
اعتقلت السلطات المصرية الاثنين قياديين بارزين بجماعة الإخوان المسلمين، من بينهم نائب المرشد العام للجماعة محمود عزت وعضوا مكتب الإرشاد عصام العريان وعبد الرحمن البر. وتأتي الاعتقالات في بداية عام يشهد انتخابات حاسمة من المتوقع أن تشهد مواجهات بين الإخوان والحزب الحاكم.
وقال محامي الجماعة عبد المنعم عبد المقصود في تصريح نشره موقع "إخوان أونلاين" الناطق باسم الجماعة إن حملة الاعتقالات طالت، إضافة إلى القياديين الثلاثة، عشرة آخرين من كوادر الإخوان في محافظات القاهرة والأسكندرية والشرقية (دلتا النيل) وأسيوط (الصعيد-جنوب) والغربية (دلتا النيل).
وأكد مسؤول أمني طلب عدم ذكر اسمه هذه الاعتقالات مكتفيا بالقول إنهم متهمون بـ"الانضمام إلى جماعة غير مشروعة".
ومن جانبها، قالت الجماعة في بيان لها إن "هذه الاعتقالات لن تثنيها عن طريقها الذي اختارته من أجل نهضة الوطن"، وأنها "مستمرة في نضالها بكافة السبل السلمية المتاحة من أجل إطلاق الحريات ومواجهة الفساد ومحاربة الاستبداد".
وتابع البيان: "يتساءل الإخوان المسلمون الآن عن علاقة هذه الاعتقالات بما يدبر لقضية فلسطين وبدعم الإخوان الدائم للمقاومين ولأهل غزة المحاصرين وبما سوف تشهده مصر من حراك سياسي متوقع في المرحلة المقبلة من انتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية يجري الإعداد لها من الآن".
وهذه هي أول حملة اعتقالات للقيادات العليا بالجماعة منذ انتخاب المرشد الجديد محمد بديع في منتصف يناير الماضي. ورغم أن بديع بعث في خطاب ألقاه بمناسبة توليه مهام منصبه برسائل تهدئة وتطمين إلى النظام المصري، إلا أن المحللين يعتقدون أن الدعاية الكبيرة التي أحاطت بانتخابات المرشد العام ومجلس إرشاد الجماعة إضافة إلى اقتراب انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري (الغرفة الثانية للبرلمان) التي ستليها الانتخابات التشريعية، هما السببان الرئيسيان لهذه الاعتقالات.
وكان بديع قد قال في خطاب توليه منصبة كمرشد ثامن للجماعة: "إننا نؤمن بالتدرج في الإصلاح وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه، لذلك نرفض العنف وندينه بكل أشكاله، سواء من جانب الحكومات أو الأفراد أو المجموعات أو المؤسسات".
وأضاف: "أما موقفنا من الأنظمة القائمة في بلادنا، فنحن نؤكد أن الإخوان لم يكونوا في يوم من الأيام خصوما لها وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم"، مشيرا إلى أن الإخوان مع ذلك "لا يتأخرون في توجيه النصائح وتقديم الاقتراحات للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تتعرض لها بلادنا".
وأرجع المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للإخوان حمدي حسن هذه الاعتقالات إلى إعلان الجماعة الأسبوع الماضي قرارها خوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المقرر إجراؤها في إبريل المقبل. وقال: "نحن مقبلون على انتخابات مجلس الشورى ثم من بعدها انتخابات برلمانية والنظام يريد إعاقة جماعة الإخوان وعرقلة خوضها الانتخابات المقبلة".
واعتبر الخبير في شؤون الإخوان المسلمين الباحث حسام تمام أن "استراتيجية النظام في التعامل مع الإخوان قائمة على فكرة الضربات الجزئية المستمرة التي تستنزف طاقة الجماعة وتهز مفاصلها الرئيسية ولكن من دون أن تصل إلى مواجهة شاملة معها قد يكون لها كلفة سياسية لا يريد النظام أن بدفعها".
وأضاف: "هذه المرة يمكن ربط الاعتقالات بسببين أساسيين مباشرين الأول هو الأجواء التي أحاطت بانتخابات مكتب الإرشاد والمرشد العام والتي صاحبها نوع من الاستعراض الإعلامي الواسع الذي تمثل في إعلان البيعة للمرشد الجديد في مؤتمر صحفي كبير أمام ممثلي الصحف وكاميرات التلفزيون".
وتابع: "أما السبب الثاني فهو إجهاض أي تحرك جدي لخوض انتخابات مجلس الشورى التي تعد بمثابة تجربة لانتخابات مجلس الشعب". وكانت جماعة الأخوان التي أسسها الشهيد حسن البنا عام 1928، حققت اختراقا تاريخيا في الانتخابات البرلمانية المصرية عام 2005 بفوزها بـ20% من مقاعد البرلمان المصري، رغم التضييقات الأمنية ومزاعم التزوير.
وتعد الجماعة القوة المعارضة الأساسية في مصر وتحظى بتأييد قاعدة شعبية عريضة.