إنها دولة هشة فمتى ستنتفضون!
29 شوال 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

من على منصة الأمم المتحدة وبعد خطابين متتاليين لكلٍ من محمود عباس رئيس منظمة التحرير وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني تحدثا فيهما عن السلام وعن العودة للمفاوضات ، وكلاهما تحدث بلغة عاطفية حاول فيها أن يستعطف الحاضرين كي ينال القدر الأكبر من التصفيق.

 

لا أود هنا الحديث عن خطاب محمود عباس رغم شرحه الجيد وخطواته بعد الخطاب نحو الانفتاح على حركة حماس بعد عودته من نيويورك ، وأترك الأفعال تتحدث رغم قناعتي بأنه لا يمكن أن يكون هناك تغيير إلا إذا عاد عباس عن طلب المفاوضات وجعل الخيار المسلح أحد الخيارات بل الخيار الأول وأوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال على الأرض  . 

 

أما رئيس الوزراء الصهيوني فقد شكل بداية خطابه وصفاً لما عليه دولة الكيان من حدود ضيقة ومدى الخطر الذي تشكله عليها دول الجوار وعلى رأسها الضفة الغربية ، وما مدى الخطر الذي تعيشه هذه الدولة مع قطاع غزة ، مما يجعلنا نذكر الأمة العربية والإسلامية بمدى هشاشة هذه الدولة .

 

لقد كان الخطاب العاطفي هو بمثابة حقيقة يجب على العالم العربي أن يدركها بأن هذه الدولة الصغيرة التي تزعج المحيط العربي والإسلامي ، وتسبب كافة الإشكاليات في منطقة الشرق الأوسط هي عبارة عن شريط ساحلي ضيق تمر الطائرات عبره بمدة لا تتجاوز الخمسة دقائق ، هذه الدولة التي تعتبر الضفة الغربية بمثابة مصدر إزعاج حقيقي ولا يمكن أن تتنازل عنها هي عبارة عن جسم مشبوه من المخجل بعد 63 عاماً أن يفشل مليار مسلم في سحق هذه الدولة المنبوذة .

 

لقد تمكنت المقاومة الفلسطينية خلال خمس سنوات من عمر انتفاضة الأقصى من دحر الاحتلال عن قطاع غزة عام 2005م تحت قوة ضربات المقاومة وصمود شعبي وعزيمة قوية ، فاضطر الاحتلال إلى ترك غزة تحت هذه الضربات المركزة حيث أصبح لا يطيق العيش تحت نار المقاومة .

 

ولقد سبق ذلك أن قام الاحتلال بإنشاء جدار الفصل العنصري وحصار الضفة الغربية عام 2002م  بسبب قوافل الاستشهاديين التي كانت تدك قلب فلسطين التاريخية ، فلم تستطع هذه الدولة الصمود أمام هذه القوافل فقررت أن تحمي نفسها بجدار عازل حتى تقي نفسها شر المقاومين ، ولولا التنسيق الأمني لكانت النتائج مغايرة جداً على الأرض ولشهدنا انسحابات صهيونية  .

 

لقد سبق أن قالت حركة حماس عندما بدأت مراحل المفاوضات أعطوا المقاومة خمس سنين لتطرد الاحتلال من قطاع غزة ، فكانت الإجابة بالملاحقة والاعتقالات للمقاومين ولم تحصل السلطة على قطاع غزة بالكامل بالمفاوضات إنما جاءت النتائج بعد عشرة أعوام من المفاوضات واندحر الاحتلال من قطاع غزة ، هذا نموذج للمقارنة بين مسيرة المقاومة ومسيرة المفاوضات والتي كان البعض يعتقد أن حماس حصلت على السلطة بفعل المفاوضات ، ولكن السلطة نشأت بسبب ضربات المقاومة فحاول الاحتلال التخلص من المسؤولية لصالح السلطة المفاوضة لتلاحق المقاومين بدلاً من الاحتلال ، وهذا مازال يجري اليوم - توقف للمسار السياسي في الوقت الذي ترتفع فيه وتيرة التنسيق الأمني في الضفة الغربية ؛ فأين هي الدولة ؟

 

الشواهد كثيرة على مدى ضعف دولة الكيان رغم نبرة الحرب التي كان يطلقها رئيس وزرائها على المنصة عندما ركز أكثر من مرة على خطر حماس في غزة ، وفي حال فشلت جهود عباس في تحقيق العدد المطلوب في مجلس الأمن للموافقة على الطلب وهم 9 دول ستكون دولة الكيان أكثر وأجرأ على تنفيذ عملية عسكرية محدودة ضد القطاع ، وخاصة قبل انهيار النظام السوري لأن الوضع في سوريا يشكل مصدر قلق وإزعاج شديد لدولة الكيان وسيكون لنا وقفة في ذلك .