لسنا بحاجة إلى حكومة
28 ذو الحجه 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

المقبلة لقاءً يجمع بين رئيس السلطة محمود عباس و رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل في القاهرة حسب ما صرح به الطرفان ، وهذا ليس اللقاء الأول بينهما منذ أحداث صيف 2007 ، ولكن الظروف والعوامل اليوم تختلف عن سابقتها وبالذات على الصعيد الداخلي .

 

فحركة حماس تذهب اليوم إلى اللقاء وهي تحمل في جعبتها نصراً فلسطينياً خالصاً من خلال إنجاز ملف صفقة تبادل الأسرى مع الكيان عبر الوسيط المصري ، أما على الجانب الآخر فعباس سيحضر إلى اللقاء وهو خالي الوفاض بعد فشل مسرحية أيلول التي كان يعول عليها كثيراً في تحقيق إنجاز له بعد فشل كافة خياراته الانهزامية ، و هذا ما يميز هذا اللقاء إن تم أن المواطن والمتابع للأوضاع الفلسطينية سيعيش المقارنة بين النهجين بشكل جلي .

 

الإشكالية مازالت قائمة بين الطرفين ولا يمكن أن تحل في لقاء أو حتى في تشكيل حكومة لأن تجربة حكومة وحدة وطنية قد أُفشلت بعد اتفاق مكة بين حركة حماس وفتح ، ومن الصعب التوصل إلى تفاهمات صادقة في ظل الاختلاف العميق في طريق إدارة الصراع مع الكيان بينهم .

 

لقد ترك عباس المصالحة كثيراً من أجل ملف المفاوضات فمنذ الانقسام الفلسطيني وهو يضع كل ثقله في هذا الملف المرفوض شعبياً وقدم كل ما لدى أجهزته الأمنية من معلومات يحارب فيها الإرهاب الفلسطيني المتمثل في حركة حماس والمقاومة المسلحة ، ورغم ذلك وقفت أمريكا والاحتلال ضد تقديم شيء له وهددوه أكثر من مرة بقطع المساعدات ، ورغم ذلك بقي أسيراً لخيارات الولايات المتحدة بعد فشله في نيل عضوية في مجلس الأمن وينتظر منهم الحلول والمقترحات .

 

أكثر ما يقلق في معاودة اللقاء هو الظروف الحالية ؛ فبعد فشل أبي مازن وتوقف بعض الدعم المالي عنه عادت الولايات المتحدة بأطروحات جديدة للمفاوضات في ظل الأجواء الساخنة تجاه إيران وتوقُع توجيه ضربة جوية خاطفة لها ، فيحتاج الجميع لتهدئة الملف الفلسطيني مؤقتاً وقد يوافق الجانب الصهيوني على وقف الاستيطان مقابل الموافقة الصامتة من الدول العربية على ضرب إيران .

 

لهذا نسأل : هل سيحمل اللقاء في طياته تقدماً يذكر أم سيكون كسابقه إعادة محاولة ترويض حركة حماس ونزع الشرعية منها من خلال حكومة جديدة تحت أي مسمى مما سمعناه من قبل قد يتنازل فيه عباس قليلاً عن بعض شروطه ؟

 

نحن لسنا بحاجة إلى حكومة جديدة أو حكومة وحدة وطنية ، المطلوب اليوم هو عدم الرجوع إلى الوراء والحديث في بنود اتفاق المصالحة ، فمن المفترض اليوم الجلوس لإعادة صياغة المرحلة المقبلة ووضع الاستراتيجيات المناسبة في ظل الفشل الذريع للمفاوضات ، وهذا الأمر لا يحتاج إلى تشكيل حكومة  أو الحديث عن قضايا موظفين .

 

لو كان عباس جاداً في اللقاء فهناك العديد من القضايا التي يمكن أن يقدمها قبل الحديث عن اللقاء وعلى رأسها الإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية ، فما بالكم في القضية المخجل ذكرها مثل قضية جوازات السفر!

 

مازال عباس يعول على إحراز تقدم ما في المفاوضات ومازال يستخدم ورقة المصالحة من أجل المفاوضات ، والمطلوب من حماس اليوم أن تجلس معه لتعلن عن إنهاء المفاوضات مع الاحتلال والتنسيق الأمني لا الحديث عن حكومة لأننا لسنا بحاجة إلى وزراء وحكومة جديدة .