الرق بين المسلمين والغربيين!! - 2
13 شعبان 1433
منذر الأسعد

في هذه الحلقة نتابع ما سطره قلم الأستاذ حمدي شفيق في كتابه القيم عن الرق بين الغربيين والمسلمين، حيث توقف عند خطوة أقدم عليها أسقف كانتربري وهي الكنيسة الرسمية لبريطانيا، ففي  عام 2006م قدمت كنيسة إنجلترا اعتذاراً رسمياً علنياً عن دورها المشين فى الاتجار بالرقيق، واقتناء عشرات الألوف من العبيد الذين ظلوا يعملون حتى الموت فى المزارع الواسعة التى تمتلكها الكنيسة في منطقة الكاريبي  وقد شاركت فى قنص وترحيل العبيد  من خلال السفن البريطانية. وفى مارس 2007م قاد الدكتور روان ويليامز رئيس أساقفة كانتربري مسيرة حاشدة شارك فيها عشرات القساوسة والشخصيات العامة، طافت شوارع لندن، اعتذاراً عن "تورط الكنيسة فى التاريخ البشع للعبودية فى العالم" على حد قول وليامز نفسه. وأضاف رئيس أساقفة بريطانيا: "أنه ليس الندم فقط، بل يجب إعلان التوبة عن مشاركتنا فى هذه الوصمة التى كلفت الملايين  من العبيد البؤساء أرواحهم وممتلكاتهم، ودمرت اقتصاديات العديد من دول أفريقيا"!!

 

غير أن رأس الكنيسة الإنجليزية لم يجد فى نفسه قدراً آخر إضافياً من الشجاعة ليطالب بتعويض أحفاد الضحايا عما حلّ بآبائهم وأجدادهم من إذلال وقهر وخراب شامل!! بل إن جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا الأسبق علّق على المطالبات القضائية بالتعويض عن جرائم الإستعباد قائلاً بسخرية وقحة: "آه.. سوف ندفع للأفارقة تعويضات بشرط أن يُثْبِتوا أن ثمة ضرراً  قد لحق بهم بسبب كون أجدادهم عبيداً لنا"!!! وكأنه يظن أن استعباد الغرب للأفارقة كان " تشريفاً" لهم و "وساماً" على صدورهم!! ولا يختلف "بنديكت السادس عشر" بابا الفاتيكان عن "ميجور" في هذه النفسية العليلة. فرغم اختلاف مذهب الفاتيكان – الكاثوليكي- عن المذهب السائد فى انجلترا، فإنهم جميعاً – مع نظرائهم الأمريكان وباقى أوربا – يتفقون على شيء واحد: لا تعويضات عن الاستعباد الغربي الجائر الذي امتد لمئات السنين لمئات الملايين من البشر!! مع أنهم جميعاً تسابقوا لإرضاء "إسرائيل" بمئات البلايين من الدولارات تعويضاً لليهود عن "مزاعم غير ثابتة" بالتعرض للتعذيب فى محارق "هتلر"!!! أما مخازي الاتجار بالبشرالتي يعترفون هم أنفسهم بها فلا!! ! وقد اعترف بابا الفاتيكان بارتكاب أسلافه جرائم بشعة فى الأمريكتين خلال القرن الخامس عشر وما بعده ضد السكان الأصليين ثم الأفارقة السود.. ورغم إعترافه هذا، فقد رفض الاعتذار عن تلك الجرائم التى لم ينكرها!!! وهو ما جعل رئيساً أمريكياً نصرانيًا- "هوجو شافيز" رئيس فنزويلا- يشن هجوماً لاذعاً على البابا المنافق.. وقال شافيز: إن البابا يكذب بإدعائه أنهم نشروا المسيحية فى الأمريكتين بالسلام والمحبة، فى حين كانت "بنادق البيض الغزاة تحصد السكان الأصليين بالملايين.. فهل هذه هى المسيحية التى يتشدق بها ؟!!

 

ويقول المؤلف هنا بصراحة: والذي يراه كاتب هذه السطور أن شخصاً مثل "بنديكت" -الذى كان عضواً فى الحزب النازى فى شبابه - لن يعتذر عن جرائم فعل مثلها هو نفسه فى عهد زعيمه هتلر!! فهو يرى أن هذه "أمور طبيعية الوقوع" من المنتصر"الأبيض" ضد السود والهنود الأمريكيين "الأقل شأناً"!! لكن الشاذ حقاً أن شخصاً كهذا يتطاول على الإسلام الحنيف، ويتهمه بالإرهاب، رغم السجل الإجرامي الأسود لممثل الادعاء الكاثوليكي!! ويبدو أن "بنديكت" يتناسى كذلك السجل الأسود لكنائس الغرب في "محاكم التفتيش"، وإحراق ملايين المخالفين ليس فقط فى الدين، بل حتى في  " المذهب" أو "الطائفة " داخل المسيحية ذاتها!! وكذلك أحرقوا علماء كباراً مثل "جاليليو" لأنه تجرأ وأعلن الحقيقة العلمية وهي أن الأرض تدور وأنها كروية!! ! حقاً إذا لم تستح فاصنع ما شئت وازعم ما شئت!!.

 

وفي مقابل التاريخ الغربي المشين في موضوع الرق في القرون الماضية، يرصد المؤلف استمرار الغرب في سياسته الاستعلائية حتى في الوقت الحاضر، وهو ما يسميه-عن حق-الاستعباد المعاصر، ويعرض شواهد كثيرة مثل إعدام اليهود في فلسطين المحتلة للأسرى المصريين، ناهيك عن مأساة فلسطين  النازفة منذ أكثر من ستة عقود من الزمان، وكذلك جحيم بغـداد تحت نير الغزو الأمريكي الحقود في عام2003م، ومخازي الغرب الكبرى التي لم تتوقف في جزيرة الشيطان (غوانتنمو) وفضائح السجون السرية الأمريكية في أوربا!! ومآسي المسلمين على يد الوحوش الروس في القوقاز وبخاصة أهل الشيشان الأبطال الذين استخدم الروس ضدهم سياسة دموية وحشية لم تحرك في الغرب المتاجر بحقوق الإنسان ساكناً!!