20 جمادى الأول 1433

السؤال

فضيلة الشيخ: السلام عليكم وبعد؛
لي أخت كبرى، متورطة في وحل: المعاكسات الهاتفية، والانترنت، ومشاهدة الأفلام الجنسية؛ بمباركة من زوجها ومساعدة بعض صديقاتها(!!)، ولديها بعض المخالفات في اللباس، مع العلم بأن لي أختين غيرها لم تتزوجا بعد، مع ملاحظة أنني أكبر منهما سناً، مع مرض والدتي وكبر سنها. وسؤالي هو: أريد طرقًا عملية للتعامل معها ونصحها، حتى لا تؤثر على بقية أخواتها.

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أخانا الحبيب:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
في تقديري أن مشكلتك مع أختك تكمن في أنها:
1- أكبر منك سنًا: وهذا يوجب عليك أن تتعامل معها باحترام وتقدير، لأنها أولا أختك فلها عليك حق الأخوة، وأنها ثانيًا: أسن منك، فلو كانت أصغر منك لكان الأمر أسهل.
2- في عصمة رجل وهو زوجها: وهو ما ينقل مسئوليتها عن أبيها وعن أخيها إلى زوجها، الذي سيسأل عنها – شرعًا – أمام الله (عز وجل)، فلو كانت لا تزال في بيت أبيها لكان أمرها بيد أبيها، ولكان للأمر حديث مغاير.
ولا يعني كلامي هذا – في مقدمة الرد- أنه ليس عليك أن تتحرك، أو أنه ليس عليك من الناحية الشرعية أي واجب تجاهها، لا.. بل إن عليك أن تبذل ما في وسعك لنصحها وردها إلى جاة الطريق، وعليه فإنني أنصحك باتتباع بعض الخطوات العملية تجاهها على النحو التالي:-
1- استعن بالله وادع لها بالهداية: فما أحوج الدعاة إلى تعلم الاستعانة بالله (سبحانه وتعالى)، ومناجاته، والوقوف بين يديه، والتضرع إليه بالبكاء والدعاء أن يوفقهم في مهامهم الدعوية، كما أنصحك بأن تصحح نيتك، وأن تنطلق في دعوتك لأختك من إيمانك بالله، وغيرتك على دينك في المقام الأول، قبل الغيرة على اسم العائلة وسمعتها ومكانتها أمام العائلات والجيران.
2- ابن جسرًا من مودة تعبر عليه إلى قلبها: فلا تكسر باب قلبها، ولا تحطم صلتك بها، ولا تقطع رحمها عندك، بل خطط جيدًا لاختراق قلبها، وامتلاك مفاتيحه، واعلم أن خبراء علم النفس يقولون: لكل إنسان مهما علا قدره وذاع صيته نقطة ضعف ومفتاح شخصية، فإنك إن عرفت مفتاح شخصيتها سهل عليك أن تدخل إليها، وأن تجاس معها.
3- اجعلها تحبك وتثق بك: فإنها إن أحبتك أطاعتك (إن المحب لمن يحب مطيع)، وإن وثقت بك قدرت رأيك، وقبلت نصحك، واجعلها تقر بأنك تحب لها الخير، وأنك تخاف عليها أن يلحقها آذى من الناس او غضب من الله.
4- التزم آداب النصيحة معها: فلا تحدثها في هذا الأمر على الملأ، فإن (النصيحة على الملأ فضيحة)، ولا ترفع صوتك عند التحدث معها فإن رفع الصوت (رعونة وإيذاء)، ولا تُشِحْ بيدك في وجهها، وتحكم في أعصابك عند الحديث معها.
5- نَوِعْ حديثك بين الترغيب والترهيب: فابدأ معها بالترغيب قبل الترهيب، فأخبرها عن الأجر الذي أعده الله لعباده الطائعين، والثواب العظيم الذي ينتظر المؤمنين، ثم انتقل بها شيئًا فشيئًا إلى الترهيب، واسرد لها من آيات الله ما يحذر من معصيته سبحانه، وبين لها ما أعده الله من العذاب للعصاة والمذنبين.
6- افتح لها باب التوبة وزينها لها: وإياك أن تقنطها من رحمة الله، أو أن تزرع – ولو من غير قصد منك- في قلبها اليأس، فإن اليأس أخو الكفر، وهو أول الطريق إلى النار، لكن زين لها التوبة وأعلمها أن الله يقبل توبة العبد مالم يغرغر، وأنه سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من تائب فإغفر له.
7- قدم لها هدايا عملية تساهم في إصلاحها: بشكل غير مباشر، وبأسلوب مهذب رقيق، قد لها كتيبًا صغيرًا لكنه مفيد، أو شريط كاسيت، أو سي دي (أسطوانة مدمجة)، لأحد العلماء الربانيين؛ حول التوبة قبل الممات، وخطورة الاستمرار في ارتكاب الذنوب، وخطر المعاصي على القلوب، فهي وسائل دعوية غير مباشرة، هدفها زيادة منسوب الإيمان، والتي تعتبر بداية اليقظة وأول الطريق.
8- أكثر من زيارتها والاتصال بها: والسؤال عنها فلا شك أن مما يسر النفس ويدخل السعادة إلى القلب، أن يشعر المرء أن هناك من يسأل عنه، ويطمئن على أخباره وأحواله، وأن يعرف أنه في دائرة اهتمام عزيز أو قريب، كالأب أو الأخ أو الزوج أو الإبن، وهي مهما كانت امرأة، وقد زرع الله في قلبها جملة من المعاني والمشاعر التي لا يرويها إلا الإحساس باهتمام الآخرين بها، وخاصة إذا ما كانوا في موقع الأخوة.
9- كن أول من يجاملها في المناسبات: فكن أول من يبارك لها على نجاح ابنها في الدراسة، أو شفاء ابنتها من المرض، أو عودة زوجها من الحج، ولا تنس أن تصطحب معك هدية؛ فقد صدق صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا)، تهادوا فإن الهدية تذهب بحر الصدر، وجنبها أختيكما الأخرتين، وخاصة في هذه المرحلة الانتقالية.
10- وفر لها البديل المحترم: فما أكثر أشرطة الفيديو الهادفة، والأسطوانات المحملة بالأفلام الجيدة التي تعالج قضايا اجتماعية، والتي تخلو من مشاهد العري، أو المسلسلات الدرامية الهادفة، أو المسرحيات التي تخلو من الإسفاف، وعرفها بالقنوات الإسلامية، والفضائيات المحترمة، ورحم الله من قال: (لا تهدموا على الناس أكواخ باطلهم وابنوا لهم قصوا من عقيدة صحيحة فإنهم إن رأوا جمال قصور عقائدكم تركوا قبور عقائدهم الباطلة)، فتقديم البديل الصالح يقطع الطريق أمام الشيطان.

وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يصلح لك أختك، وأن يهد قلبها إلى الإيمان بالله، والبعد عما يجلب سخطه وغضبه وناره، وأن يصرف عنها كيد شيطان الإنس والجن وصديقات السوء، اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.