألهب الخلاف الطائفي والسياسي هناك في محاولة لإبعاد الضوء عن جرائمه وهو ما يخطط له أيضا مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية..تنظيم القاعدة أيضا ينشط بشدة في اليمن وقد تمكن من الاستيلاء على عدة مناطق في اليمن قبل أن تستعيد الحكومة معظمها في وقت لاحق وهو يسعى لإعادة نشاطه في السعودية عن طريق الحدود اليمنية بعد أن تمكنت السلطات السعودية من القضاء على معظم خلاياه في الداخل وعاد عدد كبير من معتنقي هذا الفكر عنه بواسطة الحوار...

 

التماسك السعودي الخليجي والحديث عن وحدة فيدرالية بين بلاده يثير رعب العديد من الدول الغربية ومن ورائها "إسرائيل" التي ترى في الخليج مطعما بثرواته الكبيرة ويتأكد ذلك إذا ظل مشتتا ومنهمكا في شؤونه الداخليه.. وتفجير الأوضاع الأمنية داخل الخليج يصب في مصلحة مصانع الاسلحة الغربية التي تعيش على الأزمات والصراعات وترتبط ارتباطا وثيقا بالحكومات, بل هي التي تأتي بها وتعزلها  في أحيان كثيرة..إن الاتحاد الخليجي في ظل هذه الظروف الشائكة أصبح ضرورة ملحة كما أن تفعيل اتفاقيات الدفاع العربي المشترك التي ما تزال حبرا على ورق لم يعد رفاهية أو غرضا تكميليا فجميع الجهات تسعى لاستغلال الغليان الذي تعيشه المنطقة لصالحها, ولا يمكن أن تترك الدول العربية نفسها في مهب الرياح دون خطة واسترتيجية أمنية واضحة.