مبشرات في زمن الوهن.. أسرار انتشار الإسلام مع اشتداد الهجمات عليه!! (3/4)
2 جمادى الثانية 1433
خباب الحمد

تناول الباحث في الحلقة السابقة عوامل انتشار الإسلام بالرغم من اشتداد الهجمات المناوئة له،فأشار إلى كل من:
1-بساطة الإسلام وخلوه من التعقيد والغموض وكونه الدين الحق
2-التناقضات الكبيرة والكثيرة في العقائد المخالفة له
3-الدافع الذاتي لدى الناس للتعرف على حقيقة الإسلام بأنفسهم بعيداً عن عوامل التشويه والافتراء
4-أن حملات التشويه المعادية اتت بنتائج معاكسة لما أراده أصحابها
وها هو يعرض بقية العناصر تباعاً، بدءاً بالعنصر الخامس:

 

(5)
(الحقائق العلميَّة التي تحدَّث عنها هذا الدين)

تواترت قصص إسلام كثير من العلماء الغربيين حينما كانوا يستمعون لبعض محاضرات العلماء المسلمين المتخصصين في قضايا الإعجاز في الكتاب والسنة، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور عبد المجيد الزنداني والشيخ الدكتور زغلول النجّار حيث ذكر الأخير أنَّ 37 عالماً أوربياً أسلموا على يديه بناء على محاضرة ألقاها في بعض جوانب الإعجاز في القرآن والسنة.

 

وأكَّد الدكتور زغلول النجَّار - يشغل مدير أكاديمية مارك فيلد للدراسات العليا بإنجلترا، وأستاذ علوم الأرض - في محاضرته وجود السبق العلمي في القرآن والسنة لكثير من الأمور التي يظن الغربيون أنفسهم أنَّهم أوَّل من اخترعها وابتكرها وأنًّها اكتشافات حديثة معاصرة، ما حدا بكثير من العلماء إلى إبداء استغرابهم وإعجابهم بما في هذا الكتاب الكريم.

 

ويعقِّب الدكتور النجَّار على ذلك بأنَّ هذا يستدعي ضرورة توظيف العلم في فهم الإشارات الكونية الواردة في الكتاب والسنة،لما في ذلك من فائدة للمسلمين، ودعوة لغير المسلمين، موضحاً أن القرآن الكريم كتاب هداية للبشر وليس كتاباً للعلم والمعرفة، وقال في حوار مع صحيفة (عكاظ): إن القرآن الكريم أشار في محكم آياته إلى هذا الكون ومكوناته من خلال ما يقارب ألف آية صريحة بالإضافة إلى آيات تقترب دلالتها من الصراحة، وأكد أن الاهتمام بالدعوة الإسلامية في الغرب مهم ومن أفضل أساليبه قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، لأن القضايا الغيبية لم تعد تحرك مشاعر الغربيين فقد ملّوا القضايا الغيبية والاستماع إليها لأنَّها محرفة عندهم تحريفاً كثيراً، لكن عندما نقول لهم: إن آية قرآنية نزلت قبل 1400 سنة تشير إلى حقيقة كونية لم تعرفوها إلا منذ عشر سنين تهزهم من الأعماق.

 

ثمَّ شرح النجار موقفاً حصل معه وأسلم فيه عدد من العلماء الغربيين حيث قال: دعيت للمشاركة في مؤتمر عن الإعجاز العلمي منذ إحدى عشرة سنة، وقد ذهبت غير مستبشر ولا مستريح، وبعد أن ألقيت محاضرة عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم قام أحد كبار علماء الفيزياء هناك وقال كنت أظن أنني من النابهين البارزين في تخصصي.. فإذا أنا أمام علم أوسع وأشمل وأكبر من علمي لا أستطيع معه إلا أن أعلن شهادتي بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأذكر أن أربعة علماء ممن تحدثوا أعلنوا إسلامهم وتعاقب بعدهم آخرون حتى وصل عددهم إلى 37 عالماً أعلنوا إسلامهم، وأذكر كذلك أنني ألقيت محاضرة عن الجبال في القرآن الكريم في واشنطن ووصلتني بعدها آلاف الخطابات بالبريد يتساءل أصحابها كيف أن القرآن الكريم يقدم كل هذه الحقائق الجامعة المانعة عن الجبال ويذكرون كيف أن التعريف العلمي واللفظي في كل الكتب العلمية والقواميس الحديثة بجميع اللغات يتطابق مع ما جاء في القرآن الكريم تماماً.

