
وقعت الحكومة الصومالية الانتقالية يوم الاثنين اتفاقا لتقاسم السلطة مع فصيل من حركة "أهل السنة والجماعة" الصوفية المسلحة في أديس أبابا تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.
ووقع على اتفاق التعاون بالأحرف الأولى كل من نائب رئيس الوزراء الصومالي شيخ شريف حسن شيخ آدن وأحد شيوخ حركة أهل السنة والجماعة هو الشيخ محمود معلم حسن.
وينص الاتفاق الذي كان مقررا توقيعه السبت ولكنه أرجئ إلى اليوم على تحديد إستراتيجية مشتركة لمواجهة مقاتلي حركة "الشباب المجاهدين" المناوئة للحكومة، إضافة إلى تشكيل لجنة لعلماء الدين "لتحديد إطار يحمي ويصون العقيدة الإسلامية".
وفي إطار هذا الاتفاق تحصل حركة أهل السنة على خمس حقائب وزارية من بينها وزارة سيادية كالخارجية أو المالية أو الداخلية أو الدفاع، إلى جانب حصولها على ثلاثة سفراء وتسع قنصليات إضافة لدمج مقاتليهم ضمن الجيش الصومالي.
وإثر توقيع الاتفاق قال رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد علي شرماركي "لقد التزمنا بتقاسم السلطة"، مضيفا أنه وفقا لهذا الاتفاق فإن حركة أهل السنة والجماعة ستمنح خمسة وزارات في الحكومة تحدد لاحقا.
وردا على سؤال عن مسؤوليات قد تتسلمها الحركة في وزارة الدفاع، أكد رئيس الوزراء أن الحركة ستعطى منصب "نائب رئيس الأركان".
وفي الأسابيع الأخيرة عبرت فصائل عدة في حركة أهل السنة والجماعة عن رفضها لهذا الاتفاق.
وتأسست حركة "أهل السنة والجماعة" عام 1991 لحماية التيار الصوفي من التأثير المتنامي للتيار السلفي في الصومال. وفي عام 2009 حملت الحركة السلاح ضد المعارضة الإسلامية بعدما دمرت حركة "الشباب المجاهدين" ذات التوجهات السلفية عددا من الأضرحة الشهيرة لإنهاء المخالفات الشرعية التي تحدث في تلك الأضرحة.
واستمرت حركة أهل السنة تقاتل إلى جانب الحكومة ضد "حركة الشباب" و"الجماعة الإسلامية" المعارضتين، حتى باتت تسيطر على منطقة غالغودود في وسط الصومال، وتقاتل "الشباب" بشراسة.
ووفقا لتقرير أعده فريق الرصد التابع للأمم المتحدة في الصومال، فإن الميليشيات القبلية التي تقاتل تحت عباءة حركة "أهل السنة والجماعة" أبدت كفاءة أكثر من قوات الحكومة الانتقالية في توجيه ضربات إلى حركة الشباب، فيما يؤكد خصومها أنها دمية بيد إثيوبيا التي كانت تحتل البلاد بدعم أمريكي حتى بداية العام الماضي.
ويأتي هذا الاتفاق في ظل الهجوم الواسع الذي أعلنته الحكومة الانتقالية على حركة الشباب في مقديشو وفي مناطق أخرى من البلاد تتواجد فيها حركة "أهل السنة والجماعة"، ما سيجعل مشاركتها حاسمة.
وينتشر في الصومال 5 آلاف جندي بوروندي وأوغندي من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي، التي يعتبرها الشباب قوات محتلة يجب قتالها.
وقال شيخ محمود معلم حسن إن "حركة أهل السنة والجماعة مستعدة للانخراط في الحكومة الانتقالية (...) والتصدي للإرهاب".
واعتبر أن هذا الاتفاق الذي وقعته حركته مع الحكومة يهدف إلى إنقاذ الشعب الصومالي وتأكيد الاحترام للإسلام، على حد زعمه.
ويرى مراقبون إسلاميون أنه رغم صحة ما ترمي إليه الحركات السلفية –الشباب والجماعة الإسلامية- إلا أن قتالها للحكومة الصومالية، التي تستند هي الأخرى إلى خلفية إسلامية والتي كانت رموزها ذات يوم شركاء لرموز الجماعة الإسلامية، ربما جر على البلاد ضررا كبيرا. فقد توسع الاقتتال بين الإسلاميين ودفع الحكومة إلى الاستعانة بالاتحاد الإفريقي والتوحد مع "أهل السنة" الصوفية، وهو ما يقوض بشكل كبير أهداف التيار السلفي.
في هذه الأثناء، دعا ساسة ومفكرون إسلاميون -في ختام مؤتمر عقد في دبي- الأطراف المتحاربة في الصومال إلى وقف القتال والمباشرة في الجلوس إلى طاولة الحوار.
ودعت هذه الشخصيات الفصائل الصومالية إلى الانضمام إلى البرلمان والحكومة الانتقاليين، وتحكيم علماء الأمة للتوسط في الأزمة في بلادهم.
ونظم المؤتمر بمبادرة من المركز العالمي للتجديد والترشيد الذي يترأسه العلامة الموريتاني عبد الله بن بيه نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وحضره الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، والمبعوث الأممي إلى الصومال أحمد ولد عبد الله، وعبد الله عالم نائب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.