
تستعد بنجلاديش –الدولة ذات الغالبية المسلمة- إعادة المبادئ العلمانية إلى دستورها بعد حكم للمحكمة العليا يقضي بإسقاط تعديل كان قد أدخل بعد الانقلاب العسكري عام 1975 وألغى كلمة علمانية من نص الدستور.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه رئيسة وزراء بنجلادش الشيخة حسينة لكبح الأحزاب الإسلامية التي حاولت الترويج لرؤية أكثر تقشفا للمجتمع. واستأنفت المعارضة القومية والإسلامية هذا الحكم القضائي.
وقال شفيق أحمد وزير القانون والعدل في بنجلادش في وقت متأخر من مساء السبت إن البلاد ستعيد المبادئ العلمانية، مشيرا إلى أنه "في ضوء حكم المحكمة العليا فإن الدستور العلماني لعام 1972 في طريقه للإحياء".
وأضاف: "والآن ليس لدينا أي مانع للعودة إلى مباديء الدولة الأربعة وهي الديمقراطية والقومية والعلمانية والاشتراكية كما نادى النظام الأساسي للدولة عام 1972".
وهذه المباديء الأربعة مدرجة في الدستور الأصلي لبنجلادش الذي وضعه زعيم الاستقلال الشيخ مجيب الرحمن. لكن كلمة "علمانية" أسقطت في أعقاب انقلاب عام 1975 الذي قتل فيه مجيب إلى جانب أغلب أفراد أسرته ونجت ابنتان له بينهما الشيخة حسينة.
ومنذ توليها السلطة العام الماضي سعت الشيخة حسينة لأن تغلق واحدة من أصعب الفترات التي مرت بها البلاد وأن تحاسب المدانين في الانقلاب.
وأعدم الشهر الماضي خمسة رجال أدينوا بالضلوع في الانقلاب العسكري عام 1975.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي أيدت المحكمة العليا قرارا لمحكمة أقل درجة أعلن أن التعديل الخامس الذي أسقط العلمانية كمبدأ موجه للدولة باطل.
واستأنف حزب بنجلادش الوطني المعارض وحليفه القوي حزب الجماعة الإسلامية حكم المحكمة العليا.
وقال وزير القانون والعدل إن الشعب ستترك له حرية ممارسة العقيدة لكن لن يسمح له باستخدام الدين لأغراض سياسية، على حد وصفه.
لكن في الأشهر الأخيرة شهدت بنجلاديش سلسلة من الأحكام القضائية والقرارات الحكومية الموجهة ضد الأحزاب الإسلامية. ففي يناير الماضي حظرت المحكمة العليا استناد الأحزاب السياسية إلى الدين، وترتب على ذلك عدد من القرارات أهمها إلزام تلك الأحزاب بإسقاط كلمة "إسلام" من أسمائها والتوقف عن استخدام الشعارات الدينية في الحملات الانتخابية.
وتأتي تلك التطورات في إطار الصراع بين الشيخة حسينة ورابطة عوامي الحاكم من جهة، وبين الأحزاب القومية والدينية المعارضة، من بينها حزب بنجلاديش الوطني، وحليفه القوي حزب الجماعة الإسلامية.
وكانت شرطة بنجلاديش قد ألقت الأسبوع الماضي القبض على 300 شخص على الأقل في حملة على مستوى البلاد ضد من وصفتهم الحكومة بـ"متشددين ونشطاء إسلاميين"، بزعم تورطهم في أعمال عنف في الجامعات في الأسابيع الأخيرة أسفرت عن مقتل عدد من الطلبة وإصابة العشرات.
وقالت الشرطة إنه من بين المعتقلين أكثر من 100 من أعضاء الجناح الطلابي لحزب الجماعة الإسلامية في العاصمة دكا ومدينة تشيتاجونج في شمال البلاد؛ "للاشتباه في تورطهم بأعمال العنف"، وذلك بعد حملة تمشيط في جامعة راجشاهي بمدينة تشيتاجونج، بعد مقتل طالب في الجامعة يوم الإثنين 8 فبراير، زعم كلا الفريق انتماءه له.
وأثارت الاعتقالات احتجاجات عنيفة للإسلاميين في العاصمة دكا وعدة مدن أخرى الجمعة قبل الماضية، وأصيب فيها نحو 50 شخصا.