 

وخير دلالة على ذلك ما وجدناه يدعو للعجب مع الفرح، حيث نقرأ خبر دخول فريق من علماء اليابان إلى الإسلام بسبب سورة التين والزيتون بعد أن تأكد هذا الفريق من إشارة ذِكر كل ما توصل إليه الفريق في القرآن الكريم منذ أكثر من 1428 عاماً.

 

بداية القصة تعود إلى البحث عن مادة الميثالويندز وتعد هذه المادة مهمة جداً لجسم الإنسان حيث تعمل على خفض الكولسيترول والتمثيل الغذائي وتقوية القلب وضبط النفس. ويزداد إفراز هذه المادة من مخ الإنسان تدريجياً بداية من سن 15-35 سنة ثم يقل إفرازها بعد ذلك حتى سن الستين عاماً لذلك لم يكن من السهل الحصول عليها من الإنسان، وبالنسبة للحيوان فقد وجدت بنسبة قليلة جداً لذا اتجهت الأنظار للبحث عنها في النباتات؛ حيث قام فريق من العلماء اليابانيين بالبحث عن هذه المادة السحرية التي لها أكبر الأثر في إزالة أعراض الشيخوخة فلم يعثروا عليها إلا في نوعين من النباتات (التين والزيتون) وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه العظيم {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}.

 

وإلى قصَّة أخرى حيث نجد طبيبة غربيَّة تعلن دخولها إلى الإسلام، حينما كانت تبحث عن حقيقة علميَّة معيَّنة فوجدتها في بلاد المسلمين، وهذه الطبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة، وكانت لها عناية خاصة بالأمراض الجنسية التي تصيب النساء، فأجْرَت عدداً من الأبحاث على كثير من المريضات اللاتي كنَّ يأتين إلى عيادتها، ثم أشار إليها أحد الأطباء المتخصصين أن تذهب إلى دولة أخرى لإتمام أبحاثها في بيئة مختلفة نسبياً، فذهَبَتْ إلى النرويج، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، فلم تجد شيئاً يختلف عمَّا رأته في ألمانيا، فقررت السفر للعمل لمدة سنة في السعودية.

 

تقول الطبيبة: فلما عزمتُ على ذلك أخذت أقرأ عن المنطقة وتاريخها وحضارتها، فشعرت بازدراء شديد للمرأة المسلمة، وعجبتُ منها كيف ترضى بذُلِّ الحجاب وقيوده، وكيف تصبر وهي تُمتهَن كل هذا الامتهان..؟! ولمَّا وصلت إلى السعودية علمت أنني ملزمة بوضع عباءة سوداء على كتفيَّ، فأحسست بضيق شديد وكأنني أضع إساراً من حديد يقيدني ويشلُّ من حريتي وكرامتي (!!)، ولكني آثرت الاحتمال رغبة في إتمام أبحاثي العلمية.

 

لبثت أعمل في إحدى العيادات أربعة أشهر متواصلة، ورأيت عدداً كبيراً من النسوة، ولكني لم أقف على مرض جنسي واحد على الإطلاق؛ فبدأت أشعر بالملل والقلق.. ثم مضت الأيام حتى أتممت الشهر السابع، وأنا على هذه الحالة، حتى خرجت ذات يوم من العيادة مغضَبة ومتوترة، فسألتني إحدى الممرضات المسلمات عن سبب ذلك، فأخبرتها الخبر، فابتسمت وتمتمت بكلام عربي لم أفهمه، فسألتها: ماذا تقولين؟!! فقالت: إن ذلك ثمرة الفضيلة، وثمرة الالتزام بقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ" (سورة الأحزاب:35) هزتني هذه الآية وعرّفتني بحقيقة غائبة عندي، وكانت تلك بداية الطريق للتعرف الصحيح على الإسلام، فأخذت أقرأ القرآن العظيم والسنة النبوية، حتى شرح الله صدري للإسلام، وأيقنت أنَّ كرامة المرأة وشرفها إنما هو في حجابها وعفتها.. وأدركت أن أكثر ما كُتب في الغرب عن الحجاب والمرأة المسلمة إنما كتب بروح غربية مستعلية لم تعرف قيمة الحجاب(1).

