انتهت الانتخابات الرئاسية المصرية الاولى ما بعد الثورة، بنجاح مرشح الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة فى "سابقات" كل منها "اولى" فى التاريخ المصرى.السابقة الاولى انه الرئيس المصرى الاول المنتخب ديموقراطيا، اذ كان الرؤساء ياتون قبله عبر استفتاء الشعب على كل منهم وحده والنتيجة مضمونة بطبيعة الحال.وهو الرئيس المدنى الاول بعد حقبة طويلة من حكم العسكريين، كان كل من محمد نجيب وعبد الناصر والسادات ومبارك عسكريون.وهو الرئيس الاسلامى الاول لمصر من بين المنتمين الى جماعة الاخوان المسلمين.وهو الرئيس المصرى الاول الذى يحفظ القران الكريم.وهو الرئيس المصرى الاول الذى ياتى رافعا شعارات ومطالب ثورة شعبية..الخ.
وقبلها اجريت انتخابات مجلسى الشعب والشورى فجاءت وفق حالة ديموقراطية حقيقية وغير مسبوقة فى تاريخ البلاد، اذ كانت المرة الاولى التى ينتخب فيها ممثلون للشعب منذ زمن طويل، وان كانت الرئاسية اشد سخونة واثارة، اذ كم كانت صعوبة اللحظات التى قضاها المصريون فى انتظار من بفوز بمقعد الرئيس، بل كانت عصيبة خاصة خلال المعركة الانتخابية الرئاسية، اذ هى المرة الاولى التى يحبس فيها المواطنون انفاسهم فى انتظار اعلان النتائج.
فى هذه الانتخابات خبرات هائلة، بل فى تلك الثورة التى جاءت بتلك الانتخابات الحرة، امور ومتناقضات كثيرة يحسن التامل فيها والبلاد داخلة على مواجهات اسخن واشد حدة.لقد عاشت مصر تجربة انسانية فريدة من نوعها فى التاريخ الانسانى، تجربة مليئة بالمتناقضات ولا تريد ان تترك الزمن للعودة الى حالة استقرار، ربما لانها لم تكن حاسمة فى تجربتها بما يجعل تطوراتها متطاولة.
ديكتاتورية..فى غاية الديموقراطية!
فى الانتخابات التى جرت بعد الثورة خبرات هائلة يجب تعميمها لاسباب كثيرة.اولها، ان هذه التجربة جاءت بعد ثورة جماهيرية، ومن ثم هى تجربة متفردة فى حالتها ولا تتكرر فى ذات البلد غير انها قابلة للتكرار فى البلاد الاخرى، خاصة وان احداث الربيع العربى تبدو كحالة عامة شاملة.وثانيها انها جرت فى مصر التى تبدو فى موقع من يبتكر ويضخ فكرها وتجربتها فى اقليمها تاريخيا ضمن اطار ما يوصف بالقوة الناعمة التى تتمتع بها فى الاقليم.وثالثها، ان التجربة عانت من حالة اضطراب وشهدت حالات واسعه وعميقة من الشد والجذب بين سلطات الامر الواقع وسلطات وضغوط القوى السياسية عاشت البلاد خلالها حالة اضطراب شديدة، بما عمق تلك التجربة ويوسع افق الاستفادة منها..الخ.
احد تلك الخبرات، ان الانتخابات جرت تحت قيادة لجنة قضائية تمتعت بصلاحيات واسعه ونهائية تصل الى درجة الديكتاتورية فى بلد بدء للتو تجربة ديموقراطية فجات ديموقراطيتها من رحم اجراءات ديكتاتورية.لقد تعرضت تلك االلجنة لانتقادات شديدة، اذ جرت احاديث مطولة حول خطورة ان تكون اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات، ذات صلاحيات تجعل قراراتها نهائية، لا تقبل الطعن،غير ان ما جرى فى تلك الانتخابات من تشكيك وصراعات ومظاهرات وضغوط، اثبت صحة تلك الفكرة والرؤية القانونية.لقد صدرت قرارات باستبعاد بعض المرشحين، فاقام الدنيا انصار بعضهم وجرى اللجوء للقضاء هنا وهناك.وحول النتيجة النهائية سرت الاف الشائعات وجرت مظاهرات وضغوط، بما اثبت حدة ضرورة تلك الفكرة التى لم تنجز الانتخابات فقط، بل هى التى حصنت موقع الرئيس من الطعن عليه من بعد.
