9 رمضان 1431

السؤال

لي 3 أبناء؛ أعمارهم 5 و3 و2 سنوات، ابني الأوسط صعب المراس؛ في بعض الأحيان عندما يغضب يضربني؛ ولا أعرف كيف أعدل هذا السلوك، ومزاجه في أغلب الأحيان سيء، مع العلم بأن زوجي كثير السفر، وكذلك فإن أخواته البنات تمردن بسبب تصرفاته. فكيف أتعامل معهم؟

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

أختنا الفضلى:
السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبًا بكِ، وشكر الله لكِ ثقتكِ بإخوانِك في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
فهمت من استشارتك أن لكِ 3 أبناء؛ تتراوح أعمارهم بين عامين وخمس سنوات، وأن ابنك الأوسط؛ وعمره 3 سنوات، "صعب المراس"، لدرجة أنه يضربك "عندما يغضب"!!، وتقولين إن "مزاجه "سيء" في أغلب الأحيان، وتتساءلين: "كيف أعدل هذا السلوك؟!"، ووجدت في نهاية رسالتك معلومتين هامتين تفيدان كثيرًا في معالجة المشكلة؛ وهما: أن زوجك "كثير السفر"، وأن بناتك "تمردن" هن الأخريات بسبب تصرفات ابنك الأوسط، السبب الرئيس للشكوى، وتختتمين رسالتك بسؤالك: كيف أتعامل معهم؟.
وأود - بادئ ذي بدء- أن أطمئن مخاوفك، فأؤكد لك أن الكثير من الأمهات، يشاطرنك الشكوى، وأن غالبهن يشتكين مما منه تشكين، فلا يكاد يخلو بيت من شكوى بسبب تمرد أو عناد أو إزعاج الأطفال الصغار، وخاصة في هذه السن الحرجة، من عامين إلى خمس سنوات، لأسباب كثيرة منها: طول المدة التي تقضيها الأم (بمفردها في الأغلب) مع أطفالها في البيت، ومنها خصائص هذه المرحلة العمرية، وعدم وجود أقران له في السن ليلعب معهم، قلة خبرة الوالدين في التعامل معهم (خاصة مع الطفل الأول)، .... إلخ.
ومن هذه خصائص هذه المرحلة العمرية: رغبة الطفل في التعرف على الأشياء، بدء مسيرة الاعتماد على النفس، محاولته تكوين انطباعات عن بقية أفراد الأسرة، سعيه إلى لفت أنظار الآخرين إليه ولو بالصراخ وتحطيم بعض الأشياء كالأكواب أو الأطباق، وقذف بعض الألعاب والدمى، والعناد والإصرار على أخذ ما مع الغير، خاصة إخوته الأكبر أو الأصغر منه، الرغبة في التملك، .... إلى آخر ما سجله ورصده الخبراء والمربون.
فلا تخافي – أختنا الكريمة- ولا تقلقي من بعض السلوكيات التي يأتيها ولدك، ولا تنزعجي من بعض التصرفات التي تصدر عنه؛ مثل: قيامه بالشغب مع الآخرين، أو بلطمك أو ضربك بيده أو ببعض الأشياء، فهذه تصرفات طبيعية، بل إنها "ظاهرة صحية" تدل أول ما تدل على أنه طفل "طبيعي"، وأنه لا يعاني من العديد من الأمراض النفسية التي يعاني منها بعض أقرانه من الأطفال في مثل سنه، مثل: "الانطواء" على نفسه، و"الصمت" الطويل، و"رفض الكلام" مع الآخرين، و"الخوف" المستمر من الغرباء، ....إلخ.
ودعيني- قبل أن أنهي كلامي- أتوقف عند قولك: "زوجي "كثير السفر"؛ فعلى الرغم من أن الزوج (رب الأسرة) مكلف – شرعًا- بتوفير مؤنة العيش في هذه الحياة للزوجة والأولاد ومن هم بحاجة لإعالته (الأب أو الأم)؛ إلا أن الحياة الزوجية عبارة عن قارب أو مركب، وكلا الزوجين "مجداف"؛ ولا يعني كون الزوج مسئولا عن توفير الجوانب المادية والنفقات التي يحتاجها أولاده أن يتخلى عن القيام بدوره في تربية أبنائه، وتأهيلهم وترشيد سلوكهم، وأن يترك الأمر على الزوجة فقط؛ لأنها لا تستطيع القيام بالدور التربوي للأبناء بمفردها؛ مهما كانت قدراتها التعليمية أو الفكرية.
فكثرة سفر الزوج وانشغاله بأعماله وتجاراته قد تتسبب في تقصيره في أداء واجباته؛ وإهماله لزوجته وأولاده، إلا من رحم ربك، ممن استطاعوا إحداث المعجزة، وهي النجاح في العمل وفي البيت معًا، وهي معادلة صعبة للغاية وقليلٌ من وفقه الله للجمع بين كلا الحسنيين في الدنيا؛
وأنصحك بالآتي:-
1- الاستعانة بالله (عز وجل)، فهو خير معين للمرء في دنياه.
2- الرضا بما قسمه الله، والنظر إلى من هم أقل منك لتشكري الله على نعمه.
3- الصبر على مشاكل الأولاد، واحتساب أجر تربيتهن عند الله.
4- الجلوس مع الزوج، وإشراكه في مشكلات البيت، وطلب تخصيص وقت يومي أو أسبوعي للجلوس مع الأولاد، والمشاركة في حل مشاكلهم.
5- الاهتمام بأمر بناتك؛ ومعالجة "تمردهن" بحكمة ووعي.