 

(6)

(قلَّة وجود النماذج الحقيقيَّة للأديان الأخرى)

إنَّ المسلمين لديهم نموذج حقيقي ومثال رائع وقدوة يحتفى بها ويقتدى، ألا وهي شخصية النبي الأمين والرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فإن نور رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لا زال حياً في أمته بسبب حفظ الله لدينه من الضياع والتحريف، بخلاف بقية الأديان التي دخل عليها التحريف والتبديل ولهذا لا يجد أصحابها أي قدوة أو أثر لنموذج حقيقي غير متناقض وغير حيٍّ عندهم.                     

 

ففي بريطانيا مثلاً وهي البلاد التي تنتشر فيها الديانة النصرانيَّة، نجد قلَّة قليلة ممَّن يتمسَّكون بتلك الديانة الباطلة، وفي المقابل هنالك إقبال هائل على الدخول في الإسلام فضلاً عن التسمي باسم محمد، فقد أعلن المكتب الوطني للإحصاء في لندن أن اسم (محمد) حقق تقدما في قائمة الأسماء الأكثر ذيوعاً في مقاطعتي إنجلترا وويلز.. وتقول أرقام المكتب الوطني للإحصاء في المملكة المتحدة: ولد خلال عام 2006 (4255) ذكرا حملوا اسم (محمد)، مقابل (3386) ذكراً أسماهم آباؤهم جورج، و(3755) سموهم جوزيف!!

 

وإلى صورة حقيقيَّة أخرى توضِّح لنا قصَّة إسلام مستشرق بلغاري بعد ترجمته معاني القرآن الكريم إلى لغته، حيث أكَّد المستشرق البلغاري د.توفيان تيوفا نوفا الأستاذ في جامعة صوفيا والعضو في جمعية المستشرقين الأميركيين وعضو اتحاد المستشرقين الأوربيين ـ أنه اعتنق الإسلام عن اقتناع تام لأنه الدين الحق الذي يُساوي بين البشر ويصون جميع الحقوق الإنسانية ويُرسى قواعد السلم والأمن في المجتمعات البشرية كافة، وأنَّ هذا الشيء ليس موجوداً لدى الأديان الباطلة الأخرى.

 

وأوضح في حواره أنه قضى أكثر من 12 عاماً لإنجاز ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم باللغة البلغارية، وبعد الانتهاء من إنجازها أعلن اعتناقه للإسلام بعد أن تفهَّم معاني الآيات القرآنية الكريمة، نتيجة لتعمقه في دراسة الإسلام ومعطياته الحضارية والثقافية الوفيرة، حيث ثبت لديه أن الحضارة الإسلامية هي أم الحضارات العالمية المعاصرة وأرقى أنواع الحضارات في العالم كله.

 

وعن دوافعه إلى اعتناق الإسلام يقول د. توفيان: الحقيقة أني لاحظت أن بعض المستشرقين ـ غير الموضوعيين ـ يطعنون في الإسلام وتركّز طعنهم على القرآن الكريم فقالوا: إنه كلام بشري لا رباني، كما طعنوا في الآيات المكيّة والآيات المدنيّة وأنكروا حقيقة الوحي وغير ذلك من الافتراءات التي تعوّدوا على ترديدها في الساحة العلمية وأنا ـ وكل مستشرق موضوعي ـ يرفض هذا المنهج الاستشراقي الذي يشوّه صورة الاستشراق الموضوعي ويطعن في الإسلام بلا مبرر.

