حقيقة ابن تيمية بقلمه!!
25 ذو القعدة 1431
منذر الأسعد

كتاب (هكذا تحدث ابن تيمية) للباحث الأستاذ عائض الدوسري كتاب مهم في وقته الملائم تماماً،حيث ارتفع صوت أعداء هذا العَلَم الهمام،حقداً على الإسلام وليس على شخصه ولا سيما أن الرجل رحل عن دنيانا الفانية منذ سبعة قرون،لكن ما يغيظ القوم منه أن تاثيره في الناس قوي بل إنه يزداد قوة وعمقاً وسعة على مرور الأيام والأعوام.

 

وكما أن الشخص الذي يتكلم عنه الكتاب جليل،فإن ناشره وصاحب المبادرة في تأليفه الأستاذ الشيخ زهير الشاويش رجل من خيار رجالات العلم والدعوة-نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً،وهو من أبرز أعلام الأمة المعاصرين في نشر تراث شيخ الإسلام والكتب الشرعية المتميزة وبخاصة في مجال التوحيد والذود عن السنة المطهرة وفهم السلف الصالح للإسلام،وذلك من خلال دار النشر التي يملكها باسم (المكتب الإسلامي).

 

والطريف في الأمر أن الشيخ الشاويش بعمره المديد وعلمه الغزير وتاريخه المشرق،أصر على الأستاذ عائض بن سعد الدوسري أن يكتب مقدمة لكتاب (الرد الوافر) للحافظ ابن ناصر الدمشقي،الذي قرر الشيخ زهير إعادة طباعته،وهو في الأصل قد حقق مخطوطته.وفي المناسبة فإن لدى الشيخ مكتبة شخصية نادرة نوعاً وحجماً،فهي تضم 200ألف كتاب وعشرة آلاف مخطوط!!

 

وكان الأستاذ عائض قد شارك في الجزء الثاني من حلقات قناة المستقلة عن ابن تيمية وتألق الرجل بقوة حجته وسداد منطقه في وجه المفترين التكفيريين الذين يمقتون شيخ الإسلام إلى حد تحريف نصوصه وتشويه كلامه،لكي يلبّسوا على العامة ويطمسوا الحقيقة.وقد تولى كِبْرَ هذه الحملة الظالمة في الجزء الأول من حلقات المستقلة حسن السقاف بوقاحته واحترافه الكذب والتزوير المفضوح!!وكانت ذروة فضائحه أنه أصر على مدير الحوار محمد الهاشمي أن يتصل بالدكتور محمد سعيد رمضان البوطي لاستجلاء رأيه في ابن تيمية،فلما تحدث الشيخ البوطي بشيء من الإنصاف امعتض السقاف،ثم أخذ يتطاول على البوطي ويشتمه في موقعه على الإنترنت!!

 

وإذا كان كتاب الرد الوافر رداً علمياً وموضوعياً على السفهاء الكارهين لابن تيمية قديماً،فإن الدوسري نجح أيما نجاح في دفاعه الرائع،وبخاصة أنه اعتمد نهجاً طيباً وحازماً،فقد جعل ابن تيمية رحمه الله يبين الحقائق في وجه الكاذبين عليه،وذلك بنصوص من كلام شيخ الإسلام نفسه،حتى يصح عليها القول:قَطَعَتْ جهيزةُ قولَ كلِّ خطيب.

 

ولأن مساحتنا هنا لا تتسع لبسط القول في مقدمة عائض التي باتت كتاباً قائماً بذاته،فإن الإشارة إلى أبرز عناوين بحوثه تكفي لبيان محتواه القيم.

فبالإضافة إلى تقديم الشيخ زهير ومقدمة الأستاذ الدوسري،نطالع اثني عشر مبحثاً على امتداد 262صفحة،هي:
-    وقفة مع تكفير ابن تيمية على قناة المستقلة الفضائية.
-    في ظلال سيرة ابن تيمية وشخصيته.
-    عقيدة ابن تيمية وعقيدة أئمة الإسلام.
-    تطور مفهوم التعطيل والتشبيه(في قضية أسماء الله وصفاته سبحانه) واضطرابهما.
-    جناية الفلسفة وعلم الكلام.
-    الجانب العقلي عند ابن تيمية.
-    موقف ابن تيمية من تكفير المسلمين.
-    سيرة ابن تيمية العملية مع مخالفيه.
-    موقف الفرق والمذاهب من المخالفين.
-    موقفه من أهل البيت.
-    موقفه من الصوفية.
-    أقوال بعض العلماء المتأخرين والمفكرين المعاصرين.

 

وبعد: فالكتاب يضع النقاط على الحروف بهدوء واتزان وحسن أدب-ربما زاد عن حده مع من لا يستحقه-،ويقدم شيخ الإسلام ابن تيمية كما هو بلا زيادة قد يقع فيها الغلاة ولا نقصان يستمرئه الجفاة. والكتاب يصلح للشباب وغير المتخصصين، ويشجع عشاق المعرفة على الإبحار في مؤلفات ابن تيمية نفسه.