
بعد الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها الحكومة الباكستانية بسبب بطء استجابتها لكارثة الفيضانات التي أثرت خلال الشهر الماضي على أكثر من 20 مليون نسمة ودمرت المحاصيل الزراعية والماشية، استطاعت جماعة الدعوة الإسلامية الخيرية كسب قلوب المزيد من المؤيدين في طول البلاد وعرضها بسبب نشاطها المكثف من أجل إغاثة المنكوبين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية.
وسارعت جماعة الدعوة –وهي جمعية خيرية إسلامية، سنية المذهب، تتهمها الحكومات الغربية بالارتباط بحركة عسكر طيبة المسؤولة عن تفجيرات بومباي عام 2008- لمساعدة المتضررين من الفيضانات في باكستان، رغم العوائق اللوجيستية في الانتقال بين المناطق المتضررة وصعوبة الوصول للمنكوبين.
فالدمار كان كبيرا إلى حد أن الطرق قطعت والوسيلة الوحيدة للنقل هي طائرات الهليكوبتر.
ورغم امتلاك الحكومة مثل هذه الإمكانات إلا إنها متهمة بالتقصير في إغاثة المنكوبين، وقد عمقت الفيضانات الغضب تجاه حكومة الرئيس آصف علي زرداري الذي يرأس حزب الشعب الباكستاني الذي يسود اعتقاد فعلي بأنه يفتقد للفاعلية. وقد بدأ الحزب يخسر أصوات الناخبين الفقراء بحسب تقارير صحفية أشارت إلى غضب المنكوبين من تقصير الحكومة.
أما جماعة الدعوة فقد سارعت إلى تكثيف الجهود الإغاثية كما اعتادت في حالات الطوارئ. واهتمت الجماعة الخيرية بتقديم مساعدات العيد للمنكوبين، في محاولة لإدخال السرور والفرحة إلى بيوتهم رغم الكارثة العصيبة. وتوزع الجماعة أثوابا خضراء للفتيات وأحذية مع أجولة الطعام للاحتفال بعيد الفطر المبارك.
ورغم عدم امتلاك الجماعة طائرات هليكوبتر إلا أن مسؤولي الجماعة يقولون إنهم يحاولون تعويض ذلك بوسائل أخرى. وقال يحيى مجاهد وهو متحدث باسم جماعة الدعوة من مقر الجماعة في لاهور عاصمة إقليم البنجاب: "لا نملك الموارد لتلبية مطالبهم أو إعادة بناء منازلهم أو تعويضهم عن محاصيلهم".
ومضى يقول "ومن ثم جاءت هذه الفكرة... لنعطيهم هذه الحزمة كي ينسوا هذه المشكلات ولو ليوم واحد".
ونفى مجاهد أية صلة للجماعة بحركة عسكر طيبة المسلحة، مؤكدا أن جماعته هدفها الرئيسي مساعدة المحتاجين. وشدد على أن مساعداتها تصل إلى كافة المنكوبين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو المذهبية.
وأوضح أن الجماعة قدمت المساعدة لكل من يحتاجها بمن في ذلك الشيعة والهندوس والمسيحيين. وأضاف "مهمتنا الأساسية هي مساعدة الإنسانية".
ففي الجنوب وعلى بعد 322 كيلومترا تقريبا حاول متطوعون وضع هذه الفلسفة موضع التطبيق بمساعدة الشيعة الذين تحاصرهم الفيضانات في قرية كالار والي في جنوب البنجاب. الطريق في القرية اختفى جراء مياه الفيضانات ولا يمكن الوصول إلى القرية إلا من خلال القوارب. ونصبت خيمة واحدة على جانب الطريق وهي عملية ضئيلة مقارنة بمعسكرات الإغاثة الكبيرة التي أقامها الجيش والحكومة.
والأجولة التي يجري توزيعها بمناسبة العيد تحمل اسم (فلاح الإنسانيات) وهو اسم تستخدمه جماعة الدعوة منذ حظرها.
قال عبد الغفور المسؤول عن عمليات الإغاثة في المنطقة "إنها تستهدف التعبير عن حسن نوايانا. نحاول أن نحتفل مع هؤلاء الناس" بالعيد.
وفي تلك الأثناء تتردد الشكاوى والانتقادات للحكومة الباكستانية وسياسييها من تقاعسهم في سد العجز في مخزون هيئات الإغاثة الأهلية، بينما كانت جماعة الدعوة أول الهيئات التي تصل إلى بعض المناطق المتضررة. ويقول سكان القرى النائية إنهم بفضل هذه الجماعة استطاعوا أن يحصلوا على الطعام بطريقة في غاية الاحترام، مشيرين إلى أن مندوبي الجماعة جاءوا إلى بيوتهم لتقصي احتياجاتهم.
كما أشار السكان الشيعة في المناطق الجنوبية إلى أن جماعة الدعوة لم تستغل تلك الكارثة لحث الشيعة على اعتناق المذهب السني. وعادة ما تلجا جهات الإغاثة الأجنبية إلى التبشير وتوزيع الأناجيل في الأماكن التي تقدم فيها أنشطتها الإغاثية.
وبحسب محللين فإن جهود الإغاثة التي تقدمها الجماعة من شأنها أن تكسبها مزيدا من التأييد العام باعتبارها تقف بعيدا عن الصراع السياسي وتساعد كل الباكستانيين.