 

(7)

(دور الأخلاق الإسلامية في الإنسانية)

ونحن نعلم وندرك أنَّ الكثيرين ممَّن كانوا على أديان باطلة، وعقائد فاسدة، حينما رأوا وشاهدوا الأخلاق الجميلة التي يتطبَّع بها بعض المسلمين في بلاد الكفر، فإنَّها تعطيهم صورة حقيقية وملمحاً واضحا عن مدى تأثير الخلق والتعامل الحسن مع أولئك الكفار، مما يقلب حياتهم ويجعلهم يفكرون في حقيقة هذا الدين الذي يأمر أتباعه بالأخلاق الحسنة ولو كان مع الكفار!

 

ولهذا أكّدت دراسة أعدتها وزارة الداخلية الفرنسية أن الإسلام ينتشر بسرعة كبيرة في البلاد ويُعدّ الدين الثاني بعد النصرانية. وأظهرت الدراسة أن 3600 شخص يعتنقون الإسلام سنويًا في فرنسا، وأن أتباعه أكثر السكان التزامًا بالقوانين، وتندر جدًا الجريمة في أوساطهم، كما يحرصون على تنفيذ تعاليم الإسلام مثل الصلاة والصيام وعدم شرب الخمر. وأوضحت الدراسة أن 66% من المسلمين في فرنسا لم يشربوا الخمر أبدًا، واختُتِمت الدراسة بقولها: (إن معظم شباب المسلمين الفرنسيين متدينون جدًا وهو ما يساعد على انتشار الإسلام بشكل كبير في فرنسا)(2) وكما يقال: الدين المعاملة.

 

وفي بلغاريا ينتشر الإسلام أيضاً بصورة مشاهَدة، ومن أسباب ذلك حسن خلق الكثير من المسلمين هنالك بشهادة الأعداء، فقد قال الجنرال "بيتار فاسيليف" رئيس دائرة تنفيذ العقوبات بوزارة العدل في بلغاريا: إن وزارة العدل البلغارية تخطط لبناء مساجد في بعض سجون البلاد،لأن عدداً كبيراً من نزلائه هم من الأجانب الذين يعتنقون الإسلام؛ ولأنهم أثبتوا طيلة الفترة السابقة حسن سلوكهم.

 

تقول د.هيفاء جواد الأستاذة بجامعة برمنجهام في بريطانيا "الكثير من النساء الأوربيات يعانين من التفسخ الأخلاقي في المجتمعات الغربية، وهن يشعرن بالحنين إلى الإحساس بالانتماء والرعاية والمشاركة والإسلام يقدم كل هذا المعاني المفتقدة في الغرب. أما كارين فان نيوكيرك الباحثة التي أجرت دراسات عن النساء الهولنديات اللاتي اعتنقن دين الإسلام فتقول: “هناك أخريات في أوربا اعتنقن الإسلام بعد أن جذبتهن نظرة هذا الدين للأنوثة والرجولة، وكيف أن الإسلام يفرد مساحة واسعة لمعاني الأمومة ومعاني الأسرة وأهميتها وأنه لا يتعامل مع المرأة باعتبارها أداة للجنس وإشباع الشهوة الغريزية".

 

ونحو وجهة أخرى نجد أنَّ الباحثة مونيكا فريتاج المتخصصة في السوسيولوجيا الثقافية، تؤكد أن أسباب اعتناق الألمان للإسلام كثيرة ومتنوعة ومنها الهجرة الرمزية التي يمارسها العديد منهم بحثا عن انتماء مغاير يجدونه في الإسلام بعيداً عن الوطن والعرق الألمانييْن، كما أن هناك العديد من الألمان دخلوا الإسلام متخذين المسلمين المقيمين بألمانيا كنموذج للاقتداء، وهناك فئة أخرى من الألمان قررت السفر والعيش في البلدان الإسلامية مما سمح لها باكتشاف الدين الإسلامي من ناحية وساعدها على تبني ثقافة هذه البلدان من ناحية أخرى.

