
تتعرض مدينة أريحا -أسوة بمدن أخرى- باستمرار لاقتحامات المستوطنين، حيث وصل المستوطنون إلى موقع "بيت الكنيست" داخل المدينة، رافعين أعلام كيان الاحتلال، فيما اقتحم نحو أربعمائة مستوطن قلب بلدة عورتا قرب نابلس شمال الضفة الغربية، ومارسوا طقوسا دينية في ثلاثة مواقع.
وأوضح الموظف في بلدية عورتا أمجد قواريق إن المستوطنين يتعاملون مع ثلاثة مواقع إسلامية في البلدة كمعابد، ونسبوها لأنفسهم وهي "سبعين شيخ" و"المفضل" و"العيزر"، ويواظبون على اقتحام البلدة من حين لآخر لأداء طقوس دينية فيها، كان آخرها الشهر الماضي.
من جانبه، قال الباحث في تاريخ المقامات عبد السلام عورتي (من نفس البلدة) إن جميع الأبنية التاريخية المستهدفة خضعت لدراسات متخصصة، وثبت أنها بنيت في العهد المملوكي، مستدلا على ذلك بالآثار ومحراب الصلاة في كل منها.
ولفت عورتي إلى أن هذه المقامات كانت تستخدم كمساجد للصلاة قبل بناء المساجد الحالية، أو مزارات للتبرك بأولياء الله الصالحين، كما كان سائدا بين الناس في ذلك الوقت، مؤكدا أن الناظر لهذه المواقع من الخارج وطبيعة بنائها يتأكد من إسلاميتها.
وأوضح عورتي أن أطماع الاحتلال دفعت المستوطنين لاقتحام هذه المواقع وتسميتها بأسماء يهودية جديدة، وتنظيم زيارات لأداء طقوس دينية فيها.
وعلى غرار ما حدث بقرية عورتا، يتكرر اقتحام بلدة سبسطية قرب نابلس، وخاصة المنطقة الأثرية، حيث يتجمهر مستوطنون من مستوطنات شمال الضفة الغربية، ويداهمون البلدة لأداء طقوسهم في هذه المواقع زاعمين أنها تعود لأجدادهم. وفق ما أكده سكرتير بلدية القرية قدري غزال.
ويعد قبر يوسف في نابلس -وهو بناء معماري إسلامي قديم- أحد أشهر المواقع التي يواظب المستوطنون على اقتحامها, تماما كما حدث مع قبة راحيل شمال بيت لحم التي ضمها الجدار الفاصل وصنفتها إسرائيل كأحد معالمها التاريخية.
وإضافة للأطماع الواضحة في المسجد الأقصى والزعم بوجود هيكل سليمان، تبرز أطماع الاحتلال واضحة بشكل كبير في المسجد الإبراهيمي في الخليل، الذي قسمه الاحتلال بين المسلمين واليهود, فيما يتكرر اقتحام الأحياء العربية في المدينة بدعوى أداء طقوس فيما يسمونه مقام عتنئيل، وهو منزل فلسطيني قديم.
من جانبه، أكد الباحث في تاريخ القضية الفلسطينية عدنان أبو تبانة أن المقامات معروفة في علم الآثار واشتهرت في العصر المملوكي، حيث كان المماليك يشيدون الأبنية فوق قبور الأولياء والمجاهدين.
وتتزايد من شهر لآخر اقتحامات المستوطنين فرادى وجماعات لمدن وقرى الضفة الغربية بحجة أداء طقوس دينية، تتم في الغالب في مواقع أثرية إسلامية أو مساجد قديمة.
وغالبا ما يتخذ جيش الاحتلال إجراءات أمنية مشددة يتخللها إغلاق بعض المناطق في قلب المدن والقرى الفلسطينية، بهدف تأمين وصول الجماعات الاستيطانية لأداء طقوسها المزعومة.
وكان باحثون في تاريخ فلسطين قد أكدوا أن الأراضي المحتلة غنية بآلاف المواقع الأثرية التي يطمع فيها الاحتلال، منتقدين التقصير الرسمي في حماية هذه الآثار وإبرازها، ومطالبين بعمل جاد لإعادة ترميمها وإصلاحها.