أنت هنا

11 ربيع الأول 1431
المسلم- صحف

قال باكر عزت بيجوفيتش نجل الزعيم البوسني الإسلامي الراحل إن تركيا بإمكانها مساعدة البوسنة على الخروج من نزاعاتها السياسية لدورها المؤثر في المحيط الدولي. واعتبر أن النموذج اللبناني في توزيع المناصب الكبرى في البلاد "ليس حلا سيئا بالنسبة للبوسنة" التي تضم ثلاث قوميات لكل منها دين.

وفي حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، قال بيجوفيتش الابن الذي يترأس كتلة "حزب العمل الديمقراطي" داخل البرلمان البوسني، ويتمتع بعلاقات قوية مع الكثير من الأطراف في أوروبا والولايات المتحدة، إن "تركيا يمكنها مساعدة البوسنة، فالأتراك دبلوماسيون متمرسون وناجحون ومبادرون، وهذا يجعلهم مؤثرين في المحيط الدولي".

وأضاف أن الأتراك "أقاموا علاقات مع صربيا وكرواتيا ووظفوا ذلك لدعم العلاقات البوسنية مع الدولتين". مشددا على أنه يتوجب "على السياسيين البوشناق الاستفادة من تركيا والتوجه باستمرار إلى إسطنبول لكسب الخبرة".

ولكن أقر بأنه مع بدء الحملة الانتخابية للانتخابات العامة المقررة في أكتوبر القادم، فإن حظوظ التوصل إلى اتفاق بين الأحزاب البوسنية المختلفة من الصعوبة بمكان.

وتأزمت الأوضاع السياسية في الفترة الأخيرة في البوسنة بعد سعي صرب البوسنة إلى إعلان كيان صربي مستقل، الأمر الذي يهدد وحدة البلاد ويعيد الخلافات والحروب الدامية التي كانت قد أدت في الماضي إلى مذابح للمسلمين راح ضحيتها مئات الآلاف على يد الصرب.

كما يتخوف المسلمون من مساعي الصرب إلى إجراء استفتاء حول الانفصال وإجراء تعداد سكاني دون مشاركة المهجرين من المسلمين الذين تركوا بلادهم خلال حرب التطهير العرقي في تسعينيات القرن الماضي.

وارتكب الصرب أسوأ أنواع المجازر التي شهدتها الإنسانية ضد مسلمي البوسنة في حملة تطهير عرقي هدفت إلى سيطرة الصرب النصارى على البلاد. ووقفت الدول الغربية والمنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة صامته أمام هذه المجازر واكتفت بالتنديد والشجب.

وردا على سؤال حول إمكانية تطبيق النموذج اللبناني لتوزيع المناصب الكبرى (الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان) على الطوائف الثلاث بالبوسنة (المسلمين والكروات والصرب) كما هو الحال في لبنان، قال بيجوفيتش إن البعض في البوسنة يطالب بتطبيق هذا النموذج وأنه يجري الحديث عنه منذ أكثر من 10 سنوات، معتبرا أن "هذا ليس حلا سيئا بالنسبة للبوسنة".

وتابع قائلا: "هنا يعيش ثلاث قوميات، أو ثلاث أديان، ترغب جميعها في العيش في سلام، وبحقوق متساوية".

ويتناوب أعضاء هيئة الرئاسة البوسنية الثلاثية المشتركة (المسلمون والصرب والكروات) على منصب رئيس الجمهورية كل ثمانية أشهر.

وولد باكر بيجوفيتش عام 1966 في سراييفو، حيث تلقى تعليمه إلى أن تخرج في كلية الهندسة عام 1986. وعاش فترة سجن والده وأسهم معه في إعداد بعض فصول كتبه، كان عضده الأيمن في الكثير من المهام الفكرية والسياسية.

وأثناء الحرب على البوسنة، كان في الصفوف المدافعة عن السكان البوشناق المسلمين. وبعد وفاة والده سنة 2003، انتخب نائبا لرئيس حزب العمل الديمقراطي، وخاض انتخابات رئاسته أمام الرئيس الحالي، سليمان تيهيتش، لكن فارق بضعة أصوات لم يؤهله لقيادة الحزب. وانتخب عدة مرات في البرلمان البوسني، ويترأس حاليا كتلة حزب العمل الديمقراطي داخل البرلمان.

ويعرف باكر بمرونته السياسية، ونزاهته المهنية، حيث لم يتورط في قضايا فساد، وقد احتفظ بالكثير من مناصبه حتى أثناء تولي الخصم التقليدي لحزبه مقاليد الحكم، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في الفترة من 2000 إلى 2003. وإلى جانب علاقاته الجيدة مع الأحزاب والجهات البوسنية، يتمتع باكر أيضا بعلاقات قوية مع الكثير من الأطراف الأوروبية والأميركية.

أما والده علي عزت بيكوفيتش فكان من أشهر المناضلين والمدافعين عن المسلمين إبان حرب الإبادة التي تعرض لها المسلمون في البوسنة. كما أنه يعتبر الأب الروحي للفكر الإسلامي المنتشر في البوسنة، وقبله لم يكن للحراك الإسلامي في السياسة والنضال وجودا يذكر في تلك البلاد.