 

وإلى قصَّة أخرى تؤكد لنا أنَّ الكثير من المسلمين الجدد أسلموأ حينما شاهدوا الحياة المختلفة عند المسلمين مقارنة بالحياة التي يعيشونها، فالفرنسي لونارتيس أونتوني الذي أشهر إسلامه وقام بتغيير اسمه إلى "عبد الحكيم" ذكر أنَّ اعتناقه الإسلام كان نابعاً من التأمل الذي لازمه طيلة الفترة التي سبقت إعلان قراره، معتبراً أن المحيط الذي كان يعيش فيه هو السبب الذي دفعه للتفكير في اعتناق الإسلام، وذلك بعد القيام بالمقارنة بين عدة أشياء تحدث داخل المجتمع الفرنسي وأخرى مماثلة تقع في المجتمع الجزائري، ضارباً مثالاً بالتناقض في دور الأسرة الغربية وعلاقة أفرادها بعضهم ببعض، وكذا تمرد المرأة الغربية عموما والفرنسية خصوصا على الأعراف والقوانين الفطرية وخصوصيتها كأنثى. وهو الأمر الذي قال إنه دفع به إلى المقارنة بين مجتمع لا يؤمن بالحدود وآخر تحكمه ضوابط وقواعد شرعية وعرفية.

 

"عبد الحكيم" قال، إنه فوجئ بالمعاملة الطيبة التي حظي بها من طرف المسلمين عامة والجزائريين خاصة، والذين ساعدوه في التقرب أكثر ومحاولة فهم الإسلام بالطريقة الصحيحة، من خلال إعارته بعض الكتب المترجمة لأساسيات الدين الحنيف، ومن هنا، شعر أنه ليس غريباً عنه، وكان من الطبيعي أن يتفاعل معه ويبدأ في التعمق والدراسة التي استغرقت ثلاث سنوات.

 

وروى "عبد الحكيم" قصة طريفة وقعت له قبيل إشهار إسلامه، حيث قال إنه عندما توجه إلى إمام المسجد الذي اشترط عليه العودة بعد مدة ليتمكن من تسليمه أوراقاً أو رخصة الدخول للإسلام، فرفض "عبد الحكيم" بقوله: "لا تهمني البطاقة بل يهمني نور الإسلام"، قبل أن يتحدث عن موقف عائلته، وبالأخص والداه، اللذان اشترطا عليه أن يقنعهما قبل أن يتم ذلك، معرجاً في نفس السياق، إلى الدور الذي لعبته شقيقته في إسلامه، لكونها متزوجة من جزائري.

 

لقد ذكرت صحيفة معاريف العبريَّة قصَّة شخص يهودي كان إسلامه بسبب حسن خلق الشباب المسلمين في حواره معه، حيث لخَّص 'ميخائيل شروبيسكي' أو 'محمد المهدي' قصة عودته إلى الله، واعتناقه الإسلام بهذه الكلمات فقال:'حُسن خلق الشاب المسلمين في حوارهم معي، كان سبب عودتي إلى الله'.

 

والقصَّة باختصار وتصرف تتحدَّث عن هذا الشخص واسمه محمد المهدي فقد كان شابًا يهوديًا من غلاة الشباب المتطرفين، وأحد  المشهورين بكراهيتهم للإسلام والمسلمين، كان مثله الأعلى الإرهابي اليهودي 'باروخ جولدشتاين' مُنفذ مذبحة الحرم الإبراهيمي الشهيرة في 1994م، والتي راح ضحيتها عشرات الفلسطينيين الذين استشهدوا خلال تأديتهم الصلاة، لكن قصة فريدة من نوعها بحسب صحيفة معاريف العبرية كانت السبب في اعتناقه الإسلام.

 

بدأ 'ميخائيل شروبيسكي' يتأقلم مع وضعه الجديد بعد نزوحه للكيان الصهيوني، فقام باستئجار منزل، ومارس مهنته الخاصة باللياقة البدنية، وأصبح من أهم الناشطين في المستوطنة، وذاع صيته سريعًا، فانضم لحركة 'كهانا حي' المتطرفة.

 

يقول المهدي عن هذه الأيام: 'كنت أريد أن أنفذ مخططاتي في كراهية العرب والمسلمين، التي تربيت عليها في بيتي في أذربيجان، ونمَت في كريات أربع'.
يقول محمد المهدي: 'قبل إسلامي وعقب تنفيذ المقاومة الفلسطينية لعمليات داخل "إسرائيل"، جلست مع عدد كبير من كبار المستوطنين وقلت لهم: تكتبون الموت للعرب على جدران منازلكم أو متاجركم، وهذا لا يعني شيئاً! إذا كنتم تريدون فعل شيء فعلينا أن نذهب وننتقم منهم, إذا كنتم رجالاً فهلموا نذهب لمدينة الخليل وندخلها ونقتل من فيها'.

