
كشفت تقارير صحفية يوم الأحد أن الجنرال الأمريكي ستانلي مكريستال قائد القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي المحتلة لإفغانستان قام بجولة على الحدود الأسبوع الماضي مصطحبا رجلا يصفه الجميع بـ"الجنرال" ويؤكد المسؤولون الأمريكيون أنه شخص محتال ومسؤول فاسد.
وتقول القوات الأمريكية إن "الجنرال"، أو الكولونيل عبد الرزاق قائد شرطة الحدود في سبين بولداك، قام بعمل جيد في الحفاظ على الحدود آمنة وفي حالة حركة ونشاط وساعد في وصول شاحنات الإمدادات لقوات الاحتلال، في حين يؤكد قائد عسكري كبير أنه "محتال".
ووصفه اللفتنانت كولونيل بات كين رئيس وحدة حلف شمال الأطلسي التي تحاول السيطرة على الحدود الأفغانية بأنه "يحافظ على الهدوء هنا. فالشاحنات تتدفق والتجارة تتدفق. في الوقت نفسه يحصل على دخل إضافي"، من الرشاوي والإتاوات.
وخلال زيارة مكريستال الأسبوع الماضي أغلق أحد أهم الطرق التجارية في آسيا حين اصطحب "الجنرال" قائد القوات الأمريكية في جولة على الحدود. وصعد مكريستال على سطح أحد المباني حيث حدد "الجنرال" المنطقة التي تعتزم قوات حلف شمال الأطلسي بناء نقطة حدودية جديدة بها بتكلفة 20 مليون دولار.
ولا يسمح للقوات الأمريكية بالاقتراب من الحدود التي تعج بالحركة عندما تكون مفتوحة لذلك لم تر مطلقا كيف يسيطر الكولونيل عبد الرزاق وهو في الثلاثينات من العمر بمفرده على تجارة بالمليارات.
وتظهر زيارة مكريستال لعبد الرزاق -وهي الثانية له على الأقل هذا العام- التعاون بين الاحتلال والمسؤولين الذين يعرفون أنهم فاسدون في أفغانستان. ويوصف عبد الرزاق بأنه رجل الأمريكيين في سبين بولداك حيث يساعد قوات الاحتلال بشكل كبير في زيادة شحناتهم من الإمدادات للقوات العسكرية، خاصة مع إرسال قوات إضافية لمواجهة المقاومة الإسلامية.
ويقود عبد الرزاق وهو زعيم أحد القبيلتين الرئيسيتين في منطقة إقليم قندهار الحدودية بضعة آلاف من رجال الشرطة المحلية عند الموقع الحدودي في سبين بولداك وهو أحد نقطتي عبور شرعيتين بين أفغانستان وباكستان.
وانشرحت أسارير عبد الرزاق الذي ينفي القيام بأنشطة غير مشروعة وهو يقف إلى جانب القائد الأمريكي عندما أشاد به مكريستال أمام كاميرات التلفزيونات المحلية.
وقال مكريستال: "الكولونيل عبد الرزاق يحاول إدخال بعض التغييرات التي تسمح بتسهيل حركة المرور... أنا متفائل جدا إذ يمكننا بواسطة الخطط التي سمعتها زيادة الكفاءة والحد من الفساد".
ويستحيل قياس الأرباح التي يحققها عبد الرزاق تحديدا من سيطرته الكاملة على الحدود. وتعبر نحو 700 شاحنة كل يوم الحدود التي تربط باكستان بجنوب أفغانستان وإيران وآسيا الوسطى وما وراءها.
وخلال مؤتمر صحفي مع مكريستال وكبار معاونيه قبل الزيارة للقاء عبد الرزاق أبلغ رئيس سلطة الجمارك الأفغانية بسم الله كاماوي الضباط الأمريكيين أن الفساد عند الموقع الحدودي الذي يسيطر عليه عبد الرزاق "شامل".
وقال كاماوي لرويترز إن الحكومة الأفغانية تجمع نحو 40 مليون دولار من إيرادات الجمارك في إقليم قندهار كل عام وهو نحو خمس ما ينبغي أن تجمعه مضيفا أن المبلغ المستهدف ما هو إلا تقدير في ظل عدم معرفة أحد لما يدخل بالفعل إلى الإقليم.
ويسيطر عبد الزراق ورجاله على أحد الطرق الرئيسية الخارجة من قلب المنطقة الزراعية في جنوب أفغانستان التي تزرع كل إنتاج العالم تقريبا من الخشخاش الذي يصنع منه الأفيون.
وسبق أن اعترف مسؤول أمريكي بدور الولايات المتحدة في زراعة الخشخاش وتجارة الأفيون بأفغانستان. لكن المسؤولين الأمريكيين والصحافة الغربية دأبت على اتهام المقاومة التي تقودها طالبان بالاعتماد على تجارة الأفيون للحصول على المال وتمويل أنشطتهم ضد الاحتلال.
وقال تحقيق بمجلة هاربرز العام الماضي أن عبد الرزاق يدير شبكة من السجون السرية لمن يقف في طريقه. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن تحقيق هاربرز يستخدم لإطلاع عملاء المخابرات الأمريكيين على الواقع على الأرض في أفغانستان، وهو ما يشير إلى علم الإدارة الأمريكية بأنشطة الفساد التي يديرها رجلهم عبد الرزاق.
لكن مع تلك التأكيدات توافق القوات الأمريكية على منح عبد الرزاق حرية التصرف بدرجة كبيرة. فبموجب اتفاق جرى التوصل إليه على الأرض تعهدت القوات الأمريكية ألا تزور الحدود عندما تكون مفتوحة.
ولكن هذه الزيارة الأخيرة لمكريستال تضمنت توقيع وثيقة من شأنها أن تسمح لقواته بوصول بلا قيود للحدود. لكن الاتفاق أرجأ توقيعه لغياب وزيرين بالحكومة.