وهناك خبرة اعداد قانون عمل اللجنة واجراءاتها.فقد منع النظام القانونى الاول لتشكيل اللجنة تسليم مندوبى المرشحين نتائج فرز الصناديق الانتخابية للجان الفرعية، غير ان مجلس الشعب اعطى هذا الحق من بعد.وهكذا كان فى مصر ما يزيد على 13 الف لجنة انتخابية يراس كل منها قاض، وفور انتهاء الفرز فى كل لجنة، كان القاضى يمنح مندوب المرشح نسخة معتمدة منه بنتيجة الصناديق التى يشرف عليها.هذا التعديل اتاح اعلى اشكال الرقابة الديموقراطية على النتائج واهم اشكال الالتزام بين القضاة ووكلاء المرشحين وقلل من اعمال التشكيك فى النتائج النهائية.وهذا التعديل هو ما جعل حملة الرئيس الحالى محمد مرسى تعلن نجاحه فور انتهاء الاعمال الاولية للفرز.
الحرية والطمع السياسى
الامر الثانى الذى يستحق التامل، هو تلك الحالة التى جرت بشان اول مجلس شعب منتخب.فاول مجلس شعب انتخب بحرية حقيقية صدر قرار بحله، وظل منتظرا حتى اتى الرئيس المنتخب ليصدر قرارا باعادته الى حين الانتهاء من اعداد الدستور، وبعدها يصبح منحلا وتعاد انتخاباته.اهم نقاط التامل فى حالة هذا المجلس هو ما اضافه فى خبرة صياغة قوانين الانتخابات دون اعتداء على الثابت فى الحقوق العامة.لقد قرر القانون الاول لاجراء الانتخابات البرلمانية ان يكون للاحزاب السياسية حق الترشيح على ثلثى مقاعد مجلس الشعب، وان يخصص ثلث المقاعد الباقية للمستقلين او لغير المنتمين لتلك الاحزاب.غير ان تعديلا ادخل على هذا على هذا القانون.التعديل الجديد اتاح للمنتمين للاحزاب حق الترشيح والانتخاب او المزاحمة على الثلث المخصص لغير المنتمين للاحزاب.وهكذا جرت الانتخابات واعتمدت النتائج وبعدها تقدم احد من تضرروا من مزاحمة الاحزاب على المقاعد القضائية بدعوى قضائية انتهت الى حل مجلس الشعب كله، بما ادخل البلاد فى ازمة قانونية ودستورية وسياسية.
وبعيدا عن الجدل الدائر فى مصر قبل وبعد قرار الرئيس حول حل المجلس كله او اعادة الانتخابات على ثلث المقاعد فقط، او اعتبار قرار الرئيس نهائيا، فالمهم هنا ان تكون القوانين فى المراحل الانتقالية حادة فى التزامها بالقواعد العامة المستقرة للحقوق ؟
لقد ادخل هذا الخلل البلاد فى ازمة عاصفة، ما تزال البلاد تعيش اثارها ويعلم المولى عز وجل حدود تطوراتها من بعد.
القضاء ابو الديموقراطية
اغرب ما جرى فى الثورة المصرية ان اصبح القضاء هو الحكم فى الثورة وبين الثورة وخصومها وبين الثوار وبعضهم البعض، فى زمن عملت فيه الثورات فى كل الدنيا على عكس ذلك، اذ ساد الثورات قاعدة تاسيس لنظام سياسى ودستورى وقانونى جديد منذ بدايتها ولم يلتفت الى القضاء واحكامه اذ وضعت الثورات قاعدة تحقيق ما تريد وانفاذ ما تريد هى لا القانون ولا الدستور ولا القضاء القائم قبل اندلاع الثورة، حتى ان بعض الثورات كانت تشهد تشكيل محاكم شعبية تنعقد وتصدر احكامها فى الميادين وتنفذها كذلك وعلى الفور.
لقد اعتبر المصريون جميعا القضاء هو الحكم فى كل امور اعادة تاسيس الدولة الجديدة وفى انهاء النظام القديم ايضا، دون ان يحدث تغيير فى القضاء بين النظام القديم والجديد.القضاء هو من حاكم رموز النظام السابق وهو من اصدر احكاما بحل كثير من المؤسسات التى شكلها النظام القديم بما فى ذلك حل الحزب الحاكم والمحليات.والقضاء هو نفسه من اصدر احكاما بحل مجلس الشعب المصرى المنتخب بعد الثورة، وهو من اصدر حكما بحل الجمعية التاسيسية الاولى التى تشكلت بعد الثورة، وهو فى ذات الوقت من اصدر حكما قضائيا بوقف الضبطية القضائية التى منحت لاعضاء الشرطة العسكرية فى مصر !
تلك الوضعية غريبة فى ظل الثورات التى عرفها العالم جميعا تقريبا.
فى الثورات، تتحرك الحشود الجماهيرية او الجماعات الثورية المسلحه لتفرض وتصدر الحكم وتنفذه على الفور، وتنتزع السلطة السياسية او بالدقة سلطة القرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى وتهدم جهاز الدولة القائم من جيش وشرطة وقضاء ووزارات وهيئة ورموز الحكم، بالقوة وتقوم بتغيير قواعدها واسس قيامها وتوجهات قرارها.
وقد راينا فى الحالة الليبية مثلا هذا النموذج، اذ انتهت سلطة القرار واللجان الشعبية والوزارات التى كانت قائمة فى عهد القذافى.
الوضع مختلف فى مصر تماما بفضل انحياز اهم اجهزة الدولة وهو القوات المسلحه لصف الثورة والوقوف مع ارادة الشعب.
هذا الامر كان حاسما فى تحديد مسار وطريقة ونمط الثورة.لم يحدث العنف وجرى التغيير عبر اليات الضغط الجماهيرى فى الشوارع دون صدام ثورى كبير كما حدث فى الدول الاخرى.
هنا اصبحت الثورة المصرية نمط يبحث عن انتقال سلمى عبر حكم يرتضيه الجميع، فكان القضاء المصرى هو هذا الحكم.
القضاء يدير المجتمع
من يتابع دور القضاء فى مصر خلال الثورة يجد ان القضاء كان له الدور الحاسم فى ادارة المجتمع وحل اشكاليات الصراع بين القوى السياسية وبعضها البعض وفى انهاء النظام القديم وفى الاشراف على بناء النظام الجديد.
فقد تصدى القضاء لمحاكمة الرئيس المصرى المخلوع وابناءه ووزير الداخلية ولرئيس وزرائه ولكل الوزراء الفاسدين، وصار القضاء هو المعتمد لتصفية ملفات الفساد السياسى والمالى فى النظام السابق.وقد تصدى القضاء لكل قضايا الانسلاخ من النظام السابق، فلم تحدث اية اعمال ثورية او فوضوية ضد اى من الرموز ولا القيادات، كما حدث فى كل الثورات السابقة وفى كثير من الثورات الاخرى، ولم يجر انفجار واحد ولا عملية اغتيال واضحه ضد اى منهم.
وقد انهالت البلاغات امام القضاء حول كل القضايا بدءا من تصدير الغاز للكيان الصهيونى الى توزيع الاراضى بشكل فاسد الى قضايا تصفية وبيع الشركات، فحبس كل رموز النظام من الرئيس الى نجليه الى رئيس الوزراء الى ردال الاعمال الى الهيئة العليا للحزب الوطنى.وصدر بشان كثيرها كثير من احكام القضاء.
كما صدرت احكان قضائية فى قضايا سياسية تتعلق بالنظام السياسى والقانونى للدولة.
وحين جرت عجلة بناء النظام الجديد، كان القضاء هو المشرف على دورة الانتخابات، جميعها من انتخابات مجلس الشعب والشورى الى انتخابات الرئاسة، فمثل ذلك اعترافا من قبل الشعب وكل القوى السياسية القديمة والجديدة، وكان الاهم ان كل اعتراض على تلك الانتخابات او اى خلل فيها، كان المتضرر يرجع ايضا الى القضاء، حتى ان وصل الحال ان منحت اللجنة القضائية المشرفة على القضاء سلطات لا تقبل الطعن فيها.
القصد هنا ان القضاء صار ابو الديموقراطية، اذ القضاء هو من اشرف على تطبيق الديموقراطية، وهو من كان العامل الاساس والمعتمد فى انفاذ الديموقراطية، فمصر هى الدولة التى يشف القضاء فيها على الانتخابات بينما الدول الديموقراطية تاخذ بفكرة وجود لجنة قومية لادارة الانتخابات لا يعمل بها قضاة بل يجرى اللجوء للقضاء فى حالات الخلل والشكوى وهو حالة استثنائية.
وقد اصبح القضاء هو الحكم فى اطار الاعتراض على ما يجرى فى البناء السياسى الجديد.فحين اعترض البعض على قانون انتخابات مجلس الشعب، ذهب هؤلاء الى القضاء الذى اصدر حكما بحل المجلس.ونفس الامر جرى حين حدث خلاف بين القوى السياسية حول تشكيل اللجنة التاسيسية للدستور، جرى اللجوء للقضاء، الذى اصدر حكما بحل اللجنة، كما لجا المواطنون الى القضاء لمواجهة قرار اعطاء الضبطية القضائية للشرطة العسكرية، فاصدر القضاء حكما تاريخيا بالغاء هذه الضبطية القضائية.
بل ان القضاء سينظر فى حل جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، رغم ان الحزب هو المسيطر على مجلسى الشعب والشورى بل ورئيس الجمهورية هو عضو فى احدهما ورئيسا للحزب.
انتخابات شائعات
كان اللافت الاهم فى معركة الانتخابات الرئاسية المصرية واشد ما يثير التامل، ان الاخطر فى كل وقائع الصراع والتنافس جرى على وقع الشائعات لا على وقع الصراع السياسى والبرامجى –فى بلد يعيش ثورة-حتى ان اللحظات التى سبقت اعلان النتيجة صدر خلالها عشرات الشائعات التى كانت موجهة بشكل واضح وصريح نحو اثارة الفتنة فى المجتمع.فى اللحظات الاخيرة اطلق احد الاعلاميين شائعة ان الحرس الجمهورى توجه قبل نصف ساعه من اعلان النتيجة الى منزل مرشح الرئاسة احمد شفيق باعتباره الفائز فى الانتخابات، وهو ما جعل انصاره يحتفلون بالنصر قبل اعلان النتيجة بنصف ساعه، كما اطلق اخرون شائعه بان هناك من يحاول فرض نتيجة مزورة على القضاة فى لحظة اعلان النتيجة وان صراعا يجرى داخل اللجنة، وهو ما كان كفيلا باشعال فتنة فى ميدان التحرير اذ كان المرشح المقصود بالتزوير ضده هو مرشحهم.
لقد ووجه د.محمد مرسى بعاصفة من الشائعات شملت كل شىء من وضعه الصحى الى علاقته بالمرشد الى ما سيفعله بالسياحه وبالاقباط وبحقوق المراة، حتى صارت هناك شائعه ودعاية سوداء تشمل علاقة الرجل بكل فئة من فئات المجتمع، وهو ما غيب كل صراع برنامجى او سياسى فى المعركة الرئاسية.كانت الشائعات متواترة حتى لم يعد بالامكان احصاؤها، وبما جعل الحملة تصدر يوميا عدة تصريحات تخصص كل منها لنفى شائعه من الشائعات.
وفى المقابل جرت شائعات ضد المرشح الدكتور احمد شفيق، وان لم تكن فى نفس ضراوة تلك التى واجهها مرسى، الا انها كانت مؤثرة لاشك فى ذلك، حتى ان الرجل ظل يواجه الشائعات حتى بعد انتهاء المعركة ومغادرته البلاد، اذ سرت شائعات تقول بهروب الرجل استنادا الى شائعه اخرى تحدثت عن ان شنط سفره بلغت 600 كيلو جرام وهو ما تم نفيه.
ماذا يكشف الامر ؟.هناك من قال ان ذاك دليل على وجود دور كبير لاجهزة احترافية فى الانتخابات اذ هى وحدها من يستطيع مثل هذا الفعل المخطط وقد استند هذا الراى الى هذا التلاحق فى وتيرة اطلاق الشائعات وكونها كانت تستهدف فصل علاقة المرشح المنافس عن قطاعات جماهيرية محددة قد يكون اقوى فيها من المرشح المنافس.
وهناك من راى ان الاعلام كان موجها د.مرسى الى درجة التقاط الشائعات ونقلها للراى العام تحت حجة الرد عليها.
واعلام كله شائعات
لقد كانت الشائعه سيدة الموقف فى مختلف وسائل الاعلام.كانت الشائعه تطلق على الموبايا او من خلال الفيس بوك، فلا يمر وقت حتى يجرى نقلها الى معدى ومقدمى البرامج التليفزيونية الذين ينشرونها بدورهم على اوسع نطاق، تحت حجة اعطاء فرصة للرد عليها.لقد جرت اخطر عملية لنقل وتوسيع رقعة انتشار تاثير الشائعات فى تاريخ مصر، اثناء مرحلة الانتخابات الرئاسية، اذ لعب كثير من مقدمى البرامج التليفزيونية دور مروجى الشائعات كما لم يحدث من قبل، من خلال نقل اذاعة ما يصدر على الانترنت او يوزع عبر رسائل الموبايل -ونطاق كل منهما محدود التاثير، -لى الشاشات الفضائية واجراء حوارات حولها بين من ينفى ومن يحلل الشائعه ليخرج المشاهد –فى افضل الاحوال –الى وضعية الشك فى صدق الشائعه ليذهب الى فضائية اخرى ليجد نفس الشائعه او نفس الشائعات تتكرر وتجرى حولها نقاشات بين النفى والتكذيب، لينتهى به الحال من كثرة ما سمع الى يقين بصحة الشائعه ولو من باب ان كل هذا الاهتمام لا يمكن ان يكون عبثا !
وهنا ظهرت فكرة تكامل الادوار بين مؤسسات الاعلام المختلفة، ليكون القائد فى فرض النقاط الحوارية المستمدة من الشائعات هو الموبايل والانترنت لا الخبر الصحفى، وفى ذلك ظهر مؤشر خطير على الاعلام الحقيقى الذى انسحب فعليا وتخلى عن قواعده المهنية وترك الباب مفتوحا لاعلام الشائعات.كما ظهرت الخطورة البالغة للانترنت الذى يستطيع اى فرد تلبس اى شخصية يريدها ليمارس عملية اطلاق الشائعات كما يريد ويستهدف.لقد استخدمت مواقع التواصل الاجتماعى وبرامج الحوار عبر الانترنت والصفحات مجهولة الهوية واعمال القرصنة لاطلاق اكبر كم من الشائعات التى كانت تصل الى قطاع مستخدمى الانترنت بسرعة البرق، دون ان تكون هناك وسيلة للتحقق من صحة تلك الشائعات.
كما ظهرت خطورة وجود اجهزة موبايل ليس معروفا مالكيها ضمن حالة فوضى الموبايل الشائعه الان فى مصر والتى تسبب كثيرا من المشكلات الاجتماعية، وقد امتد اثرها الان الى الاوضاع السياسية ومن ستر الله وحدة ان لم يلتفت مثيرو الفتن الى قوة الوسيلة المتاحه.
وفى فهم وتفسير سبب اعتماد المواطنين على الشائعات، فيبدو ان طبيعة المجتمع الذى يعيش فترة تحول تجعله شكوكا فيما يعرض عليه من حقائق، اذ استمرار حالة الفوضى وحدوث كثير من الجديد الذى هو خارج سياق الوقائع الاجتماعية والسياسية المستقرة فى المجتمع يؤدى الى التلهف على اى خبر من جهة ويؤدى الى تصديق ما يقال حتى ولو كان غير ممكن.لقد عاشت مصر احداثا جساما اذ هى المرة الاولى فى تاريخها التى يخلع رئيسها والتى تقع فيها حوادث قتل كما جرى فى استاد بورسعيد والتى تحدث فيها مثل هذه الفوضى الامنية وحوادث الخطف والقتل..الخ.
وان طبيعة المرحلة التى لا سابق المعرفة بها تدفع للشكوك.طبيعة عدم معرفة الى اين مصير البلاد يشعر الانسان بالشك والقلق والخوف والبحث فى كل شىء والتشكك فى كل شىء، بما يجعله عرضه لتلقى الشائعات وترديدها.