 

يقول المهدي: 'رغم كل ذلك، كنت في داخلي متمردًا عليها، ويساورني الشك في أشياء كثيرة، خاصة حقيقة هذا الكون، فلم تكن إجابات الحاخامات على أسئلتي تقنعني في غالبيتها، خاصة إذا ما تطرق الحديث عن الديانات الأخرى وعلى رأسها الإسلام'.

 

ويكشف المهدي تفاصيل بعض ما يدور في مجتمع الحاخامات وعلاقته بالإسلام، بالقول: 'لقد اعتاد الحاخامات دائمًا على سب النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - في كل حديث حوله أو حول الإسلام'.

 

ويمضي المهدي يحكي قصة عودته إلى الله: 'في هذه الأثناء، قبل ثلاث سنوات تعرفت بالصدفة على شاب من مدينة الخليل، يسمى 'وليد زلوم' جاءني لإصلاح سيارتي، وعندما تأكدت من أنه مسلم رفعت السلاح في وجهه، وهددته بالقتل والفتك، لكنه بدا متماسكًا هادئًا، فدعاني إلى الحوار، وفي الحقيقة لقد كان أسلوبه عاقلاً وأخلاقه حسنة'.

 

ويؤكد المهدي أن الحوار امتدّ مع الشاب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذا الشاب كان هو سبب الانقلاب في حياته الذي حدث بعد عامين من هذه المقابلة، ظل خلالهما يبحث في أمور الدين الإسلامي بنفسه، فيقول: 'بدأت أدخل في أعماق الإسلام بعد أن اشتريت معاجم لغة عربية لتعلمها، وطلبت من وليد أن يعلمني الصلاة، وتعلمت أكثر وأكثر حتى أنني شعرت بأني أسبح في محيط الحقيقة التي تمكنت من العثور عليها, وشعرت بأنني ولدت وهذا الشيء بداخلي, وفي النهاية نطق لساني: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله'.

 

ويحكي المهدي أنه قوبل بمضايقات لا يمكن وصفها من قبل المستوطنين، فخشي على حياته، فترك المغتصبة الصهيونية عائدًا لبلده الأصلي أذربيجان.
لكن لم يكن الوضع في بيت أسرته مختلفًا عن وضعه في المغتصبة اليهودية، فقد رفض والداه استقباله وهو مسلم، فقرر العودة مرة أخرى، لكن هذه المرة قرر العودة إلى فلسطين، تحديدًا في قرية 'أبو غوش' داخل الخط الأخضر القريبة من القدس المحتلة (3)

 

(8)

(جهود الدعاة إلى الله في نشر الإسلام)

حينما نرى كثيراً من الدعاة يقومون بنشر هذا الدين، ويتركون أهلهم وأولادهم بعد تأمين عيشهم، ثمَّ ينطلقون للدعوة إلى الله ويقطع الفيافي والقفار؛ لكي يبلغوا دعوة الله الحقَّة إلى الناس، فإنّ هذا جهد لا يكافئ عليه سوى رب العالمين.

 

لقد كان الداعية د. عبد الرحمن السميط  داعية عجيباً، ورجلاً فريداً  حيث حمل مشعل النور والهداية على كتفيه ليجوب بها الآفاق بحثاً عمَّن يريد الدخول إلى الإسلام.
لقد عمل د. السميط في مجال الدعوة إلى الله وإغاثة كثير من المنكوبين خلال 26 عاماً، وحينما استُضيف في قناة الجزيرة، أخبر أنَّه بفضل الله تعالى وشيء من الجهود التي كان يقوم بها في الدعوة بأفريقيا، كان له دور في إسلام أربعة ملايين نسمة، والمقابلة موجودة في موقع الجزيرة نت لمن أراد أن يقرأها في برنامج بلا حدود مع الإعلامي: أحمد منصور.

 

وحدث آخر أتطرق لذكره وهو قصَّة ذلك النصراني المتعصب السلطان التشادي في إحدى المناطق واسمه علي رمضان ناجيلي، وهو سلطان منطقة(قندي) في تشاد، ولقد كان نصرانيا متعصباً ويكره المسلمين ويود حرقهم لو استطاع كما كان يقول، ولكنَّ الله تعالى منَّ عليه بالإسلام عام 1977م على يد شيخ نيجيري يعمل في الدعوة إلى الله استطاع بأسلوبه وقوة حجته أن يقنع أبناء المنطقة بالإسلام.

 

وحينما أسلم وتولَّى سلطنة منطقته بعد وفاة والده، بات داعية إلى الله يدعو بحرص وجديَّة وعلو همَّة، حتَّى أنَّه خلال مدة سنتين في دعوته إلى الإسلام في منطقته أسلم 4722 شخصاً من قبيلة:(سارا قولاي) وكان منهم أربعة عشر قسيساً!!

 

بل لقد رأينا شباباً مُخلصين لديهم الحرقة الشديدة على نشر دينهم، يستخدمون الشبكة العنكبوتيَّة لأغراض رائعة، ومنها نشر دين الإسلام عند غير المسلمين، فقد ذكرت جريدة الشروق اليوميَّة الجزائريَّة أنَّ الشاب الجزائري عبد الواحد سوايبية الذي يبلغ من العمر " 31 " سنة كان يمارس المحادثة على " الشات " على شبكة الإنترنت وتعرف على امرأة عجوز فرنسيَّة واسمها "ميشال" والتي تبلغ من العمر 58 سنة، وقد قام بدعوتها لدين الإسلام، حتى أسلمت على يديه وبهذه الطريقة نفسها أسلم على يده ثلاثة من الفرنسيين.

 

(9)

(الفضائيات المُحافظة ودورها الريادي)

لقد أثمرت كثير من القنوات الفضائيَّة المُحافظة جهداً رائعاً، ودوراً كبيراً من خلال برامجها الهادفة بإقناع الناس بدين الإسلام، ومحاولة جذبهم للدخول فيه، ومنها الفضائيات الناطقة باللغة الإنجليزية وعلى سبيل المثال: قناة الهدى.

 

فقد جعلت هذه القناة من ضمن أهدافها أن تكون مرجعاً موثوقاً للمسلمين الناطقين بغير العربية ومصدراً عذباً صافياً لتعليم الدين ومشعل هداية لغير المسلمين لينقذ الله بها الناس من الظلمات إلى النور، وتستهدف القناة  في بثها نوعين من الجمهور: المسلمين الناطقين بغير العربية في جميع أنحاء العالم وغير المسلمين الناطقين بغير العربية في جميع أنحاء العالم وستبث برامجها بعدد من اللغات الحية الأخرى كالفرنسية والإسبانية وترتكز أهداف القناة على هدفين رئيسيين هما الأول إرشاد وتوعية المسلمين الناطقين بغير العربية بأمور دينهم والثاني دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وتقديم الدين الصحيح لهم وستشمل برامجها عدداً من القوالب الفنية ومنها البرامج الشريعة المتخصصة والبرامج الوثائقية والبرامج العلمية والحوارية والاجتماعية، وينتظم في اللجنة التأسيسية للقناة عددٌ من طلبة العلم والمهتمين بالشأن الإسلامي والدعوة ورجال الأعمال الذين يأملون في أن تكون هذه القناة صورة حقيقية لما يتمناه كل مسلم في بث هذا الدين العظيم إلى أصقاع المعمورة.

 

______________________

(1) جريدة الاقتصادية ـ الجمعة 28 ذو الحجة 1429 هـ. العدد 5555
(2) عن صحيفة المصريون الالكترونيَّة، ورابطه:
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=47309&Page=13
(3) بتصرف عن موقع مفكرة الإسلام، بعنوان (شروبيسكي: حسن الخلق... أعادني إلى الله) على هذا الرابط:
http://www.islammemo.cc/2005/06/